إنسانية العريفي

عبدالمجيد التركي

العريفي يطل على الناس بصورة جديدة وهو يضع يده على كتف عامل النظافة ويبتسم، كأن هذه الصورة دعاية وإعلان لإنسانيته المفرطة.
حين رأيت الصورة قلتُ: أول مرة أشوف عامل نظافة يتصوَّر مع الزبالة..
يكفينا مزايدة أيها العريفي، فعامل النظافة أشرف وأطهر وأقرب إلى الله منك، لأنه لم يصدر فتوى بقتل أحد، ولم يقل إن اليمنيين رافضة ومجوس ويجب قتلهم وقتالهم.
عامل النظافة هذا في وجهه من النور ما يكفي فقهاء السعودية جميعاً، لأنه إنسان يعرف الله أكثر منهم، ويجاهد على أولاده وزوجته بلقمة عيش شريفة، ولا ينتظر الفضائيات التي تستضيفه وتصرف له شيكاً قبل كل حلقة، وبعد كل موعظة.
عامل النظافة كان يبتسم بألم، ليقينه أن العريفي يريد تسويق إنسانيته عن طريق هذا العامل الغلبان.. وكأن العريفي فشل أيضاً في اختبار إنسانيته، فقد كانت ابتسامته عريضة كإعلان مدفوع الثمن لبضاعة كاسدة.. يبتسم بكل ذلك الزيف وكأنه يعتقد أن صورته وابتسامته هذه سيتم وضعها على غلاف معجون الأسنان.. وسيقول لعامل النظافة: لقد ابتسمتُ حتى بانت نواجذي.. وسيعود عامل النظافة وهو يفكر في كلمة “نواجذي” دون أن يجد لها تفسيراً.
هذا الرجل له فتاوى شاذة، بينما عامل النظافة يتعامل مع الله مباشرة دون أي فتاوى، ودون أي أحزمة ناسفة..
يتعامل مع الله كما يعرفه هو، وكما يشعر به في قلبه، وليس حسب رؤية بن باز وبن عثيمين وبن تيمية.
توقفوا عن هذه الحقارات التي تمارسونها باسم الإنسانية، وتوقفوا عن المتاجرة بآلام البسطاء، وتوقفوا عن تفاهاتكم وحاولوا أن تعيشوا بشراً أسوياء، لعل الله ينظر إليكم يوم القيامة كبقية الخلق.