لحظة يا زمن.. غموض مسرحي
محمد المساح
مسرحية غريبة! هكذا يصفها خبراء المسرح.. وهم يتابعون فصولها ومشاهدها.
وبالطبع فهم لا يستبقون إعطاء رأي نهائي حولها, ليس بكونها استثنائية وخارجة على الإطار المتعارف للمسرح وتوصيفاته بل هي من صميم وجوهر العمل المسرحي هذا جانب, أما الجانب الآخر فإن فصولها ومشاهدها لم تتجاوز بعد المراحل التمهيدية.. الأمر الذي جعل الخبراء والمختصين.. نقادا ومحللين يحتارون جميعا.. ومعهم المشاهدون.
كل ما في قدرتهم وإلى الآن أن يجمعوا على غرابتها, طيب ما وجه هذه الغرابة؟ يسائل واحد من هؤلاء ذاته.. وهو يضرب أخماسا في أسداس ويقول:
هي مسرح ولا مسرح! كيف؟ لأن أحداثها وفصولها ومشاهدها لا تدور فقط على الخشبة.. جمعت كل فنون العصر.. أحيانا تشاهد على الواقع.. أحيانا تنتقل إلى كل وسائل الميديا التليفزيون.. الإذاعة.. الصحف.. الانترنت.. السينما, حتى أنها تطير فجأة مع ممثليها ومخرجيها إلى صالات السيرك وهي لا تؤدى بلغة واحدة.. بل بلغات متعددة في نفس اللحظة وفي أماكن متباعدة أو متقاربة.
غرابتها وفرادتها أنها تتجاوز التوصيف المسرحي التقليدي.. بل تتجاوز ما قبل الحداثة وما بعدها وإن كانت تجمع بكل حرفية وإتقان كل فنون العروض البشرية والشيء اللافت للنظر.. كما بدت من تتابع فصولها الأولية والتمهيدية وما قبل اشتداد الصراع وتطور الحبكة.. أن لا مشاهد أو مناظر توحي بالكوميديا أو التسلية منذ البدايات المرعبة وهي توحي بسوداويتها ودمويتها.. وهذا الأمر يزيد من غموضها وتأثيرات الأداء.. والتمثيل والإخراج مجتمعين حيث تتجاوز كل هذه المؤثرات تحير عقول المحللين والمختصين ومعهم بالطبع المشاهدون ووجه الحيرة تلك النقلات السريعة في تبادل أدوار الممثلين والتداخل الغريب الذي يحدث بينهم وبين المشاهدين، فلا تدري هل أنت مشاهد أم ممثل أم مخرج، تختلط كل الأشياء مع بعضها.. وتتداخل الأصوات مع المؤثرات وتلك الأمور الغريبة التي تحدث حيث تنقلب خشبة التمثيل إلى كواليس والكواليس إلى منصة. إنه ليس بالمسرح العادي.. مسرح داخل مسرح.. إضاءة.. إظلام.. لكن لا نهاية.. مسرحية مستمرة.. وبلا توقف.