الثورة نت /
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنها وثقت غارات جوية جديدة للتحالف السعودي “غير قانونية” وقعت في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط على العاصمة صنعاء وحولها أودت بحياة 28 مدنيا بينهم 12 طفلا، وأصابت 13 آخرين على الأقل.
وقالت المنظمة في بيان الأربعاء إن على المشاركين في محادثات سلام اليمن مساندة التحقيقات الدولية ومساعي العدالة الانتقالية وتعويض الضحايا باعتبارها العناصر الأساسية لأي اتفاق يُبرم. بدأت المحادثات برعاية الأمم المتحدة في الكويت يوم 21 أبريل/نيسان 2016.
– المحاسبة عن جرائم الحرب في اليمن وتعويض الضحايا ضرورية لنجاح محادثات السلام
وقال بيان المنظمة ان النزاع المسلح في اليمن اتسم بانتهاكات عديدة لقوانين الحرب من قبل جميع الأطراف، وهي انتهاكات لم يتم التحقيق فيها ولم تؤد لأي انتصاف لضحايا الهجمات غير القانونية.”
وفيما يلي ما وثقته المنظمة عن 6 هجمات مميتة وغير قانونية:
حي بيت بوس، صنعاء، 22 يناير/كانون الثاني
في 22 يناير/كانون الثاني بين 11 مساء ومنتصف الليل، وقعت غارة جوية على تقاطع شارعي 24 و30 في بيت بوس، أحد أحياء جنوبي صنعاء. تفقدت هيومن رايتس ووتش المنطقة في 24 مارس/آذار. أضرت الغارة بمنزل من طابق واحد ومنشأة تخزين تحتوي على ثياب على الجهة المقابلة من الطريق. قتلت الغارة أحد أبناء عائلة شبالة وأصابت 4 آخرين من العائلة.
كان عبده محمد مرشد شبالة (40 عاما) في البيت مع زوجته وأبنائه الأربعة وقت الغارة. قال: “كنت نائما نوما عميقا واستيقظت لأجد السقف متداع وأطفالي مجروحين”. رغم أن الغارة لم تصب البيت مباشرة، إلا أن الضغط الناتج عن الانفجار أدى لانهيار الدعامات والسقف في الحجرتين الأماميتين. تعين على شبالة إخراج ابنته إسراء (9 أعوام) من تحت الأنقاض. في المستشفى، عرف شبالة أن ابنه محمد (11 عاما) قد مات جراء الغارة. أصيبت زوجته و3 أبناء آخرين.
لم يعرف شبالة سبب الهجوم على المنطقة. قال: “الناس هنا ليسوا إلا مدنيين وتجار، وهي منطقة آمنة”. أضاف أن هذا كان أول هجوم من التحالف على بيت بوس، وإن كان قد سبق له أن ضرب جبل النهدين على مسافة كيلومترين، حيث تتواجد مخازن أسلحة للجيش اليمني وقعت تحت سيطرة الرئيس السابق صالح والحوثيين. كما ضربوا مرارا القصر الجمهوري، على مسافة 4 كلم، منذ بداية الحرب. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التوصل لأية أهداف أو منشآت عسكرية أقرب إلى موقع الضربة المذكورة.
شمال صنعاء، 25 يناير/كانون الثاني
في الساعة 1:30 صباح 25 يناير/كانون الثاني ضربت غارة جوية منزل القاضي يحيى محمد ربيد رئيس الشعبة الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة، شمالي صنعاء، ما أودى بحياة 5 من أقاربه. لم ينجُ من الضربة سوى ابن واحد وبعض الحراس. تفقدت هيومن رايتس ووتش الموقع في 21 مارس/آذار وعاينت أنقاض المنزل المكون من 3 طوابق الذي استهدفته الضربة.
قال صادق يحيى ربيد (25 عاما)، الناجي الوحيد من العائلة، إنه كان نائما عندما أصابت القنبلة حجرة نوم والده في الطابق الثالث. أصيب الابن في الهجوم بكسور في عدد ضلوعه التي اخترقت رئتيه.
قال محسن محمد ربيد (50 عاما) – شقيق القاضي ربيد ويقع منزله على مسافة 40 مترا – إنه هرع لحظة الانفجار إلى بيت أخيه. وجده هو وزوجته يرقدان على مسافة 30 مترا من البيت، قرب محطة وقود. قال: “كان ما زال حيا لكن مشتتا للغاية. تكلمنا إليه لكنه لم يكن واعيا بما نقول”. وأضاف: “كانت زوجته راقدة على الأرض بدورها، تجاهد لالتقاط الأنفاس. لم تتمكن من التنفس رغم أنه لم تظهر عليها أية إصابات. ماتا لاحقا ذلك اليوم في المستشفى”.
