متشائلون حتى إشعار آخر ..!
عباس غالب
لم يكن القاص والروائي الفلسطيني إميل حبيبي يعلم بأن روايتـه (المتشائل)التي صدرت في السبعينيات تقريباً ستنطبق حرفياً على حال اليمنيين الذين يرقبون مشاورات الكويت بين الأطراف اليمنية بشأن العدوان السعودي وعودة السلام إلى ربـوع وطنهم وحالهم منقسم بين متشائم ومتفائل إزاء هذا الوضع الاستثنائي والحرج تماماً كما هو حال الفلسطيني الذي لازال متشائلاً منذ اللحظة وحتى اليوم كما يصف ذلك المبدع إميل حبيبي.
ويمكن انسحاب هـذه التسمية على واقع اليمنيين الذين يعيشون وضعية الحالة الفلسطينية تارة تجدهم معذورين وهم ينظرون إلى حوارات الكويت كونها المنقذ الأخير بينما لا يتردد البعض منهم في العودة إلى التشاؤم وهم يتابعون أيضا مواقف التشدد التي تطبع ممارسات وفد الرياض ونقض الهدنة السارية بحثاً عن حجج واهية لتعطيل مسار هذه المشاورات.
وبين التفـاؤل والتشاؤم يقف هـذا المواطن محتاراً فيما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلاً على صعيد التخلص من وزر وتبعات هذا العدوان والعودة مجدداً إلى تطبيع الحياة في شتى المجالات.
لذلك يبدو التفاؤل السائد حالياً في الكويت مرده إلى إدراك الجميع في الداخل وعلى مستوى المحيط الجغرافي خطورة واستثنائية المرحلة التي يخطط لها أعـداء اليمن وهذا المحيط لما من شأنه هدر المزيد من الدماء وبعثرة الإمكانات وتبديد ثروات الأمة وتحويل عناصر القوة فيها إلى بيئة طاردة للاستقرار.
وتجاه هذه النظرة التفاؤلية سرعان ما يعود التشاؤم إلى الواجهة، إذ لا يجد هذا المواطن بصيصاً من الأمل في تقاسيم وجوه نزلاء فندق ( بيان) الكويتي خاصة وهم أمام خلطة من الأوهام مصحوبة بروشتة سعودية، حيث يجتهدون في وضع العصا داخل عجلات الحل التوافقي أكثر مما يقدمون حلولاً لجوهر الأزمة الراهنة التي لا يقتصر فتيل إشعالها على الداخل وإنما سيمتد أساسا إلى الجارة المملكة وشقيقاتها في الخليج!
وإمام هذه الثنائية التي يصعب على المرء تقبلها باعتبار أحدهما يناقض الآخر فقد اخترع المواطن اليمني بعبقريته المعهودة وصفة (المتشائل) التي تجمع بين حالتي التشاؤم والتفاؤل وصولاً إلى حالة جديدة تعبر عن واقع وضعيته وهو يتابع سجالات الكويت لعل عسى أن يكون هذا الاستنباط مبعثاً للمراوحة التي لا تؤدي به إلى خيارات أكثر مرارة من واقعه الراهن!.