نكبة نقم
حمدي دوبلة
صادف يوم الاربعاء الماضي الذكرى السنوية الأولى لكارثة حي نقم السكني شرقي العاصمة صنعاء وماحلً بسكانه البائسين من آلام وجروح جراء تلك القنبلة الملعونة التي قرر أشقاؤنا “الأشقياء” في لحظة طيش مجنونة أن يرسلونها نارا وجحيما على رؤوس اخوانهم الكادحين في اليمن.
شاءت الأقدار أن أكون من سكان هذا الحي الفقير إلى جانب الآلاف من الفقراء والمعدمين الذين لم يتصور أحد منهم أن يلاقي ويشاهد بعينيه المجردتين شيئا من أهوال يوم القيامة.
كان مساءً مرعبا وكئيبا ولعل لحظاته العصيبة ستظل عالقة في ذاكرة الناس وعقولهم أبد الدهر ولاشك ستُروى للأبناء والأحفاد ولن يمحو آثارها المظلمة تعاقب السنين والأيام كما لن يستطيع أحد أن يقنع ضحاياها وما أكثرهم بأن ما عاشوه من أهوال وملمات لم يكن إلاَّ من قبيل المساعدة والعون للشعب اليمني وفي سبيل ترسيخ أمن اليمن واستقراره وضمان رفاهية شعبه.
اتخذت سماء المنطقة عند صلاة مغرب ذلك اليوم ألوانا عديدة قبل أن يحدث الانفجار العظيم وتتطاير شظاياه ومكوناته إلى مساحات شاسعة لتزرع الموت والخراب في أرجاء هذا الحي السكني الذي أطلق عليه خبير عسكري امريكي يُدعى غوردون دوف بهيروشيما اليمن في إشارة إلى القنبلة النووية التي القتها الولايات المتحدة الأمريكية على اليابان خلال الحرب العالمية الثانية وخلفت ملايين الضحايا ولازالت آثارها تتوالد إلى اليوم على شكل عاهات وتشوهات تصاحب المواليد القادمين من بطون أمهاتهم.
انتشرت الأشلاء في شوارع الحي وأزقته وتهدمت منازل على رؤوس ساكنيها وهرع الناس نساءً ورجالا كباراً وصغاراً يركضون على غير هدى بحثا عن الأمان تاركين بيوتهم مفتحة الابواب في مشاهد اختلطت فيها صرخات الاستغاثات ونحيب الثكالى والأطفال بدوي الانفجارات الارتدادية التي استمرت لساعات طويلة عقب انفجار هذه القنبلة التي اختلف الخبراء في تصنيفها وتسميتها وهل هي نيترونية أم فراغية أو نووية مطورة بحسب رواية الخبير الأمريكي دوف لكن ماكان محل اتفاق الجميع هو انها نوع من السلاح المحظور والمحرم دوليا وإنسانيا وأخلاقيا.
أسفرت حادثة نقم المشؤومة عن 40شهيداو300جريح غالبيتهم من النساء والاطفال وكبار السن بينهم جاري العزيز الحاج علي الثلايا والذي أقامت أسرته الاربعاء الماضي فعالية تأبينية بمناسبة مرور عام على استشهاده في هذه النكبة لكن الوطن لا يزال يُنكب يوميا على أيدي أعدائه الحاقدين وكثير من أبنائه للأسف الشديد