(( دبي الثقافية )) مرة أخرى !!!

ن ………..والقلم    
 عبدالرحمن بجاش
ظننت وبعض الظن إثم، وتبين أنني مَسكين ((أرحم الله))، كما كانت جدتي تقول لمن تتوسم فيه الضعف البشري في لحظة إنسانية مكثفة !!، كانت بفراستها تقرأها في عيني من تقول عنه أنه (( يُرحم )) .
عندما كتبت هنا: (( دبي الثقافية..يا خسارة !! )) حَسَبْتُ الأمور هكذا: الآن سنرى ألف مثقف يحتج، ويرسل البرقيات إلى مكتب حاكم دبي، أو وزارة الثقافة الإماراتية، وستتدخل ((اليونسكو)) و((الاليسكو))، والأقلام ستنبري في مشرق الوطن العربي وحتى عند ((المالديني)) في المغرب أجمل من كتب عن الأرجنتين والتشيلي في كتاب شهري جاء مع أحد الإعداد، تندد وتستنكر وتطالب !!، وسنرى عريضة بدم الأدباء تطالب بإعادة (( دبي الثقافية ))، لاكتشف أنني ((ارحم الله بالفعل، فحتى من يكتبون فيها لم يحرك احدهم ساكنا، بل أتخيل أن أسماء من بينهم رددت في سرها: (( في ستين ألف داهية ))!! .
أكتشفت أن أحمد الأغبري مراسلها هو من بين كل جموع المهتمين، من أدباء ومثقفين وكتاب وصحفيي الصفحات الثقافية، هو وحده من بكاها، وأستطيع أن اقسم أنه بكاها ليس من أجل ما تدر عليه من دخل – وهو حقه -، فهو ارتبط روحيا بها وصارت له سكنا !!! .
هل يدرك أي كان أن المطبوعة أو الكتاب، أو المقالة الأسبوعية، أو العمود اليومي تأتي عليك لحظة فتعتبره أهم من أم الأولاد !!، الفعل الثقافي في أي مطبوعة يصبح محسوبا عليك واحدا من أولادك !!، كثيرون جدا لا يدركون هذا ولا يحسونه حتى الجامعة العربية التي هي من أولها بلا إحساس, وانظر فالمرأة الحديدية تاتشر تدخلت حكومتها للحيلولة  دون أن يغلق مطعم مشهور أبوابه بعد أن بلغ من العمر عتيا، فقد قارب من إعلان حالة الإفلاس، فسددت الحكومة دينه، قالت تاتشر (( المطعم جزء من شخصية لندن )) !! .
انقطعت عنا ((دبي الثقافية)) منذ ابريل 2015م، لكن حسها وإحساسنا بها ظل مستمرا، هل تتذكرون (( العربي )) أبان الغزو، كيف افتقدها كل من له علاقة حميمية بالكلمة !! .

الآن ها أنا أتخيل أن جمهور الكلمة من كل الفئات سيدبج الرسائل، ورسائل بالحبر وليس بالدم، إذ لم تعد هناك دماء في عروق الناس بفعل التعب والإرهاق مما نحن فيه !! . الآن فقط أنتظر أن ينبري أي كان للقول لمن يهمه الأمر:  أعيدوا (( دبي الثقافية )) إلينا، فإن توأد جريدة أو كتاب فهو الموت بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
أتمنى صادقا أن تخرج هذه الكلمة من الحدود ولا يراقبها جمركي ولا مراقب، لتصل إلى من بيده الأمر هناك في دبي أو أبو ظبي أو الشارقة، ها أنا للمرة الثانية أصرخ – وأرجو ألا يعود صراخي إلى صدري -، لا تئدوا الكلمة بإغلاق المجلة، يكفي إننا نقتل كل يوم، فلا تبالغوا في قتلنا، إن لي ديناً على من هو قائم على الفعل الثقافي هناك، أن المدن الذكية تحافظ على أسرار ذكائها، ولا تقتل النور الذي به يهتدي الناس إلى معالم المدينة، من هنا أقول باسم الكلمة : أعيدوا لي صاحبتي (( دبي الثقافية )) وكتابيها كل شهر، هل من يسمع ؟، لله الأمر من قبل ومن بعد .

قد يعجبك ايضا