الطغيان وسياحة اليمن في رمضان

عبد الوهاب شمهان
شهر رمضان شهر كريم يتميز في كل بلد إسلامي بصفات وفعاليات شعبية طبيعية تعود الناس عليها كما تظهر فيه عادات وتقاليد متوارثة إضافة إلى الشعائر الدينية التي تضيف جوا إيمانيا يملك الألباب والمشاعر ويسيطر على الرغبات والشهوات ويجدد الطاقة الروحية للفرد المؤمن ويعود الفتيان على الصيام ويحث على التربية الروحية الصافية ويلزم الجبابرة من المسلمين على محاسبة أنفسهم ومراجعة أعمالهم وما ارتكبوه من أفعال تخل بالحياة الإنسانية وبحياة شعوبهم وتدمر سبلها وتقطع شرايين استمرارها بأمن وأمان وسلام، إنه طغيان أفعال على الساحة العربية وأشدها بغيا على اليمن تمثلت في إباحة سفك الدماء والدفع إليه بإصرار عبر إنفاق الأموال وإرسال العدة والعتاد لمزيد من الخراب والدمار وتلك المراجعة لا يمكن أن يستسلم لها إلا قلب أدرك ضعفه أمام الله الذي لا يأبى الظلم على عباده قلب ملأ بالإيمان والخشية والرهبة من العزيز الجبار من له القدرة على نصرة المظلوم وتأييده لأنه الحق والملك العدل الذي يمهل ولا يهمل وهو مغير الأحوال من حال إلى حال .فكم من الطغاة والشعوب والإمبراطوريات والممالك والاتحادات والدول والجيوش قادتها تصرفاتها الرعناء وقوتها إلى هلاك متلاحق وفشل متواصل وتآكل من الداخل ولكن لا يعتبر أحد ولا يدرك حلفاء اليوم على اليمن أن قوتهم إلى زوال وكلما تمادى الظالم أمهله الله حتى يتجاوز الظالم كان فردا أو جماعة أو دولة رئيسا أو ملكا أو إمبراطورا حدود ما منحه الله من ملك وسلطة ويتخطى قدرته بتأليه ذاته هنالك ينزل حكم الله. فكيف بمن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وهذا ما هم عليه طغاة العصر من العرب الذين يرون في قوتهم وجبروتهم طريقهم إلى الريادة و أن لا عاصم منهم فهم الطوفان وهم المبشرون بحكام العالم في ظل هذه الهيمنة التي لا تحسب لكل القوى الموجودة والمعروفة حسابا ولا يرونها إلا وهما هم صانعوه وأنهم القادرون على إلحاق الهزيمة بكل قوى فلا تبقى إلا قوتهم وسيطرتهم. ومحرك هؤلاء الطغاة (الصهيونية العالمية) التي تقود العالم بدهاء إلى حرب ثالثة لم تحن بعد لكنهم يضعون توقعاتهم في سيناريوهات يتخيلونها خاطفة وحرب إبادة تفنى فيها شعوب العالم وتبقى شعوبهم هي المتفردة بامتلاك العالم .هذا هو خيالهم ومشاعرهم تجاه الإنسانية والمسلمين الذين صاروا دمى في أيديهم هم ميدان هذه اللعبة وهذا بفضل تمزقهم شيعا ومذاهب وأحزاباً يضرب بعضهم بعضا ويهلك بعضهم بعضا ولن يروا النور إلا إذا جعلوا كتاب الله الحكم والمنهج لهم وسنة نبيه ورسوله التطبيق العملي الميداني لكتاب الله دستور الحياة الذي ارتضاه لهم لكن الغلو والتعصب أصبح مسلكهم والحماقة سياستهم يقتلون ويدمرون ويشردون ويهدمون مدنا وقرى ومزارع ومصانع وسدوداً وطرقاً وجسوراً ومدارس ومشافي ومراكز وجامعات ومعاهد حتى صار قتلاهم بالآلاف المؤلفة والجرحى بما لا يحصى عدده من آلاف الأطفال والنساء وكأنهم في سباق تنافس على من يقتل من اليمانيين والسوريين والعراقيين أكبر عدداً، أليس هذا قمة الطغيان يا أمة الإسلام أم قد أعمى الله قلوبكم وأبصاركم وبصائركم !
هكذا يأتي شهر رمضان شاهدا عليهم وعليكم وعلى مجازرهم المشهورة في المخا والوازعية وتعز وحجة وصنعاء ورداع ولحج وغيرها الكثير التي تفوق العشرات . يأتي شهر رمضان حاملا سجلاته ليسجل طغيان التحالف العدواني الذي بعد عن كتاب الله وسنة نبيه المصطفى وأثبت وحشيته عبر نفقاته وعدده وعتاده المسخر على بلد عربي مسلم مسالم والذي يعترض على ما نقول ونكتب عليه أن يبين لنا هل هذا المسلك والنشاط الدموي من سماحة الدين وقيمه ومبادئه وكلنا آذان صاغية وقلوب واعية .
