محمد النظاري
عندما يتحول التكريم من صوت عال يحمل الفرحة، الى غصة في حلوق المكرمين، ينبغي علينا التساؤل عن سبب تلك الغصة التي اغتالت أفراح كثير من الرياضيين المكرمين في الحفل الذي أقامته وزارة الشباب والرياضة لأبطال اليمن في مختلف الألعاب.
لم ينتظر الرياضيون شهرا أو شهرين، ليتم تكريمهم بالآجل..بل أكثر من ذلك..ومع هذا صبروا، وهم يحلمون بأن عاقبة صبرهم فرحة عارمة، سيظلون يتغنون بها لأشهر تساوي على الأقل، الفترة التي صبروها.
لا بد للفرحة أن تموت وتدفن تحت طاولة التكريم، عندما يجد أحد الابطال أن عرقه الذي سال من أجل رفع راية وطنه، لا يساوي حتى لجان التكريم، فالملايين لأناس والملاليم لآخرين..أليس من حقه عندها لعن اليوم الذي أصبح فيه رياضياً.
أيضا عندما يجد بعض الرياضيين أنفسهم رغم ميدالياتهم الملونة ، أنهم لا يحظون بنفس ما يحظى به غيرهم، لا لشيء إلا لأنه لم يجد رئيس اتحاده لجواره يدافع عن حقه، فيما فاز بالكعكات من لرؤسائهم اليد الطولى في الصرف والتصرف.
بهذه الازدواجية التي خفضت البعض مع أنه يستحق الرفع، ورفعت من لا يستحق..كيف يمكن اقناع البطل المهان بمواصلة مشوار الإبداع والتألق، بل كيف نقنع ذويه بأن الميدان الرياضي هو بوابة ولدهم لتحسين حالته وحالتهم المعيشية، وهم قد اقتطعوا من مصروفهم لتحسين حالته الرياضية.
للأسف الشديد أصبح الرياضي مجرد وسيلة لتلميع الاتحادات الرياضية وكل من فيها..بل والوزارة واللجنة الاولمبية والصندوق، والمحزن أنه يجد نفسه في الأخير هو الغارم الوحيد، فيما هم من أهل المغانم.
حالة الإحباط هذه أصبحت ديدن الاحتفالات التي يفترض أنها اقيمت في الأساس لتكريم المكرم ، (بفتح الراء لا بكسرها) وقد انتقلت أيضا للشباب بالجامعات والمعاهد، حيث لا يتسلمون حتى شهادات التخرج الرسمية فيها..فهل أضحت تلك التكريمات مكانا خصبا للاسترزاق والتكسب والانتفاع؟؟.
إن قتل الفرحة في عيون الأبطال بالميدان الرياضي، والشباب في الجامعات، ينبغي ألا يمر مرور الكرام، ويجب محاسبة من يحوّل الفرحة إلى غصة، فاللعب بمشاعر هذه الفئة التي ما زالت هي الوحيدة التي تكد وتعرق، فيه وأد لها عن سابق إصرار وترصد.
بعد الانتظار الكبير لأي تكريم، يتمنى بعدها الأبطال والخريجون ، أنهم لم يتم دعوتهم إليه، وهذه النتيجة كفيلة بتفسير ما ساءهم مما يدور عادة في كواليس منصات التكريم وغرفها المغلقة، والتي حوّلت أحلامهم الوردية لكوابيس مزعجة..