القانون الذي‮ ‬كتبه أطباء لا‮ ‬يتناولون القات



❊ .. ‬لسنوات تاه قانون المؤجر والمستأجر داخل البرلمان ولم‮ ‬يعثر عليه إلا بعد أن بلغ‮ ‬من العمر عتيا وأصبح هرما‮ ‬يحتاج إلى من‮ ‬يقف جواره ليسنده في‮ ‬السير وحين تمت الموافقة عليه خرج إلى العلن دون لائحة‮ ‬‮ ‬وقانون بلا لائحة معناه حروف على ورق وليس هناك من‮ ‬يمتلك القدرة على تفسير القانون والعمل به للفصل بين المتقاضين ولتنظيم العلاقة الشائكة بين طرفي‮ ‬المعادلة‮ .‬
والأكثر توعكا قانون تنظيم وحمل السلاح والذي‮ ‬مازال في‮ ‬وضع الاختفاء القسري‮ ‬دون أن‮ ‬يبحث عنه أحد أو‮ ‬يسأل عن صحته قريب أو بعيد وقد بلغ‮ ‬من العمر عقداٍ‮ ‬ونصف والأرجح أن‮ ‬يكون ميتا دون دفن‮ .‬
وحالياٍ‮ ‬أدخل قانون جديد إلى السجن الاختياري‮ ‬‮ ‬فبعد أن وجد قانون الحد من تجارة القات صدى وانتشاراٍ‮ ‬وابتهاجا تم تجهيزه للدفن وذابت جهود لجنة الصحة والسكان كما‮ ‬يذوب جليد فرجينيا‮ .‬
وبصوت ونبرة‮ ‬يائسة تحدث مقرر لجنة الصحة والسكان في‮ ‬مجلس النواب الدكتور سمير خيري‮ ‬رضا إلى محرر الصفحة البرلمانية وقال إن مشروع القانون لقى مصير المشاريع المتعثرة داخل القاعة ولا علم لديه متى‮ ‬يعود للنقاش أو المصادقة‮ .‬
وكان سمير خيري‮ ‬النائب المؤتمري‮ ‬قد‮ ‬غظ الطرف عن توجهه السياسي‮ ‬كعضو في‮ ‬المؤتمر الشعبي‮ ‬وانسجم بعمل واجتماعات مكثفة مع رئيس اللجنة الصحية الدكتور نجيب‮ ‬غانم ذي‮ ‬التوجه الإصلاحي‮ ‬ولأشهر سبقت تقديم المشروع لم تكن ترى أحدهم حتى‮ ‬يبدو لك الآخر وكانا‮ ‬يتبادلان الكلمات والنقاش المؤشرة عن وجود أمر ما‮ ‬يتم التحضير له‮ .‬
وللعلم تعثر المشروع رغم أنه ليس مباشرا في‮ ‬معالجة الظاهرة التي‮ ‬تعيق تفرغ‮ ‬اليمنيين لأعمالهم وتهدر ثروتهم المائية المتكونة عبر آلاف السنين‮. ‬ووفقاٍ‮ ‬للدكتور رضا فقد تم تخفيف حتى التسمية للمشروع ليصبح مشروع قانون معالجة أضرار القات بالتدرج والتعويض‮ ‬‮ ‬في‮ ‬اعتقادي‮ ‬أنه تم التعامل مع مادة القات كما لو كان إنسانا له حقوق منتهكة وعليه واجبات مقصرا فيها ويحتاج الأمر فقط لمعالجة‮ .‬
وكان المشرعون أكثر لطفاٍ‮ ‬وهم‮ ‬يحاولون تعريف القات وبعد مداولات وجدل خرجوا بالآتي‮ :‬
القات هو النبات المتداول في‮ ‬اليمن بشكل واسع ذو الأوراق الخضراء والمستخدم بغرض المضغ‮ ‬عن طريق الفم‮ .‬
يبدو التعريف كما لو أنه‮ ‬يتحدث عن البصل أو الثوم أو نبات آخر كثير الفوائد للبشر‮ ‬‮ ‬لم‮ ‬يذكر أي‮ ‬تلميح إلى وجود مضار له‮.‬
أبرز صائغي‮ ‬المشروع لا‮ ‬يتناولون القات ومع ذلك فقد أظهروا له احترما أكثر مما‮ ‬يفعل متناولوه وتم وضع الأهداف من المشروع بوداعة‮ ‬فالهدف الأول توحيد وتنسيق الجهود الرسمية والشعبية لتخفيض متعاطي‮ ‬القات وتوعية المجتمع بالأضرار الاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية الناتجة عن التعاطي‮ ‬وحماية الأطفال والشباب والنساء من متعاطيه مع العمل قدر المستطاع على تخفيض عدد متعاطيه‮ ‬‮ ‬وحماية المجتمع من الاستخدام المفرط للقات مع التدرج في‮ ‬معالجة تلك الأخطار وتقديم التعويضات المالية والفنية والإرشادية اللازمة لمزارعي‮ ‬القات الذين‮ ‬يتخلصون من زراعته وتأمين البدائل الاقتصادية لهم‮ .‬
وهناك هدف‮ ‬يمتلئ‮ ‬غرابة وتكاليفه لاحدود لها وهو تقديم الرعاية والعون الاجتماعي‮ ‬والطبي‮ ‬للحالات المرضية الناتجة عن تعاطي‮ ‬القات‮ .‬
ويقول سمير خيري‮ ‬إن العمل لم‮ ‬يكن سهلاٍ‮ ‬وقد حاولت اللجنة مراعاة كل الجوانب وكان لديها‮ ‬يقين أنها تعد مشروعاٍ‮ ‬عن مادة صارت جزءاٍ‮ ‬من الروتين اليومي‮ ‬للناس‮ ‬‮ ‬وهو ربما ما‮ ‬يفسر التدرج في‮ ‬التناول للمشروع فحتى الفصل الرابع اطلق عليه التدرج في‮ ‬معالجة أضرار القات بحيث تقوم وزارة الزراعة من خلال البرنامج الوطني‮ ‬الاستراتيجي‮ ‬لمعالجة الأضرار توعية أولاٍ‮ ‬للمزارعين للتخلص الطوعي‮ ‬التدريجي‮ ‬ومنع حفر الآبار الجديدة لغرض ري‮ ‬أشجاره ومنع‮ ‬غرس الجديد منها‮ .‬
منع استخدام المبيدات الحشرية التي‮ ‬تستمر آثارها لأكثر من شهر ويتم إلزام المزارعين بالتخلص التدريجي‮ ‬بواقع خمسة بالمائة كل عام مع التعويض الفوري‮ .‬
يبدأ سريان القانون من السنة التي‮ ‬تلي‮ ‬إقراره وتقوم وزارة الزراعة بتنظيم الأسواق الخاصة بالبيع والواقعة في‮ ‬ضواحي‮ ‬المدن ويمنع استيراده من المنافذ ويمنع تصنيع القات أو مقلدات القات أو أي‮ ‬أشكال دوائية أو صيدلانية له‮ .‬
العقوبات تتخذ شكلا صارما في‮ ‬الجهات الرسمية فمن‮ ‬يتعاطيه من الموظفين في‮ ‬الجهات الرسمية‮ ‬يعاقب بدفع مبلغ‮ ‬مالي‮ ‬لا‮ ‬يقل عن خمسة آلاف ريال‮ ‬يخصم من راتبه الشهري‮ ‬ويوضع في‮ ‬تقييمه السنوي‮ ‬وتضاعف العقوبة للمدرس والطبيب ويعاقب بائع القات من دون تصريح بمصادرة ما لديه من كمية ويتم إتلافها‮. ‬ويرى المشروع أن التصاريح تمنع من الزراعة ويمنع بيع القات عن طريق الباعة المتجولين أو في‮ ‬الطرقات والأحياء السكنية‮ .‬
تتمنى اللجنة أن تكون قد توفقت في‮ ‬عمل هذا المشروع والرأي‮ ‬الأول والأخير للمجلس الموقر‮ ‬‮ ‬اختتمت العبارة المشروع‮ ‬‮ ‬دون أن تتمنى أن‮ ‬ينجز النواب دورهم ويقوموا بالتصويت لصالح القانون ووضع أي‮ ‬تعديلات‮ ‬‮ ‬لكن هذا لم‮ ‬يتم خاصة وأن النقاش قد مر بعاصفة لم تكن اللجنة الصحية تتوقعها وهناك من لم‮ ‬يكتف بالاعتراض بل انطلق في‮ ‬التنظير وحصر المصائب التي‮ ‬ستحل بالبلاد في‮ ‬حال أقر القانون‮.‬
وبين لنا المشروع أن هذه النبتة التي‮ ‬يسهل على الرياح هزها وعلى البرودة تجريدها من الأوراق انها في‮ ‬البرلمان أكثر ثباتا ورسوخا وأنها تتمتع بحماة جاهزين للتضحية من أجل أن تبقى وربما لا‮ ‬يجدون حرجا من تقديم مشروع قانون‮ ‬يلزم اليمن جعل شجرة القات الرمز الوطني‮ ‬الذي‮ ‬يوضع على العملات المعدنية والورقية كما هو حال كثير من الدول التي‮ ‬تتخذ من نباتاتها رمزا لها كلبنان مثلا‮ .‬
الطريقة التي‮ ‬تحدث بها مقرر اللجنة التي‮ ‬أعدت المشروع توحي‮ ‬وتؤكد أن الأقفال قد وضعت والسلاسل قد أبرمت حول القانون وأنه لن‮ ‬يرى ليس النور فقط بل لن‮ ‬يمتلك عينين للرؤية وسينافس أخوته من المشاريع المثيرة للجدل‮ .‬

قد يعجبك ايضا