سعد النزق

يوميات صائم

عبدالفتاح علي البنوس

سعد اسم افتراضي لصديق لي يجيد (الزبج ) ويتفنن في صناعة النكتة الطريفة ورسم الابتسامة على وجوه من حوله على مدار العام باستثناء شهر واحد فقط هو شهر رمضان حيث يتغير حال سعد ويصبح شخصا مغايرا لـ “سعد” الذي أعرفه ويعرفه الناس طيلة العام ,فما إن يهل رمضان حتى يبدأ سعد بالتفنن في تصدير صنوف النزق الرمضاني الذي يعتريه بشدة مفرطة ,يخلد سعد في النوم إلى ما بعد العصر محطما الرقم القياسي في النوم كسلوك رمضاني يومي وما إن يستيقظ حتى تشب نيران نزقه ويظهر بصورة مغايرة لما كان عليه قبل رمضان ,وجه مقلوب ,شارب ( قالت ولو اصم معطفات مثل الموكيت المستهلك  ) وشعر  (مسنبات  ) مثل حق ( القنفذ ) وشفتان حارقتان أشبه بالإطارات التبلس .
ويبدأ سعد بافتعال المشاكل على أتفه الأسباب وهات يا سب  وشتم للرايح والجاي بسبب وبدون سبب ومن يحاول نصحه يقابل بالنفيخ والزعيق والصراخ في وجهه أنا صايم لا تحاكيني, ويخاطبه معاتبا أنت قريت الحديث لا تحاكي صايم بعد العصر وعندما تحاول إقناعه جاهدا بأن هذا مش حديث ينفخ في وجهك كعادم شاحنة أو قاطرة نقل ثقيل مصرا على انك ما درست وما تعلمت وأنك مش فاهم شيء ,المهم ما يروح للبيت إلا وقد أعلق الدنيا في السوق وما (سلم من الموت إلا كذبة ) بسبب نزقه .
وفي البيت يشعل ثورة وفي الجامع كتلة ملتهبة من النزق بيتقارح مقارحة ولا (بندق جرمل ) وفي الشارع مولع ولا (برموس إسماعيل خان  )ويستمر في الهيجان المتصاعد في الفولتية التي تصل به إلى حد الانفجار والطريف في الأمر أن كل من يعرفون سعد يتحاشون الدخول معه في جدل نهار رمضان لمعرفتهم بنزقه الرمضاني ومع ذلك يصر سعد على النزق ويضع اسمه ضمن مؤسسي جمعية النزق الرمضاني للدبور والشقابة وافتعال المشاكل والأزمات ,وما إن يؤذن المؤذن حتى يهدأ بركان النزق الثائر ويعود سعد إلى طبيعته تدريجيا ويبدأ بصناعة (الزبج والزبج الآخر )وكأنه شخص مغاير تماما لما كان عليه في وقت الظهيرة .
لـ “سعد النزق” ومن على شاكلته نقول: رمضان شهر التسامح والتآخي والحلم والصبر ولا حاجة للنزق في رمضان لا قبل العصر ولا بعده فالمسألة عبارة عن سلوك وحالة نفسية من السهل التغلب عليها بالإكثار من الاستغفار والأذكار وقراءة القرآن فهذا هو رمضان وهذا هو ما يجب أن نكون عليه في نهاره وما بش داعي (للدليز ) و(خفة العقل) و( طلاب المشاكل ) لأننا بذلك نفسد صومنا ونذهب أجرنا وقد يقودنا النزق إلى الدخول في المحظور وقد نفقد أرواحنا أو أرواح غيرنا في لحظات نزق عابرة نندم عليها في وقت لا ينفع الندم.
صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وافطاراً شهياً .

قد يعجبك ايضا