عن ثقافة الغلو ومخاطرها..!!
عصام حسين المطري
يجمع العلماء المسلمون من جميع المذاهب والاتجاهات الإسلامية عامة على أن المغالاة والتنطع في الدين وفي مختلف الأمور الحياتية قاطبة هو مسلك العاجزين ونهج المرائين وسبيل الفاشلين ذلك لأن الاستقامة الحقة على منهاج الله عز وجل وشريعته الغراء تستدعي لينا محكما ومرونة وضاءة في غير تفريط لتطبيق أحكام وتعاليم الخالق سبحانه وتعالى التي حواها الدين الإسلامي الخاتم الذي صاغ قواعد محكمة لتنظيم وبناء المجتمع الإسلامي الفريد.
إن ثقافة الغلو والتنطع تغالي كثيراً في تنزيل النص على الواقع فتأخذ بالتشدد في فهم كليات الدين وبالتالي في تطبيقها على أرض الواقع المعاش هذا فضلاً عن أن المغالين يفكرون بطريقة خاطئة فيكفرون المجتمع المتفلت ويقولون بفسادة الذي يكافئ جاهلية العرب قبل الإسلام في العديد من مظاهر الحياة المتنوعة سياسيا واجتماعياً واقتصادياً وثقافيا على نحو يلعب بألباب الرجال الحكماء الذين يمقتون العيش في الأجواء المكهربة فثقافة الغلو والتنطع دعوة إلى تضاغن القلوب واختلاف الأفئدة فهي المادة الخام الأولى للأنقسام واليها يعزى سر التخلف والانحطاط في المجتمعات العربية والإسلامية ناهيك عن أنها المولد الرئيس لنشوء وقيام جماعات العنف والإرهاب كما أنها الباعث الأساس للعنف والعنف المضاد الذي يوسع هوة التباين والاختلاف ويذكي نيران الثأر وحب الانتقام ويقف موقفاً رمادياً غير مؤيد لقيم التسامح والتصالح ومعاني الأخوة الإيمانية التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف وتوجهات التعايش السلس بين مختلف الفصائل والتنظيمات السياسية والاجتماعية في المجتمع الواحد.
ومن عباءة هذه الثقافة المضمحلة المتخلفة خرجت دعوى الإباحية المطلقة التي تعطي الحق لنفر من الإرهابيين لاستباحة الدماء المحرمة وقتل النفس البشرية التي حرمها الله سبحانه وتعالى إلا بالحق حتى غدى قتل النفس الإنسانية أهون عندهم من ذبح دجاجة أو خروف إلى أن صارت ثقافة الغلو خطرا كبيراً على الأمة العربية والإسلامية وشرا مستطيراً وعائقا من معيقات التقدم والانبلاج والتنمية الشاملة والحياة الحرة الكريمة على وجه البسيطة.
والأهم والأخطر من ذلك أن تلكم الثقافة أضحت تمثل كيانات وجماعات تدعي وصلا بالإسلام والإسلام منها بُراء براءة الذئب من دم أبن يعقوب عليهما السلام علاوة على أن تلك الجماعات والكيانات الموتورة تقدم نفسها للشعوب الغربية على أنها الإٍسلام بذاته فتشوه حقيقة الدين الإسلامي الوسطي والمعتدل ناهيك عن تنفير شعوب العالم الإنساني الكبير من الإسلام الذي لا يعرف سوى العنف سبيلاً أوحد للتغيير كما تقدمه هذه الكيانات وتلك الجماعات.
إن جماعات التطرف والغلو تخدم المصالح الإسرائيلية في ديار العروبة والإسلام من خلال افتعال القلاقل والصراعات المذهبية والطائفية بما يضعضع ويخلخل من وحدة الصف المجتمعي العربي والإسلامي الواحد ذلك لأن جميع الكيانات المغالية والمتنطعة مخترقة من قبل الموساد الإسرائيلي أضف إلى ذلك أن المخابرات الأمريكية هي الأخرى تستخدم الجماعات المتطرفة للحد من التمدد الإسلامي في أوروبا وأمريكا من خلال ما ذكرنا سابقاً من تشويه حقيقة الدين وربطه بالدم والعنف لتنفر منه شعوب العالم الإنساني الكبير.
على أن الأمة العربية والإسلامية تمتلك الشيء الكثير من مقومات النصر على هذه الثقافة ونتاجاتها المتمثلة بجماعات الإرهاب وكيانات العنف التي أصابت الديار والدول العربية والإسلامية في مقتل حيث تظهر في ذلك البلد السيارات المفخخة التي تغتال الأبرياء العزل وفي بلد عربي آخر هنالك منتحر بجزام ناسف يرغم الآخرين على توديع الحياة قسراً بيد أن هنالك معالجة ووقاية وهي الأهم عن طريق رعاية النشء والشباب رعاية مثلى تعمق فيهم ثقافة الوسطية والاعتدال في كل شيء من غير افراط أو تفريط ووسائلنا في ذلك عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر الأسرة والمدرسة وآليات الإعلام المتنوع المقروء والمسموع والمرئي إضافة إلى وسيلة المسجد ودوره في الحياة العامة والتنشئة السليمة وكذا النادي الرياضي والثقافي مع ضرورة التأكيد على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين بحيث لا نجعلهم فريسة سهلة لجماعات العنف والإرهاب بعد اغرائهم بالمال الكثير الوافر الذي سيحل كثيرا من ضائقتهم المالية علاوة على التشجيع على الحوار والقبول بالآخر باحترام الرأي والرأي الآخر وإلى لقاء متجدد بكم والله المستعان على ما يصفون.