■ مستشارون قانونيون :ملفات الإثبات تحتاج تضافر جهود رسمية ومجتمعية لتنفيذ الإثبات بطريقة مهنية ذات جودة
على مدى عام كامل كانت المنشآت التجارية والصناعية والمدنية في اليمن عرضة للقصف الجوي من قبل قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ،ذلك القصف والتدمير يصنف في تعريفات القانونيين بأنه عدوان يتحمل فاعله النتائج المترتبة عنه كجبر الضرر وتعويض المتضررين والحق في الملاحقة الجنائية للفاعل ،وهي خطوات قانونية بامتياز، لكنها تحتاج اتخاذ سلسلة من الإجراءات الميدانية القانونية أيضا لإثبات ذلك الضرر بطرقه المعتمدة دوليا ،تلك هي مهمة جهات محلية تعتمد في عملها على الطرق القانونية وهي بالتالي جديرة بأن تسترجع حقوق المتضررين في بلادنا وفقا للقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان. فما هي تلك الخطوات وما أهميتها الاقتصادية للمتضررين ومن يقوم بها وكيف تصبح ذات دلالة وحجية ؟
هذا ما يجبب عنه الخبراء في مجال القانون والأدلة ويحددون الكيفية الصحيحة لاثبات الأدلة خطوة بخطوة ،ضمن سلسلة مترابطة هدفنا منها التوعية للمتضررين لعلمنا بأن المعركة القادمة هي معركة قانونية فما فقده اليمنيون بالقصف والتدمير يمكنهم استرجاعه بالقانون ولو بعد حين .
خسائر اليمنيين
تعرض اليمنيون لخسائر فادحة في ممتلكاتهم وأرواحهم وحقوقهم منذ اليوم الأول للعدوان في 26 مارس 2015م وتشير تقديرات أولية إلى أن الخسائر الاقتصادية التي تعرضت لها المنشآت الاقتصادية وحدها تقدر بـ 50 مليار دولار للقطاع الخاص وحده فهناك المئات من المنشآت الصناعية المتنوعة والمصنفة بأنها كبيرة الحجم ومتوسطة وصغيرة ،ومزارع الدواجن والمضخات الارتوازية ،والمنشآت الخدمية كمحطات الطاقة ومركبات النقل والفنادق والمنتزهات وغيرها .
أصحاب المنشآت الاقتصادية يحملون ملفات كثيرة عن حجم الأضرار ومقدار ماخسروه ،لكنهم من غير قصد لايدركون أن تلك الملفات وماتحمله من معلومات لن تكون حجة أمام أي هيئة قضائية أو حقوقية دولية لعدم مراعاتها للمتطلبات القانونية والإجرائية الصحيحة .
المشكلة
تتمثل المشكلة الكبرى أمام إثبات حقوق المتضررين اليمنيين جراء القصف الجوي من قبل التحالف العربي في عدة صور يبرزها المستشار القانوني عبد الحكيم المنج في ضعف توعية الجهات الرسمية التي تقوم بمهمة الإحصاء للأضرار التي خلفها القصف الجوي لطيران التحالف على المنشآت التجارية والصناعية والخدمية والمدنية، إذ أن المواطن يعتبر تلك الإجراءات التي تقوم بها تلك الجهات بمثابة أدلة إثبات تغني عن اتخاذ أية إجراءات ثبوتية أخرى لإثبات وقوع الحادث والاعتداء على منشئته .
مع أن ما تقوم به تلك الجهات لاتقوم بدور التوعية للمتضرر لإرشاده إلى الإجراءات الصحيحة الأخرى الواجب اتباعها في مثل هذه الحالات.
ويشير المستشار المنج إلى أن تقرير الأدلة الجنائية يمثل أحد أهم تلك الإجراءات إذ أن أي واقعة جنائية (اعتداء) يتوجب أن تباشر إدارة الأدلة الجنائية مهمة أساسية في هذا الموضوع لتحديد السبب وراء تلك الحادثة، وتحدد الأدلة المتوافرة في مسرح الجريمة التي تؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن سبب الحادثة هو القصف الجوي من الطيران الحربي ،ومعلوم أن هناك حظراً جوياً على الطيران الحربي اليمني وأن الطيران الحربي الوحيد الذي يطير في سماء الأراضي اليمينة هو طيران مايسمى بطيران التحالف بقيادة المملكة السعودية.
