لحظة يا زمن.. تصوير
محمد المساح
تضيع “القَرَّاعة” وتختفي، ويتساءل: كانت في الجيب!، يفتش كل الجيوب التي تتوزع في ثيابه، لا يجد الولاعة، ثم يتساءل مع نفسه منزعجاً من ضياعها المتكرر، ويصرخ بصوت جهوري عالٍ: يا ترى أين ذهبت الملعونة.. أكيد شلوها الجن، وهو يفتش عنها، وفي بحثه القلق يَعُضُّ السيجارة بين الأسنان المتبقية في فمه، فيقصفها نصفين، نصفٌ يظل بين شفتيه، والنصف الآخر يفلت، ويعود يَجِدُّ في البحث عن الولاعة، وبلفتة مصادفة يجدها تحت “الميز”، حينها ينحني ليلتقطها، ويُوّلع النصف المتبقي من السيجارة، فتحرق مشافره، وكأن الجني قد حضر، وطار مع النفس الوحيد من بقايا السيجارة المحترقة.
ومن بعيد جداً، يضحك على صاحبنا ويقهقه، ويختفي، وتظل القهقهة بصوتها الساخر تحيط بولاعةٍ لا تجد حبة سيجارة يُوّلعها صاحبنا الفاقد والمفقود.
بكاء الليل
في عز الضوء القمري، والبدر في اكتماله، يبكي الليل أحياناً، وبكاؤه حزين جداً، يبكي على الضَّباحة المنتحبين في دواخلهم بلا دموع، ويظل الليل يذرف دموعه بصمت وبحرقة، وهم يفكرون في اليوم التالي باللقمة والعمل، يشفق عليهم، حيث لا يستطيع أن يفعل لهم شيئاً، ويبكي.. يثير بكاؤه الشجن الساكن في الأعماق، كما يثير كل مواجيدهم والأوجاع.