إضاءة على الجانب الإنساني في رؤية الوفد الوطني للحل السياسي والأمني
الكويت/ عبدالله علي صبري
تدعو رؤية الوفد الوطني المعروضة على طاولة مفاوضات الكويت إلى رفع الحصار على اليمن بكل أشكاله وإزالة القيود عن حرية التنقل للمواطنين داخليا وخارجيا ومن وإلى اليمن.
ولأهميته القصوى لدى المفاوض الوطني، فقد اقترن رفع الحصار، بمطلب تثبيت وقف إطلاق النار في البند الأول من رؤية أنصار الله والمؤتمر الشعبي للحل السياسي والأمني في اليمن.
لقد اقترن العدوان على اليمن بحصار شامل وجائر، برا وبحرا وجواً ، وراهنت الرياض ومرتزقتها على الحصار في خلخلة الجبهة الداخلية والدفع إلى فوضى شاملة ، في ظل معاناة اليمنيين وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات العامة، إلا أن صمود الشعب اليمني فاق التوقعات في ظل سياسة الصبر الاستراتيجي، والإجراءات الثورية الحكيمة التي خففت من معاناة الناس ووضعت حداً لأحلام الغزاة والمعتدين.
وطالما حذرت الأمم المتحدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، ودعت المجتمع الدولي إلى عدم تجاهل الاحتياجات الإنسانية، إلا أن مسارات الدعم الإنساني لليمن ما زالت متعثرة ومحدودة جدا، وبتواطؤ من الأمم المتحدة نفسها التي لم يكف أمينها العام عن (القلق) المتلفز، دون اتخاذ إجراءات عملية على الأرض.
وإذ نجحت التهدئة نسبيا بفضل انطلاق مشاورات الكويت، فإن الملف الإنساني لا يزال رهن حسابات سياسية وعسكرية للعدوان السعودي الأمريكي، الذي يخشى من انتعاش نسبي يساعد اليمنيين على تحمل تداعيات الحرب الموغلة في الجرم والتوحش.
رؤية الوفد الوطني للجانب الإنساني لم تخل من تفاصيل، فهي وإن وضعت خطوطا عريضة تتعلق برفع الحصار بكل أشكاله، فإنها لم تغفل قضية الأسرى والمعتقلين والمفقودين والموضوعين تحت الإقامة الجبرية، باعتبارها قضية إنسانية قبل أن تكون أمنية أو سياسية.
تفاصيل المعاناة الإنسانية تكشف بالأرقام مدى الأذى الذي طال اليمنيين ومعيشتهم اليومية جراء الحصار الذي أفضى إلى توقف عمل محطات الكهرباء، وحال دون دخول المشتقات النفطية، والغاز المنزلي، وحد من دخول الأدوية والمعدات الطبية، وفرض على المسافرين من وإلى اليمن إجراءات مهينة تتعارض ومبادئ حقوق الإنسان.
وبحسب الأمم المتحدة ، فإن 21 مليون يمني – حوالي 80 % من السكان – بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وأن أكثر من 15.2 مليون نسمة يفتقرون للرعاية الصحية الأساسية، وأكثر من 20 مليون نسمة يفتقرون للمياه النظيفة. وهذا يعني أن الحصار الذي فرضه تحالف العدوان قد طال غالبية اليمنيين، “وبما أن الواردات التجارية تمثل 90 % من الغذاء والوقود في اليمن، فإن الحصار الذي يفرضه التحالف قد يرقى لمصاف تجويع المدنيين كوسيلة حربية، وهو ما يعتبر جريمة حرب”، حسب منظمة هيومن رايتس ووتش.
إضافة إلى ذلك تصاعدت أعداد النازحين في الداخل مع ملاحظة أن تكافل اليمنيين حال دون تفاقم الظاهرة على النحو الذي نراه في الدول الأخرى.
وفي ظل الحصار وحظر السفر من وإلى اليمن، إلا عبر مطار بيشة السعودي ومنفذ الوديعة، تعاظمت معاناة اليمنيين الذين يتعرضون لانتهاكات صارخة تحط من كرامتهم وآدميتهم. وزاد الطين بلة أن المطارات الأخرى التي تستقبل اليمنيين كمطار علياء في الأردن بات يفرض إجراءات مشددة ومهينة على اليمنيين، ما جعل الإعلاميين والحقوقيين يتداعون إلى حملة إعلامية تطالب بمقاطعة السفر إلى الأردن أو عبر مطاراتها.
تداعيات الحصار انعكست أيضا على الوضع الصحي، حيث تعمل غالبية المستشفيات في ظل ندرة الأدوية والمعدات الطبية، وبرغم مناشدة منظمة أطباء بلا حدود المتكررة، إلا أن العالم لا يريد أن يسمع أو يتحمل مسؤوليته عن محاصرة 25 مليون نسمة يراد لهم أن يقتلوا برصاص وغارات العدوان أو بالموت البطيء جراء الحصار.
إن اهتمام الوفد الوطني بالبعد الإنساني ينطلق من حرص على جميع اليمنيين دونما تفرقة، وذلك وعلى عكس رؤية واشتراطات مرتزقة الرياض بشأن ما يسمونه بإجراءات الثقة التي يقترحون أن تبدأ بالإفراج عن معتقلين محددين ومحدودين.
فقد اقترحت الرؤية الوطنية: ” تشكيل لجنة يمثل فيها كل الأطراف وتعمل بمثابرة واهتمام بالغين لإطلاق كافة الأسرى والمعتقلين والكشف عن المفقودين والموضوعين تحت الإقامة الجبرية من كل الأطراف وحلفائهم وذلك وفق آلية عمل واضحة ومحددة يتم الاتفاق عليها”.
وإضافة إلى الرؤية الشمولية لهذا الملف يتعاطى الوفد الوطني مع الجانب الإنساني، وبقية القضايا كحزمة واحدة يتوازى فيها الحل السياسي مع الإجراءات والأمنية والإنسانية على الأرض، وبما يهيئ لحل نهائي ومستدام ينتقل باليمن واليمنيين إلى رحاب السلم والشراكة الوطنية.