دور المنشآت المتضررة
هناك إجراءات كثيرة يتوجب على أصحاب المنشآت التجارية والصناعية والخاصة القيام بها وخاصة الكبيرة منها مثل استصدار تقرير من الدفاع المدني إذ إن الدفاع المدني هو أول جهة يفترض أن تتواجد في مكان القصف لإنقاذ المصابين وإطفاء الحرائق وإزالة الأخطار البيئية والمدنية .
ثم يأتي دور الأجهزة الأمنية لتحرير مكان الحادث لحين وصول فريق الخبراء من الأدلة الجنائية ،وعند وصول خبراء الأدلة الجنائية تتخذ الإجراءات المعتادة للبحث عن الأدلة واخذ البيانات الفنية فيما يتعلق بمكان وقوع الصاروخ والشظايا ومن ثم تحديد سبب الحادث بصورة احترافية ،ثم يأتي دور المحكمة المختصة لإثبات حالة الأضرار.
من يصنع المشكلة
الجهات الرسمية لاتقوم بدورها في التوعية للمتضررين عن الآلية القانونية الصحيحة لإثبات وتوثيق الأضرار مما ينجم عنه توهان المتضرر وعدم الوصول إلى إثبات حقه على الوجه الصحيح الذي تقره القوانين المحلية والدولية.
وفي نفس الوقت يشعر المتضرر أن الإجراءات التي يقوم بها أو يعرضها على آخرين صحيحة أو أن عملية التوثيق إلى تقوم بها بعض القنوات التلفزيونية أو المواقع الإليكترونية أو بعض المنظمات الحقوقية تغني عن اتخاذ الإجراءات القانونية الصحيحة.
مسألة
تعتبر مسألة البحث عن تعويضات دولية هي الباعث والمحرك للمتضررين من القصف وهو الجانب الأهم في تفكير أصحاب المنشآت حاليا ،لكن المتضررين لايعلمون بأن إعداد ملف الأضرار وإثباتاتها هي المدخل الصحيح للحصول على تعويضات دولية إن وجدت في المستقبل وهو ما نتوقعه وفقا لحالات مماثلة إقليميا ودوليا.
إمكانية التعويض
يرى المستشار المنج أن احتمال التعويض وارد بقوة كون ما حدث للمنشآت المدنية والتجارية التي قصفت من قبل الطيران الحربي لدول التحالف يمثل اعتداء متعمدا ومكتل الأركان ولاتبرره أية معاهدة أو اتفاقية أو دستور وقانون ،بل على العكس من ذلك فإن قصف المنشآت المدنية وفقا للقوانين الدولية ومواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان تعتبر جريمة حرب ،فلا يوجد أي مبرر أبدا لاستهدف مصنع لحليب الأطفال أو مخزن للمواد الغذائية أو محطة لكهرباء أو طريق أو جسر يستفيد منه عامة الناس.
دور الأدلة الجنائية
تقوم الأدلة الجنائية بدور كبير في إثبات الأضرار على الناس الناجمة من القصف الجوي لعدوان التحالف بقيادة السعودية، ويوضح الأخ النقيب طاهر المرح مدير الأدلة الجنائية بمديرية الثورة بالعاصمة صنعاء طاهر المرح أهمية التوثيق بالقول إنه واجب ديني ووطني ومهم جدا ،فهذه العملية وطنية لكي نثبت من خلالها للعالم والاجيال القادمة ما قام به التحالف العربي بقيادة السعودية من جرم على الشعب اليمني وما ارتكبته من تدمير للبنية التحتية والمصلحة العامة وهدم المنازل على ساكنيها الآمنين بأمان الله.
كشف الحقيقة
ويشير النقيب المرح إلى أن دور التوثيق هو إشهار هذه الحقيقة من الجرم ولايجوز إخفاءها بل توضيح لمن يتباكون بالحقوق الإنسانية ليل نهار عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ما الجرم الذي وقع على اليمنيين جراء الاعتداء عليهم من الغير فإين الإنسانية والسلام التي ينشدونها وهم يغضون أبصارهم ويصمون آذانهم وطيران العدوان يدمر الشعب اليمني أرضا وإنسانا ولم يبقوا به لا حجر ولاشجر ولهذا التوثيق مهم جدا وحتى للمستقبل للأجيال القادمة ليعلموا ما هو الحقد الدفين الذي تكنه دول الخليج والعالم على شعبنا العظيم ومقدراته (وموقعه الجغرافي الهام)
الصعوبات
رغم العمل الدؤوب والوطني الذي يقوم به رجال الأدلة الجنائية في الخط الأول للدفاع عن حقوق المتضررين فإنهم يواجهون العديد من المصاعب منها الصعوبات المتعلقة بعملية التوثيق نفسه ومنها عدم توفر متطلبات الانتقال وعدم التسهيل للمهام لمن يقوم بالتوثيق في مكان الحوادث من قبل اللجان الشعبية أو أفراد الأمن أو الجيش ومن قبل ساكني الحي وأصحاب العقار والأغلب يمتنع عن توضيح مايطلب منهم أثناء التوثيق ولايرغبون بالإفصاح عنه ولايعلم خبراء الأدلة لماذا لايرغبون بالتجاوب وكأنهم خصوم بدلا من مساعدتهم والتوضيح والإدلاء بالمعلومات الصحيحة التي نطلبها.
