جحيم الحديدة ونزيف المسؤولية!!
أحمد عبدالله الشاوش
تتعرض محافظة الحديدة الى العديد من المآسي والنكبات والظلم الفادح ، جراء القصف الممنهج والحصار الجائر لدول التحالف بقيادة السعودية ، ويدفع أبناؤها ثمناً باهظاً ، لا لذنب أو جرم اقترفوه ، وانما لصمودهم في البحث عن شربة ماء ولقمة العيش ونسمة تقيهم حر الصيف وتعيد الروح لأطفالها ونسائها ورجالها للبقاء على قيد الحياة ، ورغم تلك الاحلام البسيطة والمطالب الواقعية والإنسانية يأبى ” طغاة” التحالف وتجار الحروب في الداخل والخارج ومستثمري الازمات وطابور المزايدين إلا أن يحولوا “نسيم” البحر الى “جحيم ” وزمهرير يومي للتلذذ بصراخ الأطفال وأنين النساء ونحيب الرجال الذين ” فروا” من منازلهم وعششهم البسيطة من قيض الصيف وانعدام الكهرباء والتلاعب بالمازوت والمشتقات النفطية وحجز السفن وتغيير مسارها في عرض البحر تحت مرأى ومسمع الأمم المتحدة والعم سام ولندن واخواتها والمنظمات الإنسانية المفرخة التي جعلت أبناء الحديدة يرتمون في شوارع وشواطئ بحرها الأكثر رحمة ونسمة كما يرتمي ويرمى أطفال ونساء وشباب سوريا في المتوسط عنوة او تنصب لمن تبقى منهم مخيمات أشبه بالسجون .
ما شاهدناه في الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام وماتلقيناه من اتصالات ومناشدات من بعض الزملاء بالحديدة يعجز عنها الوصف وتدمع لها العين وتعتصر القلوب لها ألماً وكمداً من مشاهد مروعة وقصص مرعبة ومآس محزنة وأزمات خانقة ونكبات منظمة وخسائر فادحة في المباني والمزروعات وقوارب الصيد والصيادين والبنى التحتية الخاصة والعامة وحالات استغلال ونهب أراضي ، كشف حجم النكبة الإنسانية التي تمر بها هذه المحافظة الصامدة في وجه طغيان التحالف ومراكز القوى الفاسدة قديماً وحديثاً التي حولت الحديدة الى اقطاعيات منزوعة الرحمة في ظل غياب العدالة الاجتماعية وسكوت المنظمات الإنسانية والحقوقية والقانونية والجمعيات الخيرية السياسية التي أصبحت مجرد خزنات للمال الخارجي وأدوات تعطي وتدافع عن منتسبيها وقرويتها وتحركها مراكز قوى ناقمة على كل ما هو جميل بعد ان كانت الحديدة مقصد وقبلة الزائرين .
جنائز يومية تودع أبناء الحديدة عطشاً وجوعاً وقصفاً ولهيباً وبطالة وغلاء و شنقاً للهروب من المشاهد المروعة والحياة القاسية والفقر المدقع والمآسي اليومية، ومستشفيات تتحول الى اطلال بعد استهدافها وتوقف أخرى واغلاق البعض منها ، وصيدليات ومخازن ادوية انتهت ، وعلاجات مهربة تم اتلافها وأخرى انتهت صلاحياتها وثالثة اتلفتها حرارة الجو، ومصابين بالقلب والسرطان والكلى والحروق غادروا الى الحياة الأبدية ، ومواليد وأمهات بين الحياة والموت على مدار الساعة .
ولذلك مازال الجميع يسأل ماذا جنى هؤلاء الأبرياء الذين صاروا غرباء في مدينتهم ووطنهم في عالم يتشدق بالإنسانية والدين والمثل وهو اول من يذبحها من الوريد الى الوريد بقرارات أممية مع سبق الإصرار والترصد ، ولذلك مازلنا نتساءل ماذا جنى هؤلاء الأبرياء الذين صاروا غرباء في مدينتهم ووطنهم وعالمهم ليدفعوا هذا الثمن الباهظ منذ أحداث الربيع العربي وحتى اللحظة .. هل حان وقت ايقاظ الضمير المحلي والإقليمي والدولي الى الالتفاتة بصدق الى هذه المدينة وبقية المدن اليمنية بدءاً بمحاسبة النفس ووقف العدوان ورفع الحصار ووقف نزيف الدم والفقر والعطش والجوع والنهب والحر الشديد ايماناً بالمبادئ السامية التي كفلتها حقوق الانسان والأديان السماوية التي حرمت الظلم أم ان ما يدور في وسائل الاعلام مجرد زوبعة في فنجان وامتصاص لحالة التذمر القصوى ، أم ان انسان الشرق أدنى من الغرب ؟ رحمتك يااااارب.