– إن ديننا الإسلامي لا يقبل الغدر والحقد واللؤم وسفك الدماء وتهجير الآلاف ونهب دورهم وممتلكاتهم واستباحة الحقوق وأولها حق المواطنة فبأي وجه وحجة سيواجه قادة هذا التحالف الله سبحانه وتعالى في شهر رمضان في صيامهم وسجودهم وأيديهم تقطر دما .
– إن الله وحده العالم بكم المطلع على سرائركم وضمائركم ويعلم ما تكيدون وما تدبرون وهو القادر وحده على رد كيدكم في نحوركم وشهر كريم لكل مسلم ومؤمن نظيف طاهر من تلوث يده بدم الأبرياء من اليمانيين والله المستعان على ما تصفون.
وليسمح لي القارئ الكريم أن أذكره بسياحة المؤمن في شهر رمضان الكريم في بلدي اليمن الروح والفؤاد إنها رحلة إيمانيه يومية بسيطة تبدأ بالإعداد لاستقبال شهر العبادة والصوم والفرحة تعم القلوب وتشرح الصدور بنشأة حياة جديدة بكل معانيها سهر للعبادة والعمل والتجارة وفي السحر تكون وجبة السحور فذكر الله وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم الذي به تحيا الأرواح فصلاة الفجر، فالعودة للنوم حتى التاسعة صباحا لموظفي الحكومة وظهرا للكثير من اليمانيين عدا العاملين في البناء فلهم مواعيد عمل تتوافق وطبيعة وقسوة عملهم وهكذا تستمر الحياة اليومية بين العمل والذكر وقراءة القرآن والصلاة جماعة والصدقة لكل مستحق وكف الأذى عن الناس ولجم اللسان من الهمز واللمز والبعض يحب أن تكون صلاته في المساجد القديمة التاريخية وخاصة في الجامع الكبير بصنعاء القديمة لمن يقيم في العاصمة وغيره من المساجد والجوامع المشهورة القديمة والحديثة في العاصمة وغيرها من المدن والريف الذي يرحل إليه الكثير بحثا عن السكون والاجتماع مع الأقارب والأصدقاء . وبعد صلاة العصر يختار البعض البقاء ساعة في المسجد وربما حتى أذان المغرب ومنهم من يخرج لشراء حاجة أسرته أو ما تبقى من متطلبات اليوم الرمضاني والأغلب يعود لمزاولة عمله حتى اقتراب المغرب والقليل من يختار رياضة المشي عند انخفاض حرارة الشمس ويتجه بعد ذلك إلى الجامع أو المسجد لصلاة المغرب التي تقام بعد الإفطار وبعد ها يحل السكون التام في كل الشوارع والأزقة والميادين لتبدأ الحركة بعد تناول وجبة العشاء وصلاة العشاء والتراويح فتفيض الشوارع بالناس كما كانت عليه بعد صلاة العصر وأكثر ثم يتوزع الناس بين أعمالهم التجارية والمهنية وأنشطتهم المختلفة وبين السمر الرمضاني وحلقات القرآن فيها وآخرون مع القات ومع التلفاز أو الإذاعة ليعودوا إلى حمل المصاحف وقراءة الذكر الحكيم تلك رحلة إيمانية يومية يعيشها اليماني بلهفة وحب ولا يدرك كيف تنقضي أيام الشهر ببركة وقناعة وراحة بال وهي سياحة المؤمن في الشهر الكريم إن صح التعبير فحياة رمضان عبادة مستمرة وخشية من الله في كل لحظة من ليل أو نهار لكل من راقب الله في عمله أما حياة الأطفال فهي أكثر إثارة ومتعة . وفي هذا الشهر تكثر الحلويات والمأكولات وتتنوع مع تواجدها بصورة يومية في الأسواق والبيوت اليمانية تزين الموائد الرمضانية .
أما صخب الحياة ونشاطها فإن الليل يتحول بقدرة الله معاشا والنهار سباتا وهي صورة رمضانية مختلفة عن بقية بلدان الإسلام تشكل متعة للنفس والروح لمن يرغب في التعرف على ثقافة الشعب اليماني وأسواقه في ظل العدوان فيبرز صموده وتظهر حياته البسيطة البعيدة عن التكلف وهي دعوة لكل يماني مغترب أو مقيم في بلدان الشرق والغرب لزيارة اليمن في هذا الشهر حتى تؤكدوا للعالم أجمع والأمم المتحدة ومنظماتها والمجتمع الدولي ارتباطكم بهذه الأرض الطيبة وبشعبها الذي أنتم جزء منه ولتكسروا الحصار كواجب إنساني وواجب إلزامي على كل أحرار العالم نريدكم أن تشغلوا شركات الطيران العالمي بطلباتكم لزيارة اليمن لإنقاذ أمة بكسر الحصار عنها إنه نداء إنساني موجه لشعوب الشرق والغرب وخاصة شعوب آسيا وأوربا وأستراليا . وشهر كريم ورحمة واسعة من الله بعباده وباليمن وأهله .

قد يعجبك ايضا