قتلت الغارة أيضا أحد أبناء القاضي ربيد وزوجته وزوجة صادق ربيد، وكانت حامل في الشهر السادس. عُثر على باقي الأجساد على مسافة 100 متر من البيت، على الجانب الآخر من الطريق الرئيسية أمام سوبرماركت.
قال صادق ربيد والجيران إن الأسرة كانت تستخدم حراسا مسلحين للحماية. كان الحراس نياما في الطابق الأرضي ولم يتضرروا. قبل مارس/آذار 2015 كان هناك حاجز أمني للحوثيين تحت المنزل مباشرة لكن الجيران قالوا إن منذ بداية الحرب اختفى الحاجز. يوم زيارة هيومن رايتس ووتش للمنزل المدمر، كان هناك فندق على مسافة نحو 120 مترا ممتلئا بالمقاتلين الحوثيين المسلحين. يقع البيت على مسافة 600 متر من جامعة الايمان، وهي مؤسسة تابعة لـ “حزب الإصلاح” المعارض للحوثيين. أثناء القتال في سبتمبر/أيلول 2014 استهدف الحوثيون مرارا الجامعة وفيما بعد استخدموها كمنشأة للاحتجاز.
ربطت وسائل الإعلام التي غطت الهجوم ونشطاء حقوقيون في صنعاء الهجوم على منزل القاضي ربيد بقضية لم يكن قد تم الفصل فيها. كان النائب العام في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 قد وجه اتهامات “غيابية” للرئيس هادي و6 آخرين بجرائم عديدة. من الاتهامات تخريب وتدمير مواقع ومعدات عسكرية وطرق سريعة وجسور وطرق عامة ومخازن، وكشف أسرار عسكرية يمنية، وتقديم خرائط ومعلومات أخرى عن مواقع الجيش للغير، والتسبب في الانهيار الاقتصادي عن طريق منع استيراد الغذاء والدواء والوقود جوا وبحرا، وقتل وإصابة آلاف المدنيين وتدمير أكثر من 71 ألف بيت و1300 مدرسة و70 مسجدا و40 منشأة رياضية و34 مؤسسة فنية وتقنية ومواقع أثرية. قال النشطاء إنه فيما كانت القضية ما زالت منظورة أمام المحكمة الابتدائية، فقد كان من المرجح أن تصل إلى القاضي ربيد في مرحلة الاستئناف خلال الشهور التالية.
فج عطان، صنعاء، 28 يناير/كانون الثاني
حوالي الساعة 10:30 مساء 28 يناير/كانون الثاني ضربت غارة جوية منزل عائلة الحاج في حي سكني جنوب غربي صنعاء، على مسافة 500 متر من سفح جبل فج عطان. قتل الهجوم 6 مدنيين بينهم 4 سيدات وطفل. منذ بدأت الحرب تكرر قصف التحالف للجبل، وفيه مخازن أسلحة للجيش اليمني تخضع لسيطرة الرئيس السابق صالح والحوثيين.
وبسبب الغارات المتكررة كانت العائلة قد غادرت البيت، ولم تعد إليه إلا في 27 يناير/كانون الثاني للاطمئنان على البيت والمبيت فيه. تفقدت هيومن رايتس ووتش الموقع في 23 مارس/آذار.
قال صفوان محمد المنصوب – وهو حارس أمن متواجد على مقربة من المكان – لـ هيومن رايتس ووتش إن 3 غارات جوية ضربت الجبل، وبين الضربة والأخرى دقائق قليلة، حوالي الساعة 10:40 ليلا. بعد الضربة الثانية ركض إلى بيت الحاج ليقول للأسرة أن تغادر المنطقة. قالوا له إن رب الأسرة عيدروس محمد الحاج خرج لشراء العشاء، وأنهم ينتظرون عودته. مع الضربة الثالثة للجبل كان الحاج قد عاد وحاول إخراج أسرته من البيت إلى السيارة، في حين ساعد المنصوب في فتح البوابة الواقعة في فناء البيت.
فيما تجمعت العائلة في حجرة الاستقبال، وقعت الضربة الرابعة على البيت مباشرة.
قال المنصوب – ومعه حارس آخر بالمنطقة هو العزي محسن (40 عاما) – إن الضربات استمرت على المنطقة حتى الساعة 1 صباحا، وقد ضربت الغارات الأخرى الجبال المحيطة. قدروا أن 18 ضربة أصابت المنطقة تلك الليلة.
