مدير مديرية السلفية نصير شايع عز الدين لـ »الثورة « :

شبكة الطرقات تحتاج إلى إعادة تأهيل بعد أضرار السيول
حـوار : محمد محمد إبراهيم

خروجاً من مدينة الشرق آنس وبالاتجاه جنوباً صوب عتمة ووصابين، على الطريق المحاذي للضفة الغربية لوادي رماع الشهير تنتصب يميناً جبال عزلة الأسلاف الشاهقة.. تلك الجبال هي إطلالة لوحة طبيعية تلتقي فيها مفردات الخضرة والغيم ونأي المراعي المرتل على شفاه إنسان عشق الأرض فبنى الحصون والقلاع والقرى المعلقة.. وتلك الجبال هي طلائع تضاريس مديرية السلفية-محافظة ريمة..
أضرار السيول التي خلفتها الأمطار الغزيرة هذا العام، والحالة التنموية والتحديات التي تواجه جهود النهوض، وشيئا من حياة الناس، ومقومات الوجود التاريخي والثقافي والسياحي لمديرية السلفية، وقضايا أخرى، ناقشتها الثورة مع مدير عام المديرية نصير شايع عز الدين إلى التفاصيل..
• في البداية ضعنا أمام صورة عامة مختزلة عن مديرية السلفية محافظة ريمة.. وما هي الأضرار التي لحقت بها هذا العام جرَّاء الأمطار الغزيرة.. ؟!
إدارياً تعدُّ مديرية السلفية واحدة من أكبر مديريات محافظة ريمة الست، وديموغرافياً تقع المديرية شرق المحافظة على مساحة تزيد عن 371 كم2 وعدد السكان وفق التقديرات الاولية ما يقارب (110) الف نسمة موزعين على (19) عزلة وبواقع (20) عضو مجلس محلى.. وبالنسبة للأضرار التي لحقت بالمديرية جراء الأمطار، فأود الإشارة إلى الأمطار الموسمية لهذا العام أكثر من أي عام مضى، إذ هطلت- لساعات طويلة- على أماكن رخوة خصوصاً التي شقت فيها الطرقات الرئيسة والفرعية.. وقد تضرر كثير من المواطنين في منازلهم، وأراضيهم ومدرجاتهم الزراعية في كثير من عزل المديرية، وانقطعت على إثر ذلك بعض الخطوط الرئيسة والفرعية، مثل بني نفيع وبني الواحدي ولاتزال الكثير من البيوت الواقعة على ضفاف الوديان كوادي جعيرة وصيحان الدومر، ولا زالت معرضة للخطر.. وقد تم حصر كافة الاموال والممتلكات العامة والخاصة التي تضررت، في تقرير مفصل وتم رفعه الى قيادة المحافظة لأن السلطة المحلية غير قادرة على مواجهه الأعباء الناتجة عن حجم تلك الأضرار وهي كثيرة جداً..
معالجة الأضرار
•ما الذي قدمته المحافظة وقيادتها..؟
حقيقة، لم يكن في إمكانية المحافظة الشيء الكثير لتقدمه سوى توجيه الشركات العاملة في الخطوط الرئيسية للمساعدة وفتح الخطوط التي انقطعت، وكانت المؤسسة العام للطرق متجاوبة في هذا الظرف بشكل جيد، ولا تزال معظم الخطوط تحتاج الى إعادة تأهيل لتكون في خدمة المجتمع بالشكل المطلوب وبالأخص طريق مركز المديرية الذي تضرر بشكل كبير ويحتاج الى تدخل عاجل لإصلاحه فبقاؤه على هذه الحالة سيعرقل حركة السير مما انعكس سلبا على مختلف الجوانب الحياتية، في مركز المديرية..
الحالة التنموية
• ماذا عن الحالة التنموية للمديرية.. أي ما هي المشاريع القائمة والمتعثرة.. ؟
حالة المديرية التنموية كانت جيدة فقد شهدت في السنوات السابقة تنفيذ شبكة من الطرقات الرئيسة والفرعية، حيث تمر في المديرية ثلاثة خطوط رئيسية مسفلتة، وهي ( طريق الدومر-مضبعة-النوبة-نوفان) و(طريق جَعَيْـرة -بني الواحدي- بني الضبيبي..)  والطريق المحاذي-غربا- لوادي رماع ( مدينة الشرق آنس-الرييم-ضحيان-كسمة) وهناك خطوط فرعية، لا زال بعضها جديداً كـ(طريق – الشرف- المحل –السورة) الذي يربط مجموعة من القرى بالخط الرئيسي (الدَّومَر-مضبعة–بني الجرادي).. لكن الخطوط الأخيرة والفرعية لا زالت سيئة ووعرة تحتاج إلى تدخل للقيام بمسحها، أو تعبيدها بمساهمة المستفيدين وهناك خطوط تدخُّل الصندوق لرصفها وهي ذات جودة عالية، مقاومة لكل عوامل التعرية، مثال (طريق الخنمة – نمر –ا لأسلاف).. أيضاً لا زالت بعض المشاريع غير مكتملة، إذ لم تتعثر فحسب بل توقفت بسبب ما يتعرض له الوطن من عدوان غير مُبرر استهدف مقدرات الوطن وبنيته وبشكل غير مسبوق وتحت صمت إقليمي ومباركة دولية ونتيجة لذلك فقد تعطلت الكثير من المشاريع وتوقفت عجلة التنمية بشكل كلي في المديرية وتعرضت المشاريع القائمة الى تدهور وخاصة الطرقات التي كانت على وشك الاسفلت..
