مرجعية الإرهاب
عبدالمجيد التركي
ما يحدث الآن من احتشاد وتجييش وقتل وتفجير واقتحام وقطع طريق له خلفيته ومرجعيته، ومناهجه المتطرفة التي زرعت فينا كل هذا.. فقد كانوا يحشروننا في فصول المعاهد العلمية لتلقيننا أشياء أخرى لا بد من زرعها في عمر الطفولة.. ولم تكن تلك المعاهد خالصة لوجه العلم فقط.
لبيك إسلام البطولة كلُّنا نفدي الحِمى..
لبيك واجعل من جماجمنا لعزِّك سُلَّما..
وأنا في الصف السادس الابتدائي، كان مدرس التربية الإسلامية يردِّد هذا البيت على مسامعنا، دون أن يُلحقه بأيّ تعليق.. وكأنه يريد أن يزرع ثقافة الموت فقط، دون أن يمتلك الطريقة المناسبة لذلك..
كنت أتخيَّل سلَّم الجماجم هذا وأصاب بالرعب، فأتساءل: ما علاقتي أنا كطفلٍ بالموت والجهاد والحِمى الذي لا بد أن نفتديه بدمائنا ونموت لأجله!!
بعد ثلاث سنوات كنتُ أذهب إلى المعهد العلمي بصنعاء- رغم أنني لم أكن طالباً فيه- لأستمع إلى المشائخ الذين كانوا يأتون لإلقاء محاضرات يتحدثون فيها عن الجهاد، ويصفون الجنة حتى نكاد نراها رأي العين.. ورغم أنني كنت أستمتع بوصف الجنة والحور العين وأحلم بأنني هناك، إلَّا أنني كنتُ أشعر بالمغص المعوي حين أسمع هؤلاء المشائخ يتحدثون عن عذاب القبر وعن مطرقة عملاقة تضرب الكافر، وعن الشجاع الأقرع الذي كنت أتخيَّله ليلاً فأتصبَّبُ عرقاً وأرتجف وأغطِّي وجهي البطانية.
ثم سمعتُ أنشودة: ولستُ أبالي حين أُقتلُ مسلماً… على أي جنبٍ كان في الله مصرعي.. كانت كلمة “أُقتَل” أهون بكثير من كلمة “مصرعي”.. هذه الكلمة “مصرعي” كانت تجعلني أتخيَّل نفسي مرتدياً بدلة عسكرية وأنا مقتول في غابة موحشة والمطر يسقط بغزارة، ودمي يختلط مع المطر دون أن ينتبه لمصرعي أحد.