بقلم/ أندرو ميتشل*
مر عام على بدء التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن قُتل فيه حوالي سبعة آلاف شخص. للأسف يماثل عدد القتلى عددهم في سوريا.
نحن نعرف كيف تم ذلك: بعد خمس سنوات من الخمول الدولي تصاعد عدد القتلى، ووفقا لبعض التقديرات فقد تضاعف خمسين مرة. الآن يترنح كلا البلدين على حافة وقف إطلاق نار غير مؤكدة.
هل تصلح سياستنا الخارجية لمنع دولة مثل اليمن من أن تسير في نفس الطريق الذي سارت فيه سوريا؟ بين استفتاء الاتحاد الأوروبي وأزمة اللاجئين، يقبع دور المملكة المتحدة في العالم تحت تدقيق خاص في الوقت الراهن. مع تصدير الدولة الإسلامية في العراق والشام الآن للإرهاب إلى أوروبا ، فمن مصلحتنا – وهو في الوقت نفسه وفاء للقيم البريطانية – المساعدة في منع دول من الانهيار إلى كارثة إنسانية والعنف الذي ينعدم فيه القانون حيث تزدهر جماعات مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام.
ولكن للقيام بذلك يجب علينا التدقيق في التناقضات الظاهرة في السياسة الخارجية البريطانية. نقل المعركة ضد التطرف الإسلامي. أؤيد وبشدة مشاركة الطيارين والطائرات البريطانية في الحملة ضد همجية الدولة الإسلامية. بطبيعة الحال المعركة الأكثر أهمية هي معركة الأفكار والاستراتيجية السياسية، لا يزال العمل العسكري يدفع بالدولة الإسلامية في العراق والشام للتراجع ويضعف قوتها، ولو ببطء.
في أماكن أخرى في المنطقة، في اليمن تشن حليفتنا السعودية حربا مشروعة مع تجاهل لحياة البشر مما يسيء للمشروع بأكمله ويخاطر بالتحريض على المزيد من التطرف الموجهة ضد الغرب. ، السعودية حاصرت مدن وقصفت الأبرياء، ولكن تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التحالف السعودي هو المسؤول عن الخسائر في الأرواح بين المدنيين، بما في ذلك 100 شخص في غارة جوية واحدة على سوق في الشهر الماضي.
بمنأى عن الأنظار، تحدثت وزارة الخارجية مرارا عن قلقها إزاء أضرار الضربات السعودية على اليمنيين، ويعمل مستشارون عسكريون بريطانيون على جعل سلاح الجو السعودي متماشيا مع القانون الإنساني الدولي. ومع ذلك، فإن عدد القتلى في ارتفاع مستمر. وفي حين يرى اليمنيون أقاربهم يقتلون في قصف المستشفيات والمدارس والأسواق .
يعيش اليمنيون تحت خوف الضربات الجوية ونعلم تماما أن المملكة المتحدة هي أحد الداعمين البارزين للمملكة العربية السعودية. العام الماضي، كانت المملكة المتحدة أكبر مزود للأسلحة إلى المملكة الخليجية – وحتى مع استمرار التقارير التي تأتي بأن هذه الأسلحة تستخدم ضد المدنيين بشكل غير قانوني، نواصل منح تراخيص جديدة للتصدير. وتعطى الأولوية للنزعة التجارية لمبيعات الأسلحة على المدى القصير وليس لما هو أفضل لأمننا ونفوذنا، ناهيك عن شعب اليمن المسكين.
يستغل تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية ويتوسع وبشكل كبير في الأراضي التي يسيطرون عليها. تملك القاعدة الآن السيطرة على المطار والميناء البحري، مما يمنحهم فرصة أكبر لزيادة العائدات التي يمكنهم من خلالها تحقيق طموحاتهم الجهادية العالمية.
لا ينتهي التناقض فقط في اليمن، أنه يصب في المصلحة الروسية في سوريا. كان وزير الخارجية محق تماما في إدانة روسيا ونظام الأسد لقصف المستشفيات السورية واستخدام الذخائر العنقودية، نقلا عن تقارير من الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، ولكنه فيما يتعلق باليمن لزم الصمت.
في البرلمان ترفض وزارة الخارجية تقارير منظمات حقوق الإنسان تلك ، قائلة “لا يوجد دليل” على أن الغارات الجوية السعودية قد انتهكت القانون الإنساني الدولي. ليس بالأمر المشجع أن يستخدم رئيس الوزراء الروسي ميدفيديف نفس العبارة بالضبط لرفض تقارير تفيد بأن قواته قد ارتكبت انتهاكات مماثلة في سوريا.
سيتم تقويض قدرتنا على الاستمرار في تحمل ماهو أكثر من طاقتنا في العالم إذا كان لا يمكن الوثوق بها لدعم وباستمرار القوانين الدولية التي ساعدنا في وضعها.
ترأست وزارة الخارجية اتفاق مجلس الأمن لآلاف من الناس للحصول على المساعدات المنقذة للحياة في سوريا. علينا أن نفعل الشيء نفسه بالنسبة لليمن. ساعدت المملكة المتحدة على تأمين إجراء تحقيق مستقل للأمم المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. علينا أن فعل الشيء نفسه بالنسبة لليمن.
وزارة التنمية الدولية هي أكبر مانح للمساعدات الإنسانية الأوروبية إلى اليمن وساعدت على تخفيف الحصار الذي تسبب في تجويع البلد المعتمد على الواردات. من المؤكد أن هذا يجب أن يكون التزاماً لدينا من أجل المساهمة في إنقاذ الحياة.
سبعة آلاف نفس مذبوحة تذكرنا أن هناك ضرورة إنسانية لبذل كل الجهود الدبلوماسية للقبول بوقف إطلاق النار الأخير وبالمحادثات السياسية.
تقدم الأزمة الإنسانية تذكير أوسع: نحن نفشل في خدمة مصالحنا ومصالح الآخرين عندما يتم الخلط بين هذه التناقضات وتشويه دورنا في العالم.
*أندرو ميتشل : عضو في البرلمان عن حزب المحافظين لساتون كولدفيلد وعمل وزير خارجية سابق للتنمية الدولية.
(صحيفة التيليغراف البريطانية، ترجمة: جواهر الوادعي)