مصادر دخل الفرد
• ما هي مصادر دخل الفرد في المديرية.. ؟!
الزراعة مهنة رئيسة للمجتمع الريفي في مديرية السلفية.. إلى جانب مهنة “المناحل” نظراً لتوفر الطبيعة الخضراء المناسبة لمراعي النحل، ويعمل في هذا المجال عدد لا بأس به.. غير أن هذا الجانب لم يستغل كما يجب، ولو استغلت ستدر على المشتغلين بها أرباحاً كبيرة خاصة أن نوعية المنتج جيدة ونقية ولها رواج لدى التجار الذين يشتغلون في مجال بيع العسل داخل وخارج الوطن.. كما تشكل الوظائف الحكومية، مصدراً معيشياً رئيسياً لكثير من أبناء المديرية حيث انخرط عدد كبير منهم في الجانب العسكري، وكذلك الجانب التربوي والصحي حيث يعمل نحو (1480) معلما ومعلمةـ من أبناء المديرية في القطاع التربوي.. و(146) موظفاً في قطاع الصحة. كما أن هناك أعداداً لا بأس بها من الكوادر تعمل خارج المديرية في أجهزة الدولة والقطاع الخاص والمختلط.. التجارة أيضاً والمشاريع الصغيرة تشكل مصادر دخل معيشي لأعداد لا بأس بها من أبناء المديرية، إضافة إلى الاغتراب (الداخلي والخارجي) الذي يشكل جزءً محورياً من مصادر دخل الفرد في المديرية، حيث هاجر الكثير من السكان -منذ زمن طويل- وهذه الفئة تؤمن مصدراً مريحاً لأسباب الحياة الكريمة لأسرها، غير أن معظم من هاجر سكن المدن بحثاً عن الجانب الخدمي وسبل الراحة والاستقرار، ولا تزال لهم ارتباطات في المديرية ولهم تأثير في مكونها الداخلي الاجتماعي والسياسي..
• ما هي المحاصيل التي تزخر بها المديرية..؟ وما هي الآفاق الجديدة للاهتمام بالتطوير الزراعي..؟
تزخر مديرية السلفية بزراعة المحاصيل الزراعية النقدية مثل البن والفواكه والخضروات.. ومن الآفاق الجديدة لفرص يلاحظ توجه المواطن نحو زراعة المحاصيل النقدية السريعة حيث تتزايد في هذه الفترة “محميات الخيار”، الـتي وصل عددها إلى ما يقارب (300) محمية، والعدد مرشح للزيادة وقد أُنْشَئَتْ لذلك أربع جمعيات زراعية للاهتمام بالتسويق والحصاد واشهر تلك الجمعيات جمعية، جَعَيــرة وجمعية صيحان وجمعية بني نفيع الزراعية.. ومن الملاحظ أن الهيئات الإدارية لهذه الجمعيات تحتاج الى عقد العديد من الدورات اللازمة لتفعيل أدوارها وتعددت أنشطتها وفق الأسس العلمية المطلوبة لكي تعود بالنفع على قدرات المزارع وجودة المنتج الزراعي.. وانطلاقاً من حرصنا في قيادة المديرية، نقوم بتوعية المزارعين بأهمية الحصول على البذور المحسنة ليستفاد منها بالشكل المطلوب.. وفي الآونة الأخيرة انتشرت مزارع الدواجن بشكل كبير، حيث وصل أعداد تلك المزارع إلى ما يقارب (200) منشأة، تنتشر على الخطوط الرئيس للمديرية، وهذا مؤشر جيد يوفر الكثير من فرص العمل ويحرك سوق الدواجن من أعلاف وبيطرة، ومواد بناء الهناجر وغيرها..  كما أن الثروة الحيوانية موجودة ولكن ليس بكميات اقتصادية،  حسب تقارير مكتب الزراعة في الحملات البيطرية بالمديرية..
