“ثمن مشاورات الكويت”
نبض
طه زبارة
مشاورات الكويت قد تنعرج نحو الحل، وقد تنعرج نحو اللاّحل!.
ولكن الإطار العام أو الطابع العام لدى الجميع أن هناك حلاً أو اتفاقاً قد يكون تاريخي يزيح الغمة عن الشعب.
في اعتقادي أن العدوان سيقف ولكن ما المقابل؟.
هنا يختلف الكثير وتكثر التساؤلات عن الكيفية التي ستصاغ بها بنود الحل، فالوفد الوطني لديه رؤية ومشروع قدمها للكويت كدولة وسيط، وقدمها لسفراء الدول ?? كما يسمونها، وقدمها لسفراء الخليج وكذا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فالرؤية التي قدمها الوفد الوطني تنص على تشكيل مجلس رئاسي من كافة الأطراف، وتشكيل حكومة وطنية بوجوه جديدة من كافة الأطراف تقوم بتسيير أمور البلاد لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، ومن ثم تقام انتخابات برلمانية ورئاسية، ويتم تسليم السلاح للدولة حينها وهي تتكفل بمكافحة الإرهاب.
وفي المقابل وفد الرياض أو وفد المرتزقة -كما يحب أن يطلق عليهم الشعب اليمني- لم يقدم أي مشروع يتبنى فيه الحل سوى مشروع العدوان الذي ينص على تسليم كل شيء لهم أو للقاعدة لا نعلم ولكن يطالبون بترك كل شيء لهم وهم يعودون للحكم على أشلاء النساء والأطفال بلا حياء وبلا مبررات سوى الشرعية التي تريدها السعودية، وهذا ما لم يستطيعوا أن ينفذوه بالقوة وبالحرب وبالحصار وبالقصف، فأي عقل وأي منطق يمكن أن يقبل هذا الحل على الطاولة، بينما على مدى عام ونيف من الحرب لم يستطيعوا تطبيق أي جزئية منه!.
طبعاً لكل شيء ثمن فوقف العدوان ورفع الحصار يجب أن يكون ثمنه هو إظهار السعودية بمظهر المنتصر لكي تحافظ على ماء وجهها أمام العالم وأمام شعبها ولو كان ذلك حتى ببروغندا إعلامية تثبت أنها حققت ولو ربع شرط من شروط عاصفة الحزم التي أعلنوا عنها.
ولكن الثمن هنا يندرج ضمن ثلاثة مستويات:
مستوى باهظ، ومستوى متوسط، ومستوى شحيح.
وهنا تكمن معركة الوفد الوطني السياسية، فالثمن الذي يحاولون تجنبه في حالة رفع الحصار، ووقف العدوان هو الثمن الباهظ، والذي ينص على عودة هادي وحكومته، وتسليم الأسلحة لهم، وعودة الوصاية السعودية كما كانت.
والثمن الذي يسعى إلى التنصل منه والمراوغة قدر الإمكان هو الثمن المتوسط الذي في اعتقادي يكمن بعودة الشرعية المزعومة ليس للحكم الأبدي، وإنما لتزاول أعمالها لمدة ?? يوماً، ومن ثم انتخابات، وأيضاً تسليم السلاح لجيش هادي الذي قام بمسرحية هزيلة في حضرموت بالمشاركة مع قوات العدوان وباتفاق مع القاعدة، بأن تنسحب القاعدة إلى البيضاء ليثبتوا بعدها أنهم حرروا المكلا منها.
والثمن الذي قد يقبل به الوفد الوطني هو الثمن الشحيح، والذي يكمن في الشراكة كما أسردنا سابقاً، وتشكيل حكومة وطنية لكافة الأطراف ومن ضمنها الطرف المؤيد للعدوان للأسف باعتباره طرفاً سياسياً يمنياً.
السعودية تريد أن تتخلص من عملائها ولكن بطريقة تجعلها منتصرة، فليس لديها مانع أن يتشاركوا أو لا يتشاركوا، فهي بحاجة لوقف الحرب التي استنزفتها بلا فائدة سوى قتل الشعب اليمني، وكذا لإعادة ترتيب أوراقها أمام أمريكا والمجتمع الدولي وشعبها، وخصوصاً بعد فشلها نوعاً ما في سوريا والعراق، وأخيراً في اليمن، ضمن المخطط الأمريكي الإسرائيلي للوطن العربي بفرض الهيمنة عليه بعد تدميره.
لذا وفدنا الوطني يخوض معركة سياسية ليست بالقليلة، فخلف الكواليس تقف عقول أمريكية وإسرائيلية وفرنسية وبريطانية تقرأ المشهد وتأخذ المعطيات وتفندها وتقدم المراوغات التي تستند عليها الأمم المتحدة والرياض وشرعيتها.