عرض/ وائل شرحة –
لم أخرج من المنزل يوما◌ٍ بمفردي ..ويوم خرجت كان الأمر اضطراريا◌ٍ لألبي رغبات زوجي المصاب بمرض نفسي ,الذي ألزمه الفراش لفترة طويلة من الزمن ..حاولت أن أوفر له كل ما أستطيع من المأكولات , في ذات يوم قال لي بأنه يشتهي عصير الأناناس فخرجت حبا◌ٍ له ولأوفر له ما يريد¡ تاركة له ملقيا◌ٍ على الفراش وسط تلك الغرفة الصغيرة بحجمها والممتلئة بالسعادة والحب فيما بيننا ,بغض النظر عن معاناتنا في توفير متطلبات الحياة الأساسية.. وعند العودة وجدت البيت مغلقا◌ٍ من الداخل, لم تستطع دقات الباب وصوتي الذي ارتفع في أرجاء القرية أن يوقظه من نومه العميق, تجمع الجيران وحاولنا كسر الباب لنجد جزءا◌ٍ من عنقه انفصل عن جسده المرمي وسط المكان .. منذ تلك الحادثة لم يفارقني الحزن والألم وذلك المنظر البشع الذي كان عليه.
(ف,ط) كان زوجها يستثمر وقته في سقالة سلاحه الأبيض “الجنبية” ..ليوهم زوجته بأن السلاح الشخصي له دور فعال في الدفاع والحفاظ على كرامة الإنسان, ليكون السلاح الأبيض سبب رحيله إلى دار الآخرة والزج بزوجته خلف القبضان لعشر سنوات..
(ف,ط) لم تكن تعلم بأن ذلك السلاح سيجعلها تمكث في السجن لمدة عشر سنوات لتتحمل ألم فراق زوجها واتهام أهل زوجها لها بقتله¡ ليس هناك من يساعدها على إيفاء الدية التي حكمت بها المحكمة عليها مع التنازل عن ممتلكات زوجها الراحل.
(ف,ط) تقول: لم أتخيل يوما◌ٍ أن أكون متهمة بقتل شخص ما فما بالكم بمن تقاسمت معه رغيف العيش وعشت معه أحلى وأقسى الأيام¡ ولو عادت عقارب الساعة إلى الخلف¡ وعدت إلى تلك اللحظة التي تغلب علي طاعته وخدمته وهو يعاني تلك الحالة النفسية الصعبة.. وذهبت لأوفر له ما يريد لما كنت أعاني الآن من مرارة الفراق والمكوث في السجن بتهمة قتل أغلى شخص عندي.
لم تنس (ف,ط) زوجها ومواقفه النبيلة منذ أن تزوجها .. ولم تزل منذ ثماني سنوات خلف جدران السجن المركزي بصنعاء في حالة من الوحشة والوحدة والألم والترقب في انتظار النهاية التي تكمن في دفع الدية البالغة (750.000) ريال والتنازل بذلك المنزل الصغير المتواضع لأهل زوجها.
قد يعجبك ايضا