تداعيات العدوان
• إلى أي مدى تضررت مسارات الحياة التنموية في المحافظة والمديرية جراء العدوان.. ؟
منذ أن تأسست المحافظة في العام 2004م تغير حال مديرياتها الست إلى الأفضل وبشكل كبير وكان أبرز ملامح التحسين هي الطرقات الإسفلتية وسارت حركة المشاريع التنموية وبوتيرة عالية حتى العام 2011م فمثلما تأثر الوطن تأثرت المحافظة وبالتالي تأثرت المديرية.. وما يؤلمنا كثيراً هو عودة الطرقات إلى وعورتها وخطورتها بعد أن كانت علي وشك الإسفلت وكانت الخسائر بالمليارات ومنذ العام 2015م، كما توقفت المشاريع التنموية، وظهرت التزامات على المجلس المحلي لم نتمكن من الوفاء بها فمعظم المقاولين والمنفذين للمشاريع دائنين للمجلس المحلي ونحن نعمل على تفعيل الجوانب الإيرادية والتي هي شحيحة أصلاً.
ما هي المصادر الإيرادية…؟
الزكاة هي المصدر الرئيسي من المديرية .. في الوقت الذي تحتاج المديريات إلى نفقات كبيرة لمواجهة الأعباء المالية المترتبة على ذمة المجلس المحلي.. خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار انعكاسات توقف التنمية في المديرية، مخلفة أزمات مالية لدى قطاع واسع من المواطنين والمقاولين الذين كانت أعمالهم تُوَفِر يداً عاملة كثيرة.
عانى المواطنون من انقطاع المشتقات النفطية بشكل كبير خلال عام العدوان.. فكيف تعاملتم في المديرية مع هذه الأزمة.. ؟!
في المديرية أربع محطات للمشتقات واقعة على الخط العام مدينة الشرق-باجل، وتلك المحطات ادت خدماتها بشكل غير منتظم وحصل منها العديد من التجاوزات أثناء الأزمات التي مر بها الوطن بل وصل الأمر إلى بيع ما صرف، لها أكثر من مرة في السوق السوداء ولم يتخذ ضدها الاجراء المناسب والذي يوازي فعلها وخاصة في ظل احتياج غير مسبوق للمشتقات النفطية نظراً لما تعرض له الوطن من حصار جائر وتم التعامل مع تلك المخالفات بالرفع إلى الجهات المختصة وتوجيه الأجهزة الأمنية بالوقوف في وجه تلك المخالفات غير أن الحاجة لاستمرارهن في توفير المشتقات النفطية كانت أقوى من مخالفاتهم فاضطررنا إلى تشديد الرقابة الميدانية على أصحاب تلك المحطات وتم إبلاغ شركة النفط بالمخالفات ومن ثم وضعنا آلية تنسيق للتعامل مع تلك التجاوزات بين شركة النفط والمجلس المحلي بالمديرية وهو ما نتج عنه توفير المشتقات وتخفيف معاناة الموطنين..
أولويات مهمة
• حالياً ما هي الأولويات التي تعملون عليها..؟ وما هي المشكلات التي تعانونها على المستوى الإداري والمحلي.. ؟
منذ استلامنا لمهامنا في المديرية في منتصف العام 2015م، وضعنا أولويات للعمل وآلية تكفل تفعيل الأداء العام للمديرية، من خلال انتظام سير العمل الإداري نظراً للظروف الصعبة التي تواجهها البلاد، ومن ثم تلمس المشكلات الأهم سواء على الصعد الاجتماعية والسياسية حرصاً على أن تؤثر الانقسامات التي شهدها البلد على وحدة النسيج الاجتماعي وقيم التعايش بين كل قوى وأفراد المجتمع، وكان هناك أيضاً أولويات لاستئناف المشاريع المتوقف لكن هذه الأولويات اصتدمت بواقع مؤسف من تداعيات الأزمات التموينية والمالية التي فرضها البلد بشكل عام..
أما التحديات والمشكلات فحدث ولا حرج ففي الواقع تعد المديرية طاردة للعاملين لأسباب متعددة من أهمها الطابع الاجتماعي الذي يميل نحو الشدة في التعامل والذي بني على فترات طويلة على حساب أساسيات تواجد أجهزة الدولة الأمنية والتي أصبحت هي الأضعف، وإن تواجدت فهي تعزز الجوانب العرفية في التعامل مع كافة القضايا.. وكذلك عدم توفر الخدمات المُعينة على البقاء في مركز المديرية كالمطاعم والاستراحات للوافدين وقلة المنشآت بالذات الجانب القضائي والخدمي..
