صنعاء ؟ كم أنا متألم !!

عبد الرحمن بجاش
كنت كلما بلغ بي الوجع إلى نهايات المدى،استنجدت بها،تلملم أشتاتي,تسكب في روحي ما شاء لها من ماء الورد وتعيدني إلى ما كنت عليه،ليس غيرها معشوقتي،من تحدثني وأحدثها،من عاشتني وتعيشني وأعايشها،بيننا لغة خاصة استثنائية،تودعني أسرارها ولا أبخل عليها بسر،هي الفاتنة المد لله،تمارس غنجها علي فاقبل،تعرض أنوثتها أمامي فأصير مولها بها أكثر،تختال أمامي فاقبل،هي لا غيرها صنعاء،وصنعاء التي أعرفها،حنونة عطوفة،هي أمي حظية،هي أمي أمةاللطيف،هي القفوع،هي الزبيب واللوز،هي الكرم يتدفق من أنهر هي أنفاسها الدافئة التي غمرت بها من لحظة أن تعارفنا،وتعاهدنا على إلا تتركني،ولا أتنكر لها, ولن أتنكر لها كأبنائها،صنعاء من باب اليمن حيث تعارفنا لأول مرة وإلى باب شعوب حيث عبرتها في ليال كنت أذهب إليها نمارس معا لذة الصمت،وعبق لغة المكان .
كان عالمي بين سينما الأهلية و((سينمو)) بلقيس،بين بيت عسلان وإلى طيرمانة عبدالله المسيبي،كل آثاري هناك،من يبحث عنها سيجدها،عند مقهاية البنوس،عند الخاوي،عند الرموش صحة وعافية،في ((بحر رجرج)) حيث عاشت ذات لحظة جميلة قطيفة تبرد (( المدلّات )) ماء بارد للذبحاني،وسفيان،والشيباني،والوسع وما شئت من بشر أتو،مروا من هناك،تركوا آثارهم ورحلوا كل في اتجاه !! . بين باب السبح وبستان السلطان مرت قدماي تعبران عباب بحر من الصنعنة،((طيب الله أوقاتكم))،((أين أنتو ما عد نبسركمش))،((مالكم نسيتونا يا نظر))،((من رش الطريق))،و((صبحكم الله بالخير))،مساء الخير يا صنعاء أيها الأزل الذي يسكنني ولا أستطيع منه فكاكا !! . أين هم من يحبون صنعاء كما يدعون ؟ قلت هكذا وقد حرمت من لقياها حوالي العام،من هي هذه التي أراها،دامية الوجه ((رنج)) بكل الألوان على جسدها،عبث بلا حدود،بناء بالبلك يشوه محيا صنعاء،فيزيل التاريخ لصالح فار  السد !!،وهو الفأر الذي قضم هذه البلاد من رأسها حتى أخمص قدميها،رحم الله عبدالعزيز عبدالغني وعبدالرحمن الحداد،ولا رحم أكثر أبنائها من يدعون وصلا بها،و قد هربوا إلى خارجها !!،لم تبق في أرواحهم غير الفجاجة !!! .
تركها الجميع الآن في الظرف الاستثنائي القاهر،ولم تعد تسمع أحد يقول: يا ناس أوقفوا مهرجان القبح في صنعاء التاريخية،صنعاء المدينة العتيقة الرائحة والهوى والهوية تذبح كل لحظة،وأبناؤها أولا صامتون !!،وإذا عاتبت احدهم: كيف،يتحول إلى منافق ومزايد: (( صنعاء حق الناس كلهم ))،لا…أقولها بالفم المليان،هي أولا لأبنائها وليس عيباً