أنت تبتكر ؟؟ أنت موجود !! (( الأخيرة ))
عبد الرحمن بجاش
يختم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقالته (( الدول بين الابتكار أو الاندثار )) : وأنا أقول: إذا أرادت الحكومات أن تبقى في دائرة المنافسة العالمية وألا تشيخ فلا بد أيضا أن تحذو حذو تلك الشركات, وأن تبدأ بإعادة التفكير في ميزانياتها وأين تصرف أموالها, فتقليد القطاع الخاص لا يكون في فقط في الخدمات, بل حتى في طرائق صرف الميزانيات وأولوياتها .
وليس سرا أن حكومات أمريكا وأوروبا تصرف مجتمعة سنويا أكثر من 250 مليار دولار من الأموال الحكومية على الأبحاث والتطوير لتبقى في مواقع الريادة العالمية, وليس خافيا على احد أيضا أن سر تطور دول مثل سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية خلال فترة قصيرة هو تأجيل الصرف على البنية التحتية, وتركيزها الكبير على تطوير التعليم وبناء مهارات ومعارف شعوبها, أي البنية غير المرئية .
بل أن دولة مثل بريطانيا تصرف من ميزانيتها سنويا على البنية التحتية غير المرئية كاستحداث الأنظمة والتدريب والأبحاث والتطوير أكثر مما تصرفه على البنية التحتية المرئية من شوارع وأنفاق ومبان وغيرها (( 124 مليار جنيه مقارنة بـ 93 مليار جنيه حسب أرقام 2009م )) .
عندما تكون الحكومات مبتكرة فإن بيئة الدولة تكون كلها مبتكرة, وعندما تشجع البيئة على الإبداع والابتكار تنطلق طاقات الناس نحو آفاق جديدة, وتتفق مع مواهبهم, ويصبح تحقيق أحلامهم وطموحاتهم ممكنا, وهذا احد أسرار نجاح الدول التي تشجع شعوبها على الابتكار .
وفي العالم الذي نعيش فيه اليوم, الذي أصبحت فيه حركة العقول والمواهب والمعلومات مفتوحة كما لم يحدث في تاريخ البشرية من قبل .
أصبحت مدن العالم المختلفة تتنافس لتوفير البيئة الأذكى والأكثر إبداعا لاستقطاب هذه المواهب والاستفادة منها لبناء قوتها وتميزها وزيادة تنافسيتها .
الحكومات المبتكرة هي حكومات جاذبة للمواهب, فعالة في الأداء , متجددة في الأنظمة والسياسات والخدمات .
الحكومات المبتكرة هي القاطرة الأساسية لنهضة الشعوب وتقدم الدول وارتفاع شانها, الحكومات المبتكرة تطلق طاقات الشعوب, وترفع من قيمة عقل الإنسان, وتحقق الحكمة الربانية في أن نكون خلفاء الله في أرضه .
الابتكار هو أن تكون أو لا تكون : أنا حكومة مبتكرة , إذا أنا موجود .