قال محسن: لم نعثر على جثمان عيدروس، الوالد، إلا اليوم التالي، وقد خشينا العودة للمكان قبل ذلك، وكذلك سيارات الإسعاف. وجدنا زوجته في ركن المدخل، وكانت يداها ما زالتا فوق رأسها، وابنتهما أسيل… وجدنا النصف العلوي من جثمانها فقط، حتى الصدر، وكان على التراب أمام البيت.
علي (24 عاما)، ابن الحاج، نجا من الغارة لأنه كان نائما في بيت قريب له تلك الليلة. قال إن جميع من كانوا في البيت ليلتها قد قتلوا: والده عيدروس (نحو 50 عاما) وأمه ملكة (نحو 45 عاما) وشقيقته أسيل (18 عاما) وشقيقه محمد (14 عاما) وعمتيه رابعة علي الحاج (43 عاما) وأم الخير الحاج (41 عاما). قال علي وحارسا الأمن إن عيدروس الحاج كان يعمل مسؤول شؤون إدارية في عيادة للقلب في صنعاء وأنه ليس للأسرة أية صلات عسكرية.
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التعرف على أية أهداف أو منشآت عسكرية في موقع الهجوم. يقدر الحارسان أن الجبال قُصفت أكثر من 550 مرة منذ بداية الحرب.
بيت معياد، صنعاء، 9 فبراير/شباط
حوالي الساعة 9 مساء 9 فبراير/شباط وقعت غارة جوية على بيت في شارع الستين في حي بيت معياد جنوبي صنعاء، ما أدى لمقتل عائلة من 5 أفراد، بينهم امرأة و3 أطفال.
كان البيت على مسافة أمتار قليلة من مدرسة شقائق النعمان، وبها 300 طالب، وعلى مسافة نحو 600 متر من القصر الجمهوري، الذي استهدفته طائرات التحالف على امتداد الحرب. تفقدت هيومن رايتس ووتش موقع الهجوم في 27 مارس/آذار، وحينها كانت بقايا البيت قد أزيلت. تضررت نوافذ المدرسة وبعض الجدران جراء الغارة وكان الضرر واضحا للعيان.
قال مهدي محمد عبد الله معياد (40 عاما) من سكان الشارع، إنه كان يسير في الحي وقت الهجوم:
فجأة رأيت نورا مبهرا إلى الغرب، ثم انفجارا مدويا بعد ثوانٍ. قدرت أن الصوت قادم من القصر الجمهوري. هرعت إلى البيت لأطمئن على أسرتي ولحظة وصولي، بعد 3 دقائق تقريبا، وقع انفجار آخر، لكن ليس عند القصر الجمهوري، إنما عند بيت منير الحكيمي وأسرته.
فرسان محمد هزاع (24 عاما) هو حارس أمن في شقائق النعمان، وكان بالمدرسة وقت الغارة على بيت الحكيمي. هرع إلى الخارج بعد سماع الانفجار ورأى المبنى يحترق. سمع زوجة الحكيمي، سعاد علي حجيرة (35 عاما) تصرخ طالبة المساعدة، وكذلك سمع صرخات ابنيه رامي (10 أعوام) ومجد (8 أعوام). قال: “أردت الخوض في النار لإنقاذهم، لكن في ظرف دقائق وقع انفجار آخر في المرأب وراء البيت”. قتل الانفجار الأسرة بالكامل، ومنها ابنتهم نوران (عامين).
محمد علي الداري (18 عاما)، طالب في المدرسة، كان عند متجر قريب وقت وقوع الانفجار. قال: “لم يتمكن المسعفون من إخراج بعض الجثث المدفونة تحت الأنقاض حتى رفعها بعد أسبوع”. أطلع هيومن رايتس ووتش على صور فوتوغرافية التقطها من داخل المدرسة يوم الهجوم. قال: “أحرقت الغارة بعض الفصول تماما، واعترى سواد الحريق جميع الجدران”. أمضى ومعه آخرين من الحي اليومين التاليين في رفع الأنقاض والزجاج المهشم عن المبنى، قبل أن يتمكن الطلاب من العودة للمدرسة مرة أخرى.
قال شاهدان إن بعد دقائق من الغارة على بيت الحكيمي، وقعت غارة أخرى أصابت مخزنا صغيرا على مسافة أمتار، كانت به زيوت محركات وسوائل تخص السيارات، فدُمر بدوره. قال الداري إن المخزن لم يكن مستخدما في أي أغراض عسكرية. قال الحارس هزاع إنه لا يعتقد بوقوع غارة ثانية، وأن النار امتدت من الانفجار الأول إلى السوائل القابلة للاشتعال في المخزن، ما تسبب في انفجار ثان.
