ولد الشيخ .. شمه معطارة
أحمد يحيى الديلمي
في أول رد فعل للمواطنين على ما يجري في الكويت بعد أن أصبح الوسيط الدولي إسماعيل ولد الشيخ طرفاً مؤيداً ومناصراً للطرف المعتدي قال أحد المسنين مستشهداً بعبارات قديمة ( يا حيا من شمه بارود .. ولد الشيخ شمه معطارة ) .
فلما سألته عن الخلفية أجاب: كنا نردد هذا الزامل زمان أيام النكبات والحروب فنقول (يا حيا من شمه بارود .. ولد السوق شمه معطارة) وأنا عدلت النص الآن ، لكن المعنى يظل هو ، فمن يتابع تصريحات المبعوث الدولي وتقلباته يلاحظ أنه يدفع الناس إلى الحرب بكل معانيها المأساوية ، فرغم التنازلات التي تقدم بها الوفد الوطني القادم من صنعاء ، إلا أن ولد الشيخ لا يزال يظهر الانحياز التام إلى الطرف الآخر ممثلاً في وقد الرياض فهو الذي من حقه أن يعلق المفاوضات ومن حقه أن يساوم ويسوّف ويضع عراقيل كثيرة بينما صاحب الحق منصاع يقدم التنازل تلو الآخر ويصر على أن تبدأ العملية من الرأس بحيث نجد أن الورقة التي تقدم بها الفريق الوطني المفاوض ركزت أولاً على الجانب السياسي باعتباره عنق الزجاجة وأساس المشكلة، بينما الطرف الآخر يتغاضى عن آلاف الأسرى ويتحدث عن أسيرين فقط ، هما منصور هادي والصبيحي ، ويسعى إلى اختزال اليمن في تعز فقط باعتبارها المشكلة الوحيدة بأفق طائفي قذر يعكس النفسيات الصغيرة لأنه من حيث لا يعلم يكرس الانحياز المناطقية والمذهبية بأبعادها المجحفة التي تؤثر على الاقتصاد الوطني بكل روافده ، أننا أمام مشهد غير طبيعي ممكن لأي متابع أن يكشف أبعاده السيئة على الوطن وعلى المفاوضات وعلى مستقبل الأمم المتحدة بشكل عام فكما نعلم أن الوسيط الدولي يكون دائماً محايداً يبحث عن المداخل التي تؤدي إلى الحل ، بينما هذا الرجل لا يُظهر أي حياد ويعتبر أنه في مزاد علني يحاول من خلاله أن ينتصر للطرف الذي استفاد منه وهي “السعودية” في كل الوجوه ، وهذا ما يدفعنا إلى إظهار الكثير من المخاوف وعدم الاطمئنان إلى سير مثل هذه المفاوضات التي بلغت مبلغاً غير طبيعي من حيث التسويف والمماطلة أو من حيث استمرار الخروقات البرية والغارات الجوية من قبل طائرات العدو السعودي ومن تحالف معه ، فكيف بالله عليكم نسمع عن وصول مئات المدرعات محملة بمئات الجنود، في الوقت الذي يطلب من الوفد الوطني أن يستمر في الحوار ويتفاءل، من أين سيأتي التفاؤل في مثل هذه الحالة ؟ وإلى أين ستصل مثل هذه المفاوضات ؟ إن الأمر يبعث على الاشمئزاز والخوف من النتائج التي تترتب على مثل هذه المماطلات ، بينما نسمع عن دول عشر وثمانية عشرة ووسطاء لا نجد أي رد فعل يبشر بالخير، وكما يقال (أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً)، إذاً فولد الشيخ أصبح ينطبق عليه المثل السابق، فهو أكثر من ولد سوق في مثل هذه الحالات، وهذا يدفعنا إلى أن نشد على أعضاء الفريق الوطني بأن يكونوا عند مستوى المسئولية وأن لا يقدموا المزيد من التنازلات ، فإذا كان ابن الشيخ بجلالة قدره يدفع نحو الحرب وأنها خطر لابد منه ، إذاً لماذا المزيد من ضياع الوقت بلا مبرر ، فالعود أحمد كما يقال ولنعد جميعاً إلى مرابع الوطن نحميه ونذود عنه من الأعداء بأرواحنا ومهجنا .
كفى خطاب الذات :
مع أني استبشرت خيراً بوجود هذا الفريق الإعلامي الكبير المصاحب للوفد الوطني واعتبرتها خطوة إيجابية هامة ، تمثل الاهتمام بالإعلام باعتباره محو ارتكاز أي قضية إلا أني أستغرب من الفريق الذي يضم الكثير من الفطاحلة أنهم حتى الآن لم يخترقوا الطرف الآخر ولم يقدم لنا أحد منهم محللاً سياسياً أو صحفياً كويتياً أو عربياً أو أجنبياً ممن يتابعون التغطية ، لا نرى ولا نسمع إلا تصريحات وتحليلات للفريق الذي ذهب من صنعاء، وكأننا مصرون على مخاطبة بعضنا البعض ، فأين إذا الدبلوماسية واللباقة والقدرة على الإقناع واختراق الطرف الآخر، إن الكويت واحة إعلامية وثقافية ولا يمكن أن كبار الصحفيين عجزوا عن اختراق هذه المؤسسات الإعلامية على الأقل لتوضيح الصورة لها واستقطابها إلى حظيرة الحق لا نريد المجاملة ، فما بال إخواننا في الفريق غافلون عن هذه النقطة ، سؤال مشروع يجب أن يتنبهوا له .. والله من وراء القصد ..