أطفال الشلل الدماغي .. بين الحق في الحياة والحق في التصوير

حسن الوريث

لم أتمالك نفسي خلال زيارتي لمؤسسة الحق في الحياة لأطفال الشلل الدماغي وغادرت بعد جولة سريعة في أقسام المؤسسة فما شاهدته لا يطيق أي بشر الصبر على مشاهدة أولئك الأطفال المرضى بالشلل الدماغي دون أن يكون له موقف إنساني يساندهم ويقف إلى جانبهم باستثناء مسؤولي الدولة الذين حضروا إلى المؤسسة لالتقاط صور خلال افتتاح الوحدة الطبية في المؤسسة.
الوحدة الطبية التي تم افتتاحها كانت على نفقة فاعلي الخير وليست على نفقة الدولة أو اي من مسؤوليها الذين حضروا بكامل أناقتهم لافتتاح الوحدة والتصريح لوسائل الإعلام المختلفة عن أهمية هذه الوحدة وضرورة الاهتمام بهؤلاء الأطفال المساكين إلى غير ذلك من المصطلحات التي يتقنونها ويتفننون في اختيارها إلى درجة يخيل إليك أن هذا المسؤول أو ذاك هم من تبرعوا من جيبهم الخاص لإنشاء هذه الوحدة ودعم المؤسسة التي بالفعل تفتقر إلى الدعم الرسمي وربما انها غائبة تماماً عن برامج الدولة وموازناتها المتعاقبة .
يقال في المثل الشعبي المصري ” اللي اختشوا ماتوا ” وهؤلاء المسؤولون لأنهم لم ولن يختشوا على أنفسهم مازالوا على قيد الحياة ومازالوا على رأس هرم المسؤولية رغم أن البلد لم تستفد منهم وهؤلاء الأطفال الأبرياء الذين بحاجة إلى العطف ولمسات الأمل والرحمة والإنسانية أكثر من حاجتهم إلى مسؤول يستعرض عضلاته أمام كاميرات التلفزيون وعدسات المصورين الصحفيين بينما لم يقدم لهم شيئاً ولم يعرفوا أيضاً أن هذه المؤسسة أنشأتها فاعلة خير تبرعت بكل ثروتها من ميراثها لهذه المؤسسة وتوفير ما يحتاجه هؤلاء الأطفال وربما أن المؤسسة مهددة بالتوقف نظراً لعدم توفر الموازنات اللازمة لتشغيلها في ظل الغياب التام للجهات الحكومية .
عندما سألت المسؤولين في المؤسسة أكدوا لي بأن وزارة الصحة العامة والسكان وكل الجهات الحكومية لم تقدم لهؤلاء الأطفال أي دعم يذكر رغم المتابعات المستمرة والحثيثة لكنها أي الوزارة وتلك الجهات يعملون إذن من طين وأذن عجين وربما أن أحد من هؤلاء المسؤولين الحكوميين لا يعرف أين تقع هذه المؤسسة والبعض منهم لا يعرف أن هناك مؤسسة بهذا الإسم تعنى بالأطفال مرضى الشلل الدماغي والكثير منهم لم يكلف نفسه حتى زيارة لهذه المؤسسة للتعرف على طبيعة عملها ومهامها ودورها في رعاية هذه الشريحة .
اعتقد ان المسؤولية مشتركة بين الحكومة ومؤسساتها والقطاع الخاص وكل من له القدرة في في رعاية هذه الشريحة وتقديم كل ما تحتاجه من الدعم والاهتمام واعتقد ان رجال المال والأعمال الذين يتسابقون لرعاية البرامج التلفزيونية والإذاعية والإعلان في الصحف والمواقع بمئات الملايين لن يبخلوا عن دعم هذه الشريحة وهؤلاء الأطفال المساكين ويخصصون جزءاً من هذه المبالغ لمؤسسة الحق في الحياة كما انه مطلوب من الحكومة إدراج هذه المؤسسة ضمن موازناتها فهل يمكن أن تلتفت وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والجهات المعنية لهؤلاء الأطفال الذين يقعون تحت مسؤولياتها وهم فئة من أبناء الجمهورية اليمنية يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام ولهم الحق في الحياة مثلما لكم أنتم الحق في التصوير والظهور في القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع والتقاط الصور التذكارية وافتتاح المشاريع ولو كانت بتمويل من فاعلي الخير كما هذه المؤسسة التي ظهرتم اليوم فيها رغم أنكم لم تقدموا لها أي شيء ..  ورمضان كريم .