قال تعالى في محكم كتابه:”ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل” “الفيل:1”.
الشرح: قد علمت يا محمد في عصرك من الأخبار المتواترة من قصة الفيل وما فعل الله بهم فما لكم أيها الناس لا تؤمنون – يخاطب الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو يخاطب كل من يصح لتوجيه الخطاب اليه فعلى الأول يكون خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطاب له ولأمته تابعة له وعلى الثاني يكون الخطاب عاماً له ولأمته.
أصحاب الفيل قوم من النصارى من الأحباش ملكوا اليمن ثم خرجوا منه يريدون تخريب الكعبة فلما أقبلوا على مكة أرسل الله عليهم الطير المذكور في هذه السورة فأهلكهم وكان ذلك آية وقد وقع ذلك قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان بعض الذين شاهدوا ذلك أحياء عند البعثة.
قال ابن عباس رضي الله عنه وإذا أرسل الله تعالى على قوم عذابا لم يفلتهم فلم يفلت منهم إلا سائس الفيل أو قائده فقيل له ما وراءك فقال: أتت طير مثل هذا وأشار بيده إلى طاشر في الهواء وكان الطائر قد تبعه بحجر فأرسله عليه فقتله.
وقال رجل أخزى الله الفيل فما أقبحه فقال بكر بن عبدالله المزني لا تشتم شيئا جعله الله آية في الجاهلية إرهاصاً للنبوة: وقد جعل الله الفيل من أكبر الآيات وأعظم البرهانات للبيت الحرام ولقبلة الإسلام.
قال الجاحظ: الفيل أضخم الحيوان وأقواها على حمل الأثقال وأطول مدة في الحمل وهو يجيد السباحة وكل حيوان في الأرض ذو لسان فأصل لسانه إلى داخل وطرفه إلى خارج إلا الفيل فإن طرف لسانه إلى داخل وأصله إلى خارج أي أن لسانه مقلوب وليس لشيء من ذكورة جميع الحيوان وإناثها ثدي في صدره إلا الإنسان والفيل ولو لم يكن من أعاجيب الفيل إلا خرطومه الذي هو أنفه ويده وبه يوصل الطعام والشراب إلى جوفه وبه يقتل ويضرب به الأرض ويرفعه في السماء ويصرفه كيف شاء والفيل أكثر أكلاً من غيره وهو يعيش مئة سنة ومئتي سنة فإنه أطول عمراً من غيره وجمعه أفيال وفيول وأفيلة وصاحبه فيال للفائدة أنظر كتاب الحيوان للجاحظ.