ريمة/ أحمد المحفلي
تمتاز محافظة ريمة بطقوسها الدينية ذات الروحانية العالية في شهر رمضان المبارك وهو ما يضفي على رمضان في هذه المحافظة أجواء طيبة وفريدة يخيم من خلالها الرضي في نفوس الكبار والفرح والغبطة في نفوس الصغار.
وبالطبع فمحافظة ريمة وفي مختلف مناطقها ومديرياتها لها عادات وتقاليد مرتبطة بشهر رمضان المبارك كما هو الحال في بقية محافظات الجمهورية لكن هناك أشياء ربما تتميز بها محافظة ريمة عن غيرها من المحافظات.
“الثورة” رصدت أجواء رمضان في محافظة.. فكانت الحصيلة التالية:
في مركز محافظة ريمة مدينة (الجبين) والقرى المجاورة وكذا في مديريات المحافظة الخمس الأخرى وهي ( الجعفرية – كسمة – مزهر – السلفية – بلاد الطعام ) وقراها تعارف الناس ومنذ عقود بعيدة على استقبال رمضان بالاهازيج والتوشيحات والأناشيد الدينية وترديد أبيات الترحيب بهذا الشهر الكريم والاستعداد لاستقباله بكل ما يلزم من حاجيات استهلاكية وترتيب للمنازل و تزيين المساجد ومجالس قراءة القرآن وتدراس كتب الفقه والسيرة النبوية وغيرها.
الشيخ عبد الغني البيته وهو احد الأعيان في مديرية السلفية سرد لنا بحديث شيق العديد من الأشياء الجملية والمتميزة التي تتفرد بها قرى ومديريات محافظة ريمة في شهر رمضان بقوله: في قرى ومناطق مديرية السلفية وغيرها من مديريات وقرى ريمة عامة يقوم الأهالي بالاحتفاء بشهر رمضان المبارك فيتم عمل مادة النورة البيضاء وتطلى بها جدران المساجد فتظهر بمظهر جميل يعكس مدى اهتمام الناس بالشهر الفضيل حيث تظهر للناظر المساجد في جميع القرى ومن مسافات بعيدة وهي بيضاء كما يتم تنظيف وتبخير المساجد بصورة كبيرة في رمضان ويزداد ارتياد المساجد لأداء الصلوات المفروضة وتزدحم بيوت الله بالناس عند أداء صلاة التراويح كما تقوم النساء بتنظيف المنازل وتزيينها لاستقبال رمضان ويقوم الرجال بتجهيز وتوفير المواد الغذائية وكل حاجات رمضان من مختلف الأطعمة فيطبخن النساء المشهيات من المأكولات كالشعير والبر البلدي والشام وإعداد ما يسمى بالشربة وموادها من حب القمح المهروش مع الحليب وتكاد أن تكون الوجبة الرئيسية في ريمة كذلك الفتة والمعصوبة وهي المعجونة بالسمن البلدي والعسل وتؤكل قبل المأكولات الباردة لدى الكثير من الناس مثل الشفوت وفتة اللحوح وهو المصنوع من الذرة المرهي كان فيما سبق يطحنونه عجيناً.
وعند الإفطار في المساجد يحضرون صحون الشفوت والتمر واللبن واللحوح وتراهم يتبادلون الصحون من منزل إلى منزل ويتسابقون إلى فعل الخير.
أما ما يتعلق بالجانب الاجتماعي فإنهم يخرجون بعد صلاة العصر لقضاء حوائجهم ويتزاورون فيما بينهم خاصة صلة الأرحام . وبعد الإفطار وصلاة يخرج الناس من المساجد وهم يرددون بصوت واحد أناشيد وموشحات دينية حتى يصلون إلى المجلس الذي يجتمع الرجال وهو مجالس الذكر ويقرأون القرآن الكريم والكتب الدينية مع تناول المشروبات الساخنة كالقهوة والشاهي والعصائر الرمضانية وهناك من يفضل تلاوة القرآن الكريم في منازلهم.
