نيويورك / سبأ:
أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إن مشاورات السلام اليمنية التي انطلقت في الكويت منذ شهرين تتقدم بثبات وإن بخطوات حذرة وبطيئة .. مشيراً إلى أن الأسابيع الماضية لم تتورع في طرح مسائل شائكة ومعقدة.
وقال المبعوث الأممي خلال مشاركته في جلسة لمجلس الأمن الدولي عبر الأقمار الصناعية لإحاطته بتطورات المشاورات” أن أجواء المشاورات تميزت بالإيجابية حيناً والحذر حيناً آخر، كما شهدت تطورات في العديد من الأحيان وركوداً في أحيان أخرى “.
وأضاف ” إن المشهد العام في اليمن يظل إيجابياً وإن تخللته صور قاتمة، كما أن المشاورات تتقدم بثبات وإن كان بخطوات حذرة وبطيئة” .. مؤكدا أن الأطراف المشاركة في المشاورات أبدت في الأسابيع الماضية حرصاً حقيقياً على إحلال السلام وحكمة سياسية في مشاورات لم تتورع عن طرح مسائل شائكة ومعقدة.
وتابع ” لقد لاحظنا في الفترة الماضية إجماع الطرفين على ضرورة التوصل إلى حل سلمي ينهي النزاع في اليمن وقد اجتمعت الأطراف وجهاً لوجه في جلسات عديدة وأجمعت على وجود أرضية مشتركة صلبة يمكن البناء عليها كما تم إطلاق سراح مجموعات كبيرة من الأسرى والمعتقلين، فيما أفسح وقف الأعمال القتالية المجال للمنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات إلى مناطق لم تكن تصل إليها من قبل “.
وأوضح المبعوث الأممي أن المشاركين تطرقوا إلى أكثر المواضيع دقة وحساسية في جلسات مصارحة لم يجروها من قبل في حين تخلل جداول الأعمال مقترحات مطولة عن المرحلة السياسية المقبلة ومنها الانسحابات العسكرية والترتيبات الأمنية وتسليم السلاح، إضافة إلى مواضيع سياسية شائكة وسبل تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين.
وأشار إلى ” أنه بعد محادثات مكثفة مع الطرفين استمعت خلالها بتمعن لوجهات نظر المشاركين ومخاوفهم وتقدمت بمقترح لخريطة طريق تتضمن تصوراً عملياً لإنهاء النزاع وعودة اليمن إلى مسار سياسي سلمي “.
وبين ولد الشيخ ” أن هذا التصور يتضمن إجراء الترتيبات الأمنية التي ينص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2216 وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد اليمني “.
وقال ” إن حكومة الوحدة الوطنية ستتولى بموجب هذه الخريطة مسؤولية الإعداد لحوار سياسي يحدد الخطوات التالية الضرورية للتوصل إلى حل سياسي شامل ومنها قانون الانتخابات وتحديد مهام المؤسسات التي ستدير المرحلة الانتقالية وإنهاء مسودة الدستور” .. مشدداً في هذا الصدد على ضرورة أن يتضمن الحوار السياسي مشاركة النساء والشباب وكذلك جميع القوى السياسية .
ولفت إلى أن خريطة الطريق تنص على ضرورة إنشاء آليات مراقبة وطنية ودولية لمتابعة ودعم تطبيق ما ستتوصل اليه الأطراف من اتفاقيات .. مؤكدا أن الأطراف تعاملت بشكل إيجابي مع المقترح وإن كانت لم تتوصل بعد إلى تفاهم حول كيفية تزمين وتسلسل المراحل .
وأعرب عن أمله في دعم الدول الأعضاء في المنطقة ومجلس الأمن الدولي لتحفيز الأطراف على تخطي الفوارق والعمل على تقوية الأرضية المشتركة وإبراز حسن النية.
وتحدث المبعوث الخاص للأمم المتحدة عن وقف الأعمال القتالية الذي بدأ العمل به في العاشر من أبريل الماضي .. مؤكداً أنه لا يزال سارياً في عدة مناطق في اليمن كما لا يزال دور لجنة التهدئة والتواصل ولجان التهدئة المحلية جوهرياً في تهدئة وردع الخروقات الحاصلة.
واستدرك قائلاً ” إلا أن هذه اللجان لم تتمكن من إيقاف خروقات خطيرة “.. داعياً مجلس الأمن إلى الضغط على الأطراف من اجل احترام التزاماتها بوقف الأعمال القتالية واحترام القانون الانساني الدولي وحماية المواطنين.
وأشار إلى أن فريق عمله يدعمه الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وتركيا وهولندا وأنه يقوم بمجموعة مبادرات تساعد على دعم وتحفيز أعضاء اللجان بهدف تثبيت وتهدئة الوضع الأمني .
وذكر ولد الشيخ في هذا الصدد أن من بين مبادرات الفريق تنظيم ورش عمل لبناء قدرات أعضاء لجان التهدئة المحلية في عدة محافظات .. لافتا إلى وجود جهود تبذل حالياً على توسيع هذه الدورات في الأسابيع المقبلة لتشمل جميع أعضاء لجان التهدئة المحلية في مختلف المناطق.
وتناول مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن الوضع الاقتصادي .. وقال ” إنه بالرغم من كل الأمل الذي تحمله مشاورات السلام المنعقدة في الكويت فإننا لاحظنا تراجعاً كبيراً في الأوضاع المعيشية في اليمن يعود أساساً الى تدهور الخدمات الأساسية “.
وأوضح أن ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء في عدن والحديدة وأماكن أخرى زادت من حدة الأزمة الصحية وأدت إلى حالات وفاة كان من الممكن تفاديها .
وبين أن الاقتصاد اليمني شهد تراجعاً خطيراً في الأشهر الأخيرة حيث انخفض الناتج المحلي الاجمالي منذ بداية عام 2016م بما يزيد على 30 بالمائة .. موضحا بهذا الصدد أن البنك المركزي اليمني لا يزال يؤمن استيراد بعض المواد الأساسية كالقمح والأرز والأدوية لمواجهة هذا التطور الخطير، إلا أن ذلك سيكون صعباً في الأشهر القليلة المقبلة مما سيكون له أثر سلبي على الوضع المعيشي للفئات المستضعفة.
وقال ” إنه في هذا الاطار ينسق فريق عملي مع البنك المركزي والدول الأعضاء لإيجاد حلول عملية سريعة تحد من تدهور الاقتصاد ” .. مشيراً إلى اجتماعه مؤخراً مع (وزير المالية في حكومة الفار هادي) ومحافظ البنك المركزي وبحثه معهما آليات للحد من تدهور الاقتصاد وتردي الوضع الانساني.
وشدد على أن الحالة الانسانية في اليمن صعبة جداً .. مشيراً إلى تقارير المنظمات والجمعيات التي تحذر من كارثة انسانية إذا لم يتم تدارك الوضع.
وبخصوص الشأن الإنساني رحب المبعوث الأممي بإجراءات الإفراج عن الأسرى والمعتقلين التي جرت منذ بداية شهر رمضان بناء على توصيات لجنة الأسرى والمعتقلين التي تم إنشاؤها ضمن مشاورات الكويت والتي تعمل على وضع بيانات بأسماء المعتقلين لضمان تبادلهم.
كما رحب بالإفراج عن 54 أسيرا بالتنسيق مع التحالف والصليب الأحمر ومنظمة (اليونيسف) وكذلك إفراج أنصار الله عن أكثر من 400 من الأسرى والمحتجزين خلال الأسابيع الماضية.
وطالب جميع الأطراف بالإفراج غير المشروط عن جميع المعتقلين وكذلك الفئات المستضعفة ومن يعانون ظروفاً خاصة كالجرحى والمرضى، فضلا عن الأشخاص الذين أشار إليهم قرار مجلس الأمن 2216 .
واعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة أن اليمن حالياً على طريق السلام ولكن كل خطوة ناقصة وكل يوم يمر دون التوصل إلى إتفاق يزيد من معاناة اليمنيين .. معولاً على التزام الأطراف بتسريع الوتيرة وتجاوز التحديات للتوصل إلى حل سلمي شامل بأقرب وقت ممكن.
وأوضح أن اليمنيين يتابعون مستجدات مشاورات السلام في الكويت بأمل كبير وصبر أوشك على النفاد .. مشدداً على ضرورة أن يدفع الدعم الدولي غير المسبوق الفرقاء اليمنيين إلى إنهاء معاناة الشعب اليمني وتخطي العقبات والمخاوف والتوصل إلى إتفاق سياسي شامل.
وقال “لا بد أن ندرك أن أي اتفاق يتوصل إليه المشاركون لن يشكل إلا خطوة متواضعة في مسار السلام وسوف يشكل تطبيقه التحدي الأكبر والأبرز ” .. داعياً مختلف الأطراف إلى تحكيم ضميرهم الوطني والسياسي لضمان التطبيق بما يخدم المصلحة الوطنية.
كما أكد المبعوث الأممي “أن اتفاق السلام الذي نسعى إلى التوصل إليه سيعيد الأمن الى اليمن ويشكل بارقة أمل للشرق الأوسط الذي يعيش تجاذبات سياسية إقليمية ودولية “.
وأضاف ” إن الكرة الآن في ملعب الأطراف المشاركة وعليها تحمل مسؤوليتها وإيجاد حل سياسي للمخاوف العالقة والتي تتمحور في معظمها حول تزمين المراحل وتسلسلها “.
وطالب الأطراف اليمنية بتغليب المصلحة الوطنية والتحلي بالشجاعة السياسية وتقديم التنازلات بهدف التوصل إلى إتفاق شامل وكامل يحفظ أمن البلاد.
وشدد على أن دعم مجلس الأمن يلعب دوراً جوهرياً في تقدم المشاورات .. معرباً عن تقديره للدعم الاستثنائي لجهود الأمم المتحدة وجهود الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية .
وعبر المبعوث الأممي عن شكره لسمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على استضافة مشاورات السلام اليمنية وعلى الجهود التي وصفها بالجبارة التي تبذلها دولة الكويت حكومة وشعباً لعقد هذه المشاورات وتقديم كل التسهيلات لها.