في حضرة الشهر الكريم.. في معاده الأزلي ..

جمال الظاهري

يأتينا بخفة ظله، وغزير عطاياه يغرقنا بركات .. يتلمس حاجاتنا .. يمسح عنا وعثاء السفر الطويل .. يتحف قلوبنا بهداياه الغالية، ويشعل شموع الملونة ليبهج الأفئدة المتحسرة .. يوقظ العقول الغافلة .. ينشر عبير النشوة يعرض علينا بضاعته الثمينة .. في حضرته لا اشتم غير عبيره .. يهزني ندائه إصحا يا نايم .. ما أكرم السماء وقت الغروب، وكم هو سخي في ساعات السحر، وكم أحب تلك اللحظات المزدحمة في أسواقه عصر كل يوم، وكم أحب فرحتي بفطوري، وكم أحن إليك قرآني.
إلهي المجيد في علاه كيف لي بالرحيل إليك؟ كيف أعقد صداقتي مع شهرك الكريم؟ كيف أصافح أخي واقبل زلاته؟ كيف أغرس سجايا شهرك بعد رحيله؟ كيف لي أن أزيل دمعته الحسرى علىنا؟ كيف أداوي ألمه على حالنا؟ كيف نتخلص من بضاعات تجارنا الفاسدة؟ كيف لا نرى نظرة الألم في عينيه؟،لا بد أنه يعلم أننا مخطئون.. مخطئون في حق أنفسنا.. مخطئون حين لا نرى غير أنانيتنا.. مخطئون حين لم نستفد من دروسه.. مخطئون حين نكابر بادعاء الصلاح وننكر ما لغيرنا من مزايا وحقوق.. مخطئون حين نفسد حياتنا الأبدية برغباتنا الدنيوية.. مخطئون حين نبني قصورنا على أشلاء الأرامل والضعفاء.. مخطئون حين لا نقول كفى لمن سرق خبزنا .. مخطئون حين نقبل سوقنا كقطيع يراق دمه على مذبح الطموح الأناني .. كيف لا يتألم وهو يرانا نتخبط في ظلمة الغفلة .. كيف لا يتألم وثلث الرحمة قد غادرنا دون أن يرى أثره علينا.. لا بد أنه يتعجب لماذا اشتقنا إذن إليه!، لماذا هللنا بقدومه لماذا لم نعطه حقه من الكرامة وواجب الضيافة اللائقة.. أمور كثيرة في هذا العام أغلبها قهرية وأخرى من ذواتنا تقصير وعدم مبالاة .. نسأل الله أن يعوض من فاته الربح في العشر الأول أن يعوض في الثلثين الأخيرين.
المؤكد في هذه الظروف القاسية والحياة الصعبة أن لكل شخص قصة حزن بداخله, أو حكاية يصعب البوح بها, فهناك من عانى من ممارسات أشخاص أحبهم أو مازال يعاني وشخص تعب من التضحية.. دون نتائج، وشخص يبكي كل يوم على أشخاص رحلوا من الدنيا، وشخص يعاني من الغربة حتى وهو بين أهله, وأشخاص يقرأون هذا الكلام ليجدوا أنفسهم.. في بعض السطور هي الدنيا.. ولهذا سميت دنيا.. فقط خذ نفسا عميقا .. وقل “الحمد لله “

قد يعجبك ايضا