البن اليماني في معبر رفح!!
حسين البكري
بعد أن قررت السفر إلى قطاع غزة لا لرؤية الأهل فقط ولا الأصحاب لأنهم ماتوا جميعاً.
أهداني أحد الأصدقاء من اليمن كيساً مملوءاً بحبوب البن اليماني الطازج، وودعني قائلاً تروح وتأتي بالسلامة، بلّغ تحياتي وسلامي إلى غزة وأهلها.
في صباح اليوم الثاني ركبت الطائرة إلى مطار القاهرة، ثم توجهت مباشرة بالسيارة إلى معبر رفح.
وقفت أمام ضابط التفتيش الصهيوني، فوجد كيس البن اليماني، على الفور حجزه وقال لي: ما هذا؟ ماذا تفعل به؟ هذا غير مسموح بدخوله؟
قلت له: هذا حبوب بن يماني.
– قال مستغرباً: ماذا قلت؟ بن يماني في معبر رفح؟ أنا مستغرب من كلامك، ثم ألتفت خلف ظهره ونادى بصوت مرتفع احضروا لي “إسحاق اليماني” الذي ظهر بملابس شبه رثّة وغير نظيفة وبائسة.
– وسألني: ماهي المشكلة؟
– قلت له: ما هذا .. قلّبه بأصابعه وهتف: هذا بن، من أين أتيت به؟
– قلت: من صنعاء، وكاد أن يحضنني بالأحضان إلا أنه كان خائفاً من الضابط.
– سأله: ماهذا؟
– أجاب: بن من اليمن .. وألتفت نحوي هامساً: الحمد لله على سلامتك.
– والله كانت حياتنا في اليمن أكرم وأشرف .. لكن كل شيء مكتوب.
– ثم أدار ظهره وغادر الغرفة وأنا أتبعه بيدي حقيبتي والبن وسمعت صوته يهمس ياغزاوي: أنا بدي البن وسأعطيك مائة دولار.
– قلت له: أنا سأعطيك البن ببلاش.
– قال والفرح في عينيه: ما أسعدني في هذا اليوم، أنا والعائلات الصديقة سنحتفل الليلة وكل ليلة بشرب القشر والبن اليماني إضافة إلى الجعالة اليمنية.
– قلت: بصوت خافت: إذا أنت سعيد ومرتاح، وسأعطيك إياها ببلاش بشرط .. أن تقول لأولادكم أن ترحمونا وتتقوا الله فينا أثناء الحروب.
– هذا ما أطلبه منك.
– قال: حاضر.
– سألته: أين أضع كيس البن؟
– أجاب: تحت الكرسي الذي أجلس عليه ولا تثير الشبهات حوله.
– شالوم..