وفد قريش وتعليق مفاوضات الكويت
عبدالعزيز الحزي
وفد (قريش) القادم من الرياض إن جازت التسمية علق مطلع الأسبوع مشاركته في جلسات المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بين أطراف الصراع اليمني في الكويت ، بينما اعتبر وفد القوى الوطنية القادم من صنعاء أن “من لا يريد السلام ومصلحته ومستقبله مرهون باستمرار الحرب على شعبنا اليمني ، هو من يختلق مبررات وأعذارا واهية لتعطيل المفاوضات” .
وهنا يتبين للمتابع أن البعض من أعضاء وفد قريش (الطائشين) لما أدركوا أن هناك مخرجاً لإنهاء الحرب ووقف الأعمال القتالية في اليمن بشراكة حقيقية وتحديدا عندما قدم الوفد الوطني رؤيته الواضحة لحلحلة الأزمة التي يمكن بها أن نتجاوز الأخطار بدأوا يختلقون الأعذار والمبررات لتعليق المفاوضات بعد أن كانت قد انتهت حيلتهم بالتسويف المماطلة وطرح الشروط المجحفة التي لا يمكن القبول بها.
ولقد قام الوفد الوطني إلى مفاوضات الکويت بتقديم رؤية وطنية شاملة- كما يصفها أحد أعضائها البارزين بقوله: “تجمع ولا تفرق ، تقرب ولا تبعد ، تحترم الشراکة والتوافق والتعايش و تلامس هموم الجميع ، بلا مزايدة أو تطبيل” لكن في المقابل راهن وفد قريش على تطورات ما يجري على جبهات القتال والأحداث في ظل خروقات ميليشيات هادي واستمرار الغارات الجوية السعودية على اليمن،فخابت آماله غير المشروعة بصمود وثبات الشعب اليمني الذي يقف خلف الوفد الوطني في معركته التفاوضية مع الفارين إلى عواصم البلدان التي تقف مع العدوان السعودي.
لقد أتى الوفد الوطني إلى الكويت حاملا رسالة عظيمة غايته الكبرى فيها حماية سيادة واستقلال ووحدة الوطن ، ووقف العدوان السعودي على اليمن ،بينما جاء وفد الرياض لا يحمل في جعبته شيئاً سوى أهداف آنية وأنانية يريد بها السلطة والبلاد ليس له وإنما ليقدمها هدية لصاحب الجلالة(سلمان) يطالب الآخرين بتسليم السلاح كهدف استراتيجي للعدو في نزع سلاح الطرف المعادي له وإطلاق أسرى محددين بينهم أقرباء للفار هادي، متناسيا الوطن والشعب والحصار والقتل والتشريد والدمار الذي حل باليمن على يد العدوان وداعش والقاعدة وأخواتهما.
هكذا على مر أيام المفاوضات التي لازالت تروح مكانها منذ بدئها، ووفد قريش منذ اللحظة الأولى لها وهو يختلق الأعذار في تحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال القتالية ووقف الخروقات والاعتداءات على مختلف الجبهات لأنه لا يريد هدنة ولا مفاوضات بل يريد السلطة يقدمها لها الخارج في طبق من فضة ويتناولها بملاعق من ذهب مغنم لا مرغم وفي المقابل تقسيم البلاد ونزع سلاح اليمن لتبقى دولة منزوعة السلاح بجوار دوله عدوانية توسعية.
وکان الوفد القادم من الرياض قد أعلن، الأحد فبيان، تعليق حضوره في مفاوضات الکويت زاعما أن قراره يرجع إلى ما أسماه استمرار الخروقات العسکرية والسيطرة على معسکر لواء العمالقة من قبل الجيش واللجان الشعبية ، کما زعم “أن رغبة الحکومة ( المستقيلة والهاربة للرياض) تصطدم بالأعمال العدائية الرامية لإفشال المشاورات واستمرار الحرب والصراع الدموي في البلد” .
هذه النظرة القاصرة لوفد الرياض ترسم لنا صورة قاتمة أخرى تذكرنا بتعنت قريش التي آلت إلى زوال مع ظهور الإسلام في صلح الحديبية عندما أصرت على فرض شروطها على المسلمين ومنع الرسول وأصحابه من دخول مكة للعمرة فصارت هذه الشروط فيما بعد نعمة لصالح المسلمين ومكسباً للإسلام رغم المفارقة في الصورتين والحالتين.
كما أن ما يدور من جولات مباحثات في مفاوضات الكويت وقبلها في جنيف وفي سلطنة عمان لن تجدي نفعا إلا إذا أدرك الجميع أن مصلحة اليمن العليا والغاية التي لا يجوز التفريط بها ،هي وقف العدوان السعودي على اليمن ، ومنعه من تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية، وتنفيذ أطماعه القديمة ، فالصراع الذي يدور اليوم بين صنعاء والرياض بصورة أساسية هو نفسه الذي كان يدور بين الجمهوريين الذين تدعمهم مصر عبد الناصر في تلك الفترة، والملكيين الذين تدعمهم السعودية وبريطانيا بالمال والسلاح والإعلام والمرتزقة الأجانب.