أمثلة
هناك العديد من الوقائع في الميدان وتبين جهل الناس وحمقهم تجاه التعامل القانوني مع الأضرار التي يسببها القصف الجوي ويؤدي لإحداث إزهاق للأرواح ومنها ما يتصل بالجثث التي تشهد عند القصف إذ يرفض البعض تصويرها وتوثيقها والبعض يدفنوها قبل وصول المختصين مفيدين ومعتقدين بعدم جدوى التصوير وكأن التوثيق هو عملية تصوير ولايفيدهم بشيء وهذه الحالات تصل نسبتها لـ75% الذين لايبالون بما يحدث لهم وما أهمية التوثيق ،ومن الصعوبات أيضا دور الجهات التي تكلف الخبراء بالنزول إلى مواقع الحادث لم يتكفلوا بحق اللجان المكلفة في التوثيق من الناحية المادية والإمكانيات في أداء المهمة.
الجهات الحكومية
البعض من الجهات الحكومية تقف حجر عثرة أمام عمل الأدلة الجنائية وخبرائها على الأرض وهذا شيء مستغرب منهم إذ يتم منع خبراء الأدلة الجنائية من دخول المباني الحكومية والمنشآت والبعض يقوم بالتلفظ على الخبراء بألفاظ غير لائقة ،على سبيل المثال تم النزول اكثر من مرة إلى إدارة مرور الأمانة والجوازات والمنشآت والى اكثر من منشأة حكومية فلا يجد الخبراء إلا الصد والمنع من التوثيق .
المطلوب
هناك طلبات من خبراء الأدلة الجنائية بأن تقوم للجنة المسؤولة عن التوثيق بمنحهم بطائق خاصة وإشعار الخدمات المختصة في المنشآت الحكومية أو غير الحكومية بتسهيل وبعدم المعارضة لمهام من يقوم بالتوثيق لما يدمره العدوان ،وفي اعتقادنا أن هذا مطلب قانوني ليتم القيام بالتوثيق وعدم التهاون في إثبات الحق للمتضررين.
النصائح
يقدم الخبراء القانونيون وخبراء الأدلة الجنائية لعامة الناس عموما والمتضررين من القصف خصوصا نصائح مفيدة لهم بأن يكونوا واعين ومتيقنين بانه لايضيع حق وراءه مطالب فالتوثيق ليس وقتيا بل يعتبر وثيقة مستقبلية وان ماهو حق مكفول ومطلوب للمستقبل والمقاضاة في المحاكم الدولية لما حدث لهذا الوطن من اعتداء سافر .
لهذا يجب أن يكون التوثيق بطريقة قانونية ومهنية وإرفاق التكاليف بالنزول الميداني في التقارير والتصاريح من الجهة التي وجهت بذلك لأن جميع الأطراف يوجد مع كل طرف محامي النيابة ومحامي طعن عن الإجراءات وإذا كانت الإجراءات سليمة وصحيحة وموضحة لا يستطيع الطرف الآخر التغلب على الطرف الأول.
واجب المجتمع أن يتعاون مع فرق التوثيق بطرق مهذبة وحضارية وان يعرفوا أن ذلك لصالحهم وليس ضدهم وعلى الجهات الرسمية دعم من يقوم بالنزول الميداني للتوثيق أو تشكيل لجنة تسمى لجنة التوثيق في كل محافظات ومديريات الجمهورية ويكون مهمتها وشغلها الشاغل التوثيق وإثبات كل مادمر بطريقة قانونية ومهنية وتكون بإشراف أو تكليف من النيابة المختصة أو الجهات المخولة قانونيا لها بذلك ودعمهم ماديا ومعنويا وتوفير عملية التنقل في المناطق التي هم مكلفون بها .
Next Post
قد يعجبك ايضا