العراق والأعمال الإرهابية

اسكندر المريسي

شهد العراق خلال اليومين الماضيين تصاعداً كبيراً في أعمال العنف المنظمة والمتواصلة أبرزها الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة بغداد راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل وجريح حيث تتواصل التفجيرات في عدد من المحافظات العراقية بشكل يومي مخلفة وراءها عشرات القتلى والجرحى الأبرياء وسببت ارباكاً كبيراً للحكومة .
ولا شك أن الترويج الجاري عن هذه المشاهد الدامية بأنها ناتجة عن دوافع طائفية بين مكونات المجتمع وهي استنتاجات غير صحيحة لما يرى بعض المحللين والمراقبين للشأن العراقي الذين يذهبون إلى أن التداعيات الجارية في المشهد السياسي العراقي تقف وراءها أياد خارجية بدرجة أساسية على اعتبار أن العراق بكل مكوناته الطائفية لم ينزلق إلى أعمال العنف السياسي في أشد المراحل التي شهدها إبان الغزو الأمريكي عام 2003م حيث كانت مراهنة القوى الخارجية على تفكيك العراق تحت دواعي ومبررات المذهبية والطائفية وإثارة الخلافات تحت ما يسمى بصراع السنة والشيعة على التفكيك الداخلي لإثناء إرادة الشعب عن بناء مشروعه الوطني بعيداً عن الأجندة الخارجية بكافة أشكالها وأنواعها، إلاَّ أن تلك المراهنة باءت بالفشل وأنهى العراق الاحتلال ودخل انتخابات بشكل جرى التنافس فيها وفقاً لمعايير موضوعية أدارتها اللجنة الوطنية للانتخابات العراقية وقطع شوطاً كبيراً في استعادة أمنه واستقراره.
وكان ثمن ذلك تصدير أعمال العنف من الخارج أكثر مما هي من الداخل وإيجاد أدوات ووسائط داخلية لإضفاء مشروعية على تلك الأعمال، في ظل ثقافة التعبئة الخاطئة التي تقوم على الغلو والتطرف وتصوير الحكومة بأنها فئوية وطائفية والتحريض على إثارة الفتن داخل العراق وقد كان المشروع الدولي سابقاً يقول إن مشكلته هي مع نظام صدام حسين وأن إنهاء ذلك النظام يعني وقف التدخل الخارجي في الشأن العراقي، لكن ثبت بالظرف الراهن أن الهدف كان وما زال وسيظل العراق بوحدته هدفاً أساسياً للمشروع الدولي، وكذلك المكونات الأساسية للبلد بشكل عام، لأن السلطة التشريعية تضم السنة والشيعة والحكومة كذلك انعكاس طبيعي لكافة مكونات المجتمع العراقي.
وهو ما يظهر أن العداوة لم تكن لأشخاص وإنما كانت لذات العراق لكي لا ينهض مجدداً كنور عربي لا ينطفئ وطريقاً للحرية لا ينقطع ولعل هذا التكالب الخارجي بذكرنا بالسعار الدولي والذي كان يهدف لكسر إرادة العراق وقطع طريق تطوره الطبيعي وإبقائه في دائرة الحصار شبه المعلن وإشغاله بالعنف السياسي الموجه والمنظم من قوى خارجية لا تريد إلاَّ عراقاً ضعيفاً غير قادر على استعادة دوره في الخارطة العربية وبناء مشروعه الوطني.

قد يعجبك ايضا