• وكيف يمكن تجاوز هذه التحديات.. ؟ وماذا عملتم بخصوص هذه المشكلات.. ؟
بالإمكان تجاوزها عبر توفير الخدمات الأساسية والدعم اللازم لبقاء قيادات العمل الإداري في مقراتها.. ومساندة قيادة المديرية لتوفير الخدمات اللازمة للاستمرار من منشآت وأثاث.. وقد تابعنا وزارة الإدارة المحلية وتم توفير بعض الأثاث اللازم لمكتب الإدارة المحلية، كما رفعنا العديد من المذكرات مطالبين بالعمل على توفير ما أمكن توفيره من الخدمات في مركز المديرية، غير أن الظروف كانت أقوى فكان أداؤنا وفق إمكاناتنا الشخصية.. لإدراكنا أنه من المهم العمل على إحياء مركز المديرية والقضاء على كل المعوقات من أجل إعادة الوضع إلى طبيعته كبقية المديريات..
الجانب السياحي
• سياحياً وثقافياً ما هي خارطة الفُرَص السياحية وهل توجد مآثر تاريخية.. ؟!
سياحياً وثقافياً تتمتع المديريات بمقومات ممتازة، فهناك ما يجذب الزائر للمديرية سواء المناظر الطبيعية الساحرة، وتنوعها بين الجبل والهضاب الواسعة، وكذلك الوديان الموسمية والوديان الجارية، والمدرجات الزراعية التي يُخيّل إلى الناظر إليها أنها مجلس لشدة الاعتناء بها، وهناك ثروة حيوانية برية متعددة كالثعالب والسحالي والورل والضباع والقطط البرية وكان إلى عهد قريب الغزلان والوعل العربي والقرود وغيرها. أو المعالم التاريخية التي توجد في المديرية، كالقلاع التاريخية والحصون، ومن أهم تلك القلاع، قلعة وحصن المنتصر في مركز المديرية، وقلعة الطويلة، وحصن دار الجبل، حصن ذهاني، وقلعة أو مدينة المصنعة في الدومر، التي عثر فيها على نقوش وآثار حميرية، وحصون كثيرة لا يتسع المقام لذكرها. كما اكتشف في المديرية عدد من المواقع الأثرية التي تحتوي على كنوز الدولة الحميرية. ومن هذه  المواقع جبل ذهاني، وجبل المصنعة وجبل عزان، ومحل سبأ ( قرية الحقب)، وجبل ذهبو، وجبل راعة، وقرية العدن، وجبال وحصون الدومر.. كما أن هناك السيوف والحلي والمخطوطات النادرة التي تحكي تاريخ عريض من المقاومة الشرسة التي أجترحها أبناء مديرية السلفية ضد الوجود العثماني، وفيها أماكن معروفة إلى اليوم بتلك المعارك وكذلك مقابر خاصة بالعثمانيين.. أضف إلى ذلك وجود عدد القباب والمساجد التاريخية، التي من أهمها مسجد الضلاع (السبعة) في مركز المديرية، ومسجد رباط الدومر، وهما من أقدم المآثر الإسلامية في المديرية.. كما يوجد في المديرية العديد من الأسواق الشعبية الأسبوعية تمارس فيها عملية البيع والشراء لمختلف السلع وأهم تلك الأسواق الربوع بني العُبْـدِي، النجد النوبة، الأحد الدومَر، السبت بني قُشيب، والإثنين الأسلاف..
أخيـــراً
•كلمة أخيرة تودون قولها في نهاية هذا الحوار.. ؟!
أخيراً أدعو أبناء المديرية لمزيدٍ من الحرص على قيم السلم والاجتماعي والتعايش والوئام، فإن أذكيت شرارة الخلافات الانقسامات والفتنة فإنها لن تتوقف بسهولة، وخاصة أن هناك من يريد إشعالها، كما أتمنى أن تنجح كل المساعي التي تهدف الى لملمة جراح الوطن في حوار الكويت، فإن التاريخ لن يرحم من ساعد وساند الفوضى والخراب في اليمن، فأقول: يكفي سفك للدماء وإهدار المقدرات، فقد بذلنا لأجل بنائها تضحيات غالية وجُهْد ومال، لأن الوطن يستحق أن نضحي من أجله، فلنتنازل لبعضنا، فقد وصل الخلاف والنزاع إلى العمق، وأكاد أجزم أن الكويت ومسؤوليها يحملون النوايا الحسنة تجاه اليمن وأهله، وهذه ليست المرة الأولى لاحتضان الكويت لفرقاء العمل السياسي فقد سبقتها مرات من السبعينيات وحتى اليوم فكانت ناجحة وكان لها نتائج إيجابية.

قد يعجبك ايضا