وأما الأطفال فتراهم يجوبون الشوارع مبتهجين بالشهر الكريم ويرددون الأهازيج الرمضانية منها مثلاً (يا رمضان يابو الحماحم وادي لنا قرعة دراهم) بمعنى أن رمضان يحتاج إلى صرفيات كثيرة أيضاً.. (يا مساء جيت أمسي عندكم يا مساء واسعد الله المساء) ويدقون الطبول وقد اختفت هذه العادة أو كادت بسبب ظهور الراديو والتلفاز وتغيرت الأفكار والتقاليد والعادات حتى لدى الكبار .
أما محمد حسن الوقيدي من أبناء مديرية بلاد الطعام فقد قال في حديثه إلينا عن أجواء رمضان في بلاد الطعام والمناطق المجاورة لها من ريمة: عندما يحل علينا شهر رمضان المبارك تكون له في مديرية بلاد الطعام وما جاورها من محافظتنا الحبيبة أجواء فريدة جداً تميزها العادات والتقاليد الرائعة والأكثر من رائعة والتي يقوم بها السكان كل ليلة من ليالي الشهر الكريم وخاصة فيما يسمى بديوان القرية والديوان مجلس كبير يجتمع فيه أبناء القرية وكذلك القرى المجاورة.. فيحضر الآباء والأجداد والعقال والمثقفون وعامة الناس وفي أول ليلة يحددون برنامجهم الديني والثقافي والذي سيقيمون به ليالي الشهر ويتمثل في تحديد كتب الحديث والفقه وفي المقدمة طبعاً القرآن الكريم الذي يفتتحون به جلستهم كل ليلة حيث يقرأ كل شخص من الحاضرين مقطع من القرآن يلي ذلك الدعاء الطويل بالخير والبركة يؤديه عادة الواعظ أو إمام المسجد الذي يكون حاضراً دوماً أو أكبر الموجودين في المجلس يلي ذلك قيام الواعظ أو الكبير في القرية بفتح كتاب الفقه أو سيرة الرسول الأعظم عليه وعلى آله أفضل السلام والسلام ويقرأ على الحضور أجزاء منها والجميع ينصت باهتمام ويتخلل القراءة الشرح لما يقرأ وهناك من يطرح على الفقيه بعض الأسئلة حول ما يقرأ حتى يعرف تفاصيلها وهذا وبين كل فينة وأخرى يردد الجميع بصوت جماعي الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (اشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . استغفروا الله … نسألك الجنة ونعوذ بك من النار … اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنا).
فيما القهوة والمشروبات الرمضانية تسكب للجميع بين فترة وأخرى وتستمر المدارسة والاستماع حتى الساعة الثانية صباحاً أو أقل من ذلك عندها يغادر الجميع إلى منازلهم لتبدأ ربات المنازل والأمهات بإعداد طعام السحور وهكذا.. كما أنه في بعض الليالي نجد الجميع في المجلس يرددون الأناشيد والتوشيحات بصوت جماعي ومنها ( يارب صلي على من صدره بالنور مشروح … المصطفى محمد حبيب القلب والروح).
كما يكون شهر رمضان المبارك في كل القرى والعزل موسم طاعات يقضيها الجميع فكل الأوقات تكون في الأذكار والاستغفار وتبادل المنافع والحاجات بين الناس .. ومنها لبن الأبقار والسمن والعسل والبن وغيرها حيث نجد الجار يقدم لجاره ما يعينه على تلبية حاجيات رمضان الاستهلاكية وما تزال ظاهرة التكافل والآثار موجودة في القرى والأرياف في محافظة ريمة .
أيضاً من العادات القديمة جداً والتي لا تزال موجودة في الكثير من القرى وهي عادة (المسحراتي) كما يعرفه الجميع وهي أن يجول شخص أو أكثر بين شوارع ومنازل القرية لإيقاظ الناس لتناول طعام السحور وصلاة الفجر حيث يرددون (يا نايميين .. سحور سحور).
Prev Post