يا للهول!!

عبدالمجيد التركي

* الثورات والحروب والعدوان أشبه بغربال يقوم بتنقية الناس وإظهار معادنهم الحقيقية، تماماً كالنار التي تصهر الأشياء وتعيدها إلى أصلها.
حَدَثَ العدوان، وتم استدعاء بعض الإعلاميين والكتَّاب والمثقفين والشعراء، وتلقيتُ عرضاً للعمل في صحيفة الرياض بمبالغ تصل إلى عشرة أضعاف ما أتقاضاه من صحيفة الثورة.. هكذا كان العرض، وما زلتُ محتفظاً بالرسائل، لكني لا أحب السعودية من زمان، فكيف أذهب الآن في ظل العدوان على بلدي؟ ولا أقدر أن أترك صنعاء.
اعتذرتُ، لأنني أفضِّل أن أمسح السيارات في اليمن على أن أكون رئيس تحرير في الرياض.
لا أتحدث عن هذا لأثبت شيئاً، فالطبيعي أن يرفض كل اليمنيين الذهاب إلى الرياض.. لكن هناك من لم يذهب ويعمل مع العدوان أفضل من الذين ذهبوا إلى الرياض.
من هؤلاء صديقي الذي حظي بمناصب كبيرة في الدولة، كل يوم يصدمني بشيء جديد في كتاباته وآرائه.. آخرها حين قال:
“إذا كان اليمنيون مجانين في لحظتهم الراهنة الهوجاء- وهم أصل المشكلة- فإن إخواننا الخليجيين عاقلون.. كما نظن، على الأقل أعقل قليلاً من اليمنيين”!!.. انتهى.
يا للهول.. نحن أهل الفن، وأرباب اللغة والشعر والأدب، وأصحاب الحضارات، يطلعوا أصحاب بول البعير وسروال المؤسس أعقل منا؟
لمجرد أن هناك صراعات داخلية نقوم بإلغاء كل تاريخنا لنمجِّد دولاً طارئة ما زالت تأكل الضَّبَّ وتشرب البول؟
ماذا قدمت السعودية والخليج للفن والأدب، وهل هناك مفكر أو فيلسوف يساوي واحداً من شعرائنا وفلاسفتنا.. مَنْ هم عباقرتهم؟
من المجحف أن نساوي عقولنا بعقولهم، فما بالك أن نصف اليمنيين بالجنون.. وجنوننا كله لا يساوي جنونهم بإلقاء تلك القنبلة الهائلة على جبل نقم.
صديقي.. انتقِدِ الحوثيين وتقاتل معهم، لكن لا تجعل حقدك عليهم يدفعك للوقوف مع أعدائك ضد وطنك.

قد يعجبك ايضا