حارة الليل، صنعاء، 25 فبراير/شباط
حوالي الساعة 12:30 صباح 25 فبراير/شباط ضربت غارة جوية طريقا على مسافة 450 مترا شماليّ القصر الجمهوري في صنعاء، في حارة الليل، ما أضر ببيتين على مسافة 5 أمتار تقريبا من نقطة الانفجار، فقُتل مدني وأصيب 4 بينهم طفلين.
محمد حسين الرايدي (57 عاما)، من السكان المحليين، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان نائما في البيت مع زوجته وتسعة أبناء عندما انهار السقف الخشبي فوقه. تمكن من إزالة الأنقاض، وأخرج زوجته و4 من أبنائه خارج البيت. هرع عائدا ليبحث عن الثلاثة الباقين. كان اثنان منهم، ثريا (12 عاما) وبشار (9 أعوام) مصابين بإصابات طفيفة جراء انهيار السقف. أخذ جيرانه الطفلين إلى مستشفى قريب، في حين توجه الرايدي إلى بيت حماه، محمد علي عبد الله الإبي، على مسافة أمتار قليلة. قال الرايدي:
وأنا أقترب من البيت سمعت صوت محمد قريبي ينادي طالبا المساعدة. ذهبت مع جيراني إلى البيت ورأيت حماتي مُعجبة محمد علي وكان رأسها يبرز من وسط كوم أنقاض. بعد أن أخرجناها سألناها أين زوجها فقالت: “رحل”. ثم عثرنا على محمد خالد. كان مصابا جراء شظايا المعدن في صدره وكتفه. فيما بعد وجدنا جزءا من جثمان حماي، وقد تمزق إلى 4 أو 5 قطع.
قالت مُعجبة محمد علي لـ هيومن رايتس ووتش إنها أصيبت بعدة إصابات جراء الغارة.
مديرية نهم، 27 فبراير/شباط
بين منتصف النهار ومنتصف النهار والنصف من يوم 27 فبراير/شباط شُنت غارتان جويتان على قرية خلقة بمديرية نهم، حوالي 40 كيلومترا شمال شرقي صنعاء. كان القتال بين القوات الموالية للحوثيين والمقاتلين المدعومين من التحالف والحكومة اليمنية في نهم قد بدأ في مطلع 2016. وقعت الغارة الأولى في قلب سوق صغيرة مزدحمة، فقتلت 10 مدنيين على الأقل، بينهم امرأة و4 أطفال، وأصابت ما لا يقل عن 4 آخرين. الضربة الثانية وقعت على مسافة 150 مترا، في مقبرة، بعد 5 إلى 10 دقائق، ولم تسفر عن إصابات.
قال يحيى أحمد مبخوت القشعة، وهو من سكان خلقة، لـ هيومن رايتس ووتش إن في صباح 27 فبراير/شباط، غادر أقاربه في قرية مسورة الأقرب للجبهة بـ 25 كيلومترا، في طريقهم لصنعاء لتجنب القتال. قام 4 من أبناء عم القشعة – بينهم امرأتين واثنين من أصدقائه – بركوب 3 سيارات ومضوا بها إلى خلقة. فيما كانوا في القرية وقت الظهيرة، ضربت غارة جوية السيارات فقتلت 3 من أبناء عم القشعة، واثنين من أصدقائه و5 أشخاص آخرين في السوق، بينهم 4 أطفال. لم ينج سوى قريبة واحدة اسمها خامسة محمد محمد البرقي (35 عاما).
وصل راجح محسن الجرادي (46 عاما) وهو شيخ قبلي من المنطقة، إلى موقع الغارة بعد 30 دقيقة ورأى السيارات الثلاث تحترق، و7 أو 8 جثامين على الأرض. تعرف في القتلى على 3 من أطفال القرية. كما أصابت الغارة 4 سكان محليين، على حد قوله.
جعفر محمد ناصر الجرادي، من سكان خلقة، قال إنه منذ بدأ القتال في مديرية نهم، دأب الحوثيون على استخدام الطريق الرئيسية التي تمر بالقرية والسوق، وتصلها بصنعاء ونهم ومأرب، بشكل يومي. لكنه كان في السوق ذلك اليوم ولم ير أي حوثيين أو سيارات للحوثيين على الطريق لما يزيد عن الساعة على الأقل قبل الغارات مباشرة.
وكالة خبر