متى يُنصفون؟
خالد الفضول
في عام 1869م تأسست في أمريكا منظمة تدعى “فرسان العمل ” كتنظيم نقابي يسعى إلى تحسين الأجور ، وتخفيض ساعات العمل ، ومع تطوّر الحركة النقابية في أمريكا نجحت مجموعة من القيادات النقابية في تكوين هيئة للعمال عام 1886م ، وتبنّت هذه الهيئة الدعوة لاعتبار الأول من مايو من ذلك العام يوماً للإضراب العام من أجل تخفيض ساعات العمل إلى ثمان ساعات في جميع المهن والصناعات.
ومنذ ذلك الحين أصبح الأول من آيار/مايو من كل عام هو اليوم العالمي للعمال ، تكرم فيه الطبقة العاملة في كافة أنحاء العالم، و يحتفي العاملون بانتصاراتهم و إنجازاتهم المهنية ، وبمساهماتهم في رقي أوطانهم وازدهار مجتمعاتهم ، ويفخرون بما صنعته سواعدهم .
أما في اليمن، يحتفل العامل اليمني يهذا اليوم بتذكر المآسي التي مر بها طوال أعوام خلت، فهو مغلوب على أمره، لا يكاد يستطيع توفير ما يسد به رمق جوعه، يعاني من مرض وفقر ويواجه أزمات تليها أزمات.
أعتقد بأن العام الماضي هو أسوأ عام مر على العامل اليمني؛ وذلك بسبب الحرب التي فاقمت من معاناة هذه الطبقة ، حيث أن الآلاف من العمال خسروا وظائفهم ، ولم يعد بمقدورهم توفير أبسط مقومات الحياة لهم ولأسرهم.
إن العامل اليمني هو من أتعس عُمال العالم، فمتوسط دخله لا يزيد عن دولارين يومياً، وعند استلام راتبه لا تجده يغطي مصاريف أسبوع. وتزيد المعاناة على العمال الذين يعملون يوماً ويتوقفون يوماً، وأحياناً يستمر توقفهم عن العمل لأشهر أو أسابيع في أفضل الأحوال (بطالة موسمية).
إن المتتبع لتاريخ الشعوب يدرك تماماً بأن لا تنتصر ثورة، ولا تُنال الحرية، ولا تزدهر دولة، إلا بجهود ونضالات العمال، ومن أجل ذلك أهتمت الشعوب الحية بتكريم هذه الطبقة من أجل حثهم على بذل المزيد من الجهود .
ولا يخفى على أحد مدى الإهمال والظلم الذي يعاني منه العمال اليمنيون في القطاعين العام والخاص، صحيح أن هناك العديد التشريعات والقوانين التي أقرت من أجل حماية حقوق العمال، لكنها ظلت على الورق فقط، إذ لم تعط كل عامل حقه.
إن من حق الطبقة العاملة في اليمن أن تحتفي بهذه المناسبة كباقي عمال العالم، وأن تحيا حياةً آمنة بعيدة عن الظلم والاضطهاد. من حقها أن تعيش حياةً تسودها الحرية والعدالة الاجتماعية ، دون حرمان أو ابتزاز ، حياةً تُقدس فيها كرامة العامل، فلا يُذل ولا يُهان من أجل لقمة العيش.
علقت زميلتي الناشطة سماح عزيز على هذه المناسبة وقالت بأنها تشعر بالأسى عندما ترى في إجازة عيد العمال أغلب المواطنين يحتفلون بهذا اليوم إلا طبقة العمال، وحتى أن تم الاحتفاء بهم ، فذلك لا يتعدى ورقة كرتونية تمنح لهم كشهايد تقدير، وهي في الواقع لا تجدي نفعاً طالما بقي العامل بحاجة لأبسط مقومات الحياة الكريمة، فلا بناء ولا نهضة إلاّ بإعطاء هذه الطبقة حقوقها الكاملة .
عندما ينال العُمال حقوقهم، حينها سيكون التكريم، أما الاحتفاء بهم، والإشادة بدورهم في بناء الوطن، وذكرهم بالقول لا بالفعل، فهو لا يسمن ولا يغني من جوع.
عُمال اليمن ، أولئك هم المُتعبون ، في عيشهم منُهكون ، متى يُنصَفُون !!