ن …والقلم.. يا قهري عليه !!
عبدالرحمن بجاش
لمحت صورة القلم الأجمل, يعني أنه أرسل رسالة, وعندما أشير إلى القلم الأجمل, لابد أن يتبادر إلى أذهانكم حسن عبدالوارث ما غيره, كتب يمشيخني كالعادة: (( يا ابن الشيخ …تعرف المهندس عبدالغفار الغوري ….؟)), توقفت كنت ما أزال ألملم حزني على علي عبدالرحمن جحاف صاحب (( طائر امغرب )) الشاعر الجميل, أشحت بوجهي عن بقية الرسالة, حدثت نفسي: رجاء يا حسن, كان الحزن في أعماقي يجرني جرا إلى بقيتها: خلاص ما باليد حيلة, اقرأ البقية: (( ….لو تعرفه …البقية في حياتك . )), كتبت : ((الله الله …يا فجيعتي …متى وأين ؟ أعرفه كإنسان, وأعرفه كفنان )), عاد حسن : (( توفي اليوم في قريته )), عدت أقول: ((لابد أن يموت …هذا إنصاف له )), قال حسن بحزن: (( عانى كثيرا من الكبد مؤخرا )), أنهيت رسالتي: (( يا حزني عليه )) .
قلت: يا عبدالغفار أيش رأيك نغير ذلك الشكل …, لم أكمل: ضحك ككل مرة بوجهه كله: جميل يا بن بجاش, كنت أبدي رأيي في ترتيب مطعم جميل الشيباني, فقد طلب مني أن ابدي رأيا, ذهبت, كان عبدالغفار رحمه الله هناك, استحيت أن أتكلم, قلت: يا جميل كيف يفتى ومالك في المدينة !!, ضحك عبدالغفار: لا لابد أن أسمع, قلت رأيي, امًن عليه بتواضع الفنان الكبير .
قلت: يا عبدالغفار مالك شاحب ؟ ثم أين أنت ؟ انتحى بي جانبا : يا أخي أنا أبكي كل ليلة, قلت: ليش, – كلما أرى بناتي نائمات بجانبي وأتذكر أن المستقبل غادر هذه البلاد, أخاف عليهن, وكلما أفكر بالذهاب إلى كندا وقد عزمت على ذلك أتراجع حين أراهن, يومها بكى قلبي معه علينا كلنا, تذكرت أن لدي تاج !!.
عبدالغفار ليس مهندسا فحسب, هو فنان, يمنح الحجر إحساسه فيتحول إلى كائنات تتحدث جمالا .
حين ترى عبدالغفار من على البعد بالدقنة المبرذقة على الوجه, وشعره المفنتش كأي فيلسوف, تتنبه أنك أمام رجل استثنائي, أمام فنان استثنائي, يبدو أنه أخطأ الطريق, والوقت, فجاء إلى البلاد الخطأ, في الوقت الذي بلا معالم !! .
حين تطيل النظر إلى ملابس عبدالغفار تدرك أن الحياة تسكنها, لأنها مشعتله, وهو يشعتل الحجر فيحوله إلى لوحات جميلة ناطقه, إذا رأيت مبنى, شكله خارج عن المألوف, فاعلم أن الغوري هو من خططه, وسكب فيه دموعا من ألوان .
افتقد اثنين, بعد أن افتقدت واحدا, الآن انضم عبدالغفار إلى فؤاد سعيد فارع, اثنين كانا خارج المألوف, احدهم ظل يسافر إلى الشواطئ, والآخر تأتي الشواطئ إليه, ونحن عند الفنار أنا وعبدالكريم قحطان ننتظر الآتي إنسانا أو فناناً .
كم أنا مقهور على عبدالغفار الغوري الذي أكرمه رب العباد بالرحيل حتى لا ينفجر قلبه على بلد يضيع, والعزاء لواحد لا غيره وعلى الاثنين, عبد الكريم قحطان أيضا, لله الأمر من قبل ومن بعد .