الأعراب وفضيحة الأمم المتحدة
أحمد عبدالله الشاوش
إن ترشيح دولة الاحتلال الإسرائيلي لرئاسة اللجنة القانونية لمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة يؤكد مجدداً أن الأمم المتحدة أكبر راع للإرهاب وابعد ما يكون عن محاربته ، بعد أن اعتلى منبر العدالة أحد سفاحي الاحتلال الإسرائيلي الذي تشرّب وتشبّع من دماء الأطفال والنساء والشيوخ ليصيغ بحبر الأبرياء قوانين البراءة ويمضي في دهاليز الطغيان الاممي جلاداً ومخبراً ومفتياً وقاضياً للإرهاب الدولي الذي صنع في تل أبيب منذ عام النكسة 1948م بمباركة دعم بريطانية وأمريكية لإعطاء مجموعة من السفاحين والوحوش أرضاً مغتصبة بعد القتل والتدمير والحرائق والاعتقال والتهجير والتشريد والطرد أمام مرآى ومسمع ومساندة قوى الإرهاب الآنفة الذكر.
ورغم ذلك السقوط الاممي والعدالة المجروحة والمعاناة الإنسانية وحالة الافلاس والطغيان والغرور ونزيف البشر في كل شبر من المعمورة ، إلا أن مواقف حكام وملوك وأمراء العرب أشد وأنكى من صهاينة العصر وأقبح وأرخص من بيوت الدعارة المشهورة بالابتذال ، بعد أن اختزلت كل قواميس السقوط الإنساني والمتاجرة والتآمر على شعوبها ، لاسيما بعد التصويت الأخير لصالح الجزار الاسرائيلي ومنحه صكوك الشرعية الدولية لذبح ما تبقى من الشعوب وتدمير الأمن القومي العربي من قبل أربع دول عربية جسدت دور كبير المنافقين ” عبدالله ابن أبي ” وصارت في حكم المنخنقة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع .
ومن المؤسف والمخزي والمخجل أن يتم تصويت بعض رؤساء وملوك وأمراء العرب للسفاح الإسرائيلي عيني عينك في نغمة تحدٍ للشعوب المكلومة الذين تاجروا بها في كل المحافل الدولية ونهبوا ثرواتها وانتهكوا حرماتها حتى صار العربي والمسلم مسجل خطر وأكثر شبهة في كل مطارات وموانئ وشوارع العالم ، وجاء التصويت ” تعميداً” ورخصة لاستمرار مسلسل القتل والاغتيالات اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني وملاحقة الوطنيين في كل دول العالم بكل وقاحة وفجور .
فالجلاد الاسرائيلي الذي حظي بتزكية المنحرفين من الإعراب ودول العالم سيعمل منذ الدقائق الأولى على تضييع كل الحقائق التي تدين الكيان الصهيوني بالإرهاب في حين سيسارع إلى تظليل العدالة الدولية مهما كانت تقارير الإدانة ضد تل أبيب أو الخمسة الكبار بمجلس الأمن وسوف ينتهج فتاوى ونصوص وتفسيرات قانونية للبراءة وتلفيق تهم لقيادات وشخصيات وأحزاب وجماعات لا تسبح بحمد تل أبيب أو تحج إلى البيت الأبيض أو تعمل على تقييدها ضد مجهول كما دأبت عليه أجهزة الأمن العربية.
ومن العار أن يحدث ذلك التصويت المشين والتطبيع المذل المرتبط في تصوري بالخيانة العظمى لما تبقى من الأمن القومي العربي ، لمخالفتة الدساتير والقوانين والمبادئ والقيم والأعراف والتقاليد التي نقشت في قلوبنا وعقولنا للوقوف ضد الظالم والمعتدي والمستعمر ..
وأكثر ما يدعو للألم والحزن أن يحدث هذا الارتهان والسقوط السياسي والدبلوماسي المريع في غياب تام للعسكريين الشرفاء الذين خاضوا معارك طاحنة ضد العدو الاسرائيلي عبر مراحل التاريخ وقدموا آلاف الشهداء والجرحى ، وأكثر حيرة غياب وتغييب الأقلام الشريفة واختفاء أصوات المثقفين والسياسيين والدبلوماسيين والأحزاب والمنظمات والغيبوبة الشعبية للتعبير عن الغضب والرفض من خلال تسيير مظاهرة أو احتجاج للتبرؤ من تلك الجريمة ” العار ” رغم أن أولئك الصفوة مازال لديهم كرامة ويرفضون الانقياد والخضوع لوحوش المجتمع الدولي ..
أما العلماء ورجال الدين من المتأسلمين الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً والمنابر حديثا وصدروا الفتاوى السياسية المشبوهة وعملوا ببعض الكتاب ونشروا الفتن وبرمجوا آيات الجهاد والنكاح والضرورة وخلطات الحريو وفرضوا طاعة الحكام في دول الخليج و الخروج والثورات على حكام آخرين في دول أخرى رغم أنهم شركاء بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الحكم والفساد والثروة والعقارات وتغذية التطرف والتشدد وفرخوا جماعات العنف لحصد جماجم الأبرياء وآخرها ما حدث في أمركا وفرنسا بعد أن تشبعوا بالدم العربي ، فالضرب في الميت حراااام !!؟
وأخيراً رحم الله الزعيم جمال عبدالناصر وكل الشرفاء الذين لم تتلطخ أياديهم واصواتهم واقلامهم وفتاويهم أولئك النجوم وماتبقى من الكواكب ومن اهتدى بالشريعة الإسلامية السمحاء والمثل الإنسانية الراقية المجسدة لحب الاوطان والحفاظ على سيادتها وبناء الإنسان ورفض الارتهان ، ولانامت أعين المطبعين والمطبلين اللاهثين وراء كراسي ” الافك ” ومستنقع السلطة وسيناريو العمالة والارتزاق.