يوميات صائم.. المفطرون في رمضان

عبدالفتاح علي البنوس
في مشهد رمضاني تداخلت فيه لحظات الضحك بالحسرة والأسى, أبطال هذا المشهد أربعة ثلاثة على متن دراجة نارية والرابع يجري مسرعا وسنطله بيديه والثلاثة يتعقبونه ظننته سارقا ولكن مع اقترابه مني أدركت بأنه يعاني من حالة نفسية حيث يبدو عليه ذلك من خلال ملامحه ولبسه وشكله توقف الثلاثة الذين يلحقونه وسألتهم لماذا تطاردوه ماذا صنع? فرد أحدهم هذا فاطر شفناه بيأكل سنبوسة وأول ما شافنا هرب فقلت لهم يعني أنتم تطاردوه لأنه فاطر فقط? قالوا نعم فأخبرتهم بأنه مريض نفسي ولا حرج عليه مادام على هذه الحالة الصحية أن يفطر فهو يعد نصف مجنون ولا حرج عليه في أن يفطر ,تأسفوا له وطلبوا منه مسامحتهم وغادروا , في الوقت الذي كان فيه هذا الشاب المريض يرتعش من الخوف اشتريت له ماء وطلبت منه الهدوء والراحة قليلا وأن لا يقلق ويخاف, شرب الماء وغادر المكان وهو يتلفت يمينا ويسارا.
هذا المشهد الذي حصل أصابني بالحسرة والأسى على حالة ذلكم الشاب وردت الفعل المتعجرفة للشباب الثلاثة والتي أرعبت ذلكم الشاب المريض وعلى الفور تساءلت لو أن كل فاطر تعرض لمثل هذه الملاحقة يا ترى كم يا فتن ومشاكل ستحصل وكم يا دماء ستسيل وكم يا أرواح ستزهق في حين أن ديننا الإسلامي لم يأمرنا بالتعامل بمثل هذه الغلظة والقسوة , وخصوصا في ظل كثرة من يفطرون في نهار رمضان من الشباب المعاقين دينيا وإيمانيا وبالتحديد أولئك الذين يفطرون على مرى ومسمع الناس دونما مراعاة لحرمة الصيام ومشاعر الصائمين والذين يرون في هذا العمل بطولة وقوة وعدم خوف وعسارة لا قبلها ولا بعدها ,أما أولئك الذين يفطرون بعيدا عن أعين الناس فحكايتهم حكاية فالبعض لا يطيب لهم الأكل والشرب إلا في حمامات المساجد والبعض في وسط الحقول الزراعية وهناك من يصعدون الجبال ومن يقطعون مسافات طويلة للتواري عن أعين الناس ومن يعتلون أسطح المنازل ويدخلون البيوت المهجورة من أجل الإفطار بمنآى عن أعين الناس وكأن الناس هم من سيحاسبهم ويعاقبهم ويدخلونهم الجنة أو النار وهنا قمة الحمق, فالله مطلع على حركاتهم وسكناتهم وهو من ينبغي عليهم الخوف منه ومن عقابه وعذابه أما المخلوق فلا يضر ولا ينفع ولا يقدم ولا يؤخر ولكن من (يقرأ لعريج خطها )ومن يفهم هؤلاء (المخسوفين ) و(السامجين ) و(كبيري البطون ) بأن الله الرقيب الحسيب??!!
بعضهم ( دبوره ) ماركة مسجلة بأسمائهم , فهذا يفطر بشرب السيجارة بحجة أنه لا يستطيع الصبر بدونها , وآخر يفطر بشربة ماء واحدة فقط ,وآخر يفطر من أجل القات حيث يظل مخزنا حتى الصباح ومن ثم ينام حتى المغرب ويحسب نفسه من بين الصائمين وفي المسجد يزاحمك على الفطور وقد يزاحمك على الصف الأول في صلاة المغرب ,وآخر يفطر بقتل أخيه المسلم على خلاف عابر أو نزوة عابرة ويكثر هؤلاء خلال العشر الأواخر وكأنهم يتقربون إلى الله بهذه الجرائم البشعة ,فمتى يعي هؤلاء ومن على شاكلتهم بأن الصوم لله عز وجل ووعد الصائمين بالعطاء الجزيل رحمة وشفقة منه جل في علاه بنا وإلا فهو لا يحتاج إلى صلاتنا وصيامنا وعباداتنا ولا تنفعه طاعة من أطاعه ولا تضره معصية من عصاه ونحن من علينا أن نحرص على اغتنام هذا الشهر والفوز بالأجر والثواب الذي يمنحه الله للصائمين والخاسر كل الخسارة من أفطر في رمضان بدون عذر وفاته رمضان ولم يغفر الله له ذنوبه .
يستحي المرء من أطفال دون سن الرشد بكثير وهم يصومون رمضان بإصرار شديد رغم التعب والمشقة عليهم في الوقت الذي نشاهد فيه شبابا ورجالا الواحد منهم( يتقسم إلى ثلاثة أوادم ) وهم يفطرون في نهار رمضان بكل جرأة ووقاحة وقلة حياء ولهؤلاء نذكرهم( بأن الحياء من الإيمان ) وأنه إذا رفع احدهما رفع الآخر وبأنه (لا إيمان لمن لا حياء له )فكيف بكم وأنتم لا تستحون من ربكم وتفرطون في ركن من أركان الإسلام ,خسارة ما بعدها ولا مثلها خسارة .
صوما مقبولا وذنبا مغفورا وافطارا شهيا.

قد يعجبك ايضا