الخروج من عنق المأزق في اليمن
عبدالعزيز الحزي
بالرغم من مرور أكثر من أربعة عشر شهرا على عدوان نظام آل سعود على اليمن لا يزال هذا النظام يصر على إرتكاب المزيد من الجرائم، ليتورط أكثر، فأكثر في اليمن ويرمي بنفسه في نفق لا يمكن أن يخرج منه، تنفيذاً لأجندة غربية لا تسهدف اليمن وحده بل كل المنطقة.
ومع وجود فرصة لخروج نظام آل سعود من عنق المأزق اليمني وذلك من خلال تسريع التوصل إلى التهدئة الكاملة ووقف العدوان وفك الحصار، تليه الترتيبات لحل شامل للخروج من الأزمة وهو ما يمثل فرصة لهذا النظام من أجل إنقاذ نفسه من ورطة لا يمكن أن يعالجها الزمن، إلا أن قوى دولية وإقليمية تعمل على إغراق هذا النظام في المستنقع اليمني وبالتالي استنزاف قدراته المالية والنفطية.
وبالتزامن مع ما يحدث لليمنيين من جرائم بشعة جراء العدوان الذي يعتمد بالأساس على دعم واشنطن ومعها عواصم القوى العالمية التي تكالبت على الشعب اليمني أتت مفاوضات الكويت بين الأطراف اليمنية كبصيص أمل للخروج من المأزق، لكن يبدو أن هناك قوى لا يروق لها أن يخرج هذا النظام من ورطته وتسعى لاستغلال غباء قيادته الضعيفة للدفع بهم نحو الغرق أكثر فأكثر في اليمن ووأد أية محاولة أو جهود إقليمية كانت أو دولية تهدف لوضع حد لما يحدث وهو ما يعني وقف العدوان ورفع الحصار .
نظام آل سعود لا يزال حتى اللحظة يعطل أية مبادرة قد تقود إلى إنجاز حل سياسي للأزمة وآخرها مفاوضات الكويت التي تراوح مكانها ولم تحقق حتى الآن شيئا يذكر، لم يعد خافياً على أحد, فالسياسة المتبعة لهذا النظام، تجاه اليمن تقوم على ركيزتين أساسيتين: الأولى أن يظل هذا البلد فقيراً ضعيفاً مقسماً ومفتقراً لأسباب القوة، والثانية أن لا توجد فيه حكومة مركزية قوية، لأن وحدة هذا البلد وقوته تشكلان خطرا على استقرار المنطقة من وجهة نظره غير الصائبة التي يترجمها له الغرب خاصة أمريكا وبريطانيا وحليفتهما (إسرائيل) وكانت الرؤية الحقيقية والصادقة هي أنه مع وجود يمن قوي وموحد سيكون حصناً حصينا له .
أمريكا وبريطانيا فاعلتان في الأزمة
أمريكا وبريطانيا هاتان الدولتان أيضا فاعل كبير في دفع نظام آل سعود نحو الهاوية في اليمن وهما الدولتان الأكبر التي ساهمتا في دعم عدوان هذا النظام على الشعب اليمني وبالرغم من أن هاتين الدولتين غير راضيتين تماما عن هذا النظام الذي يتبع سياسة القرون الوسطى في التعامل الدولي لا على المستوى الداخلي القمعي ولا على مستوى التحرك الخارجي الفاشل إلا أنه يروق لهما أن تحيق مصالح حليفتهما الأكبر في المنطقة (إسرائيل) بهذا النظام وأمواله ، وفي الفترة الحالية يستغل نظام آل سعود مفاوضات الكويت ويعمل على تكتيك التطويل والعرقلة لتحقيق أهداف ليست محسوبة تماما سيكون المستفيد الأكبر فيها هم واشنطن ولندن والمدللة (إسرائيل).
أطراف الكويت
الأطرف التي تتفاوض في الكويت يجب أن تقف عند الحد الذي يجب فيه تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الذاتية والآنية والمصالح المرتبطة بالخارج ويجب أن تفهم تلك الأطراف أن التاريخ لن يرحم وأن الشعب اليمني بدأ يدرك أنه لا مناص من حل يخرج البلاد إلى بر الأمان وأن الرؤية بدأت تتضح في من يعرقل الوصول إلى حل ينهي مأساة اليمن التي طال أمدها وان الحرب ليس فيها غالب ولا مغلوب ولا ضرر ولا ضرار.
تكاليف الحرب المرهقة
لم تقدم حتى الآن بيانات أو أرقام دقيقة عن تكاليف العدوان الذي يقوده نظام آل سعود على اليمن غير أن هناك تقديرات أولية مبنية على تكاليف حروب أخرى مشابهة ترجح بأن التكلفة الأولية للأشهر الستة الأولى تقدر بـ 725 مليار دولار حتى الآن، أنفقها نظام آل سعود لقتل أطفال ونساء اليمن، وتدمير بناهم التحتية خلال أشهر قليلة، من العدوان المستمر منذ أكثر من سنة وأربعة أشهر ناهيك عن الرشاوى التي دفعها نظام آل سعود لشراء مواقف الدول لتأييد عدوانه على اليمن والمبالغ الطائلة لشراء الذمم .
تدخل ضمن نفقات الحرب أيضًا المساعدات والتعويضات التي يقدمها نظام آل سعود ومن والاهم لبلدان أخرى لقاء مشاركتها في العمليات والتي تقدر بمليارات الدولارات. وبالنسبة لليمن الذي لا يمكن تقدير خسائره البشرية في الأرواح والجرحى بثمن فقد أصابت الحرب أيضا بنيته التحتية المدنية بأضرار جسيمة.
وتذهب بعض التقديرات إلى أن اليمن خسر حوالي 10 مليارات دولار جراء أضرار لحقت بقطاع النفط والمطارات والمرافئ والمخازن وكثير من المؤسسات العامة والخاصة.
إضافة إلى ذلك فإن الاقتصاد السعودي مقبل على واحدة من أحلك فتراته مع استمرار تراجع أسعار النفط منذ منتصف 2014م، وهو ما يتوقع معه محللون اقتصاديون أن يسجل نظام آل سعود ، أكبر مصدر للنفط في العالم- عجزاً قياسياً في الموازنة لعدة اعوام قد يتجاوز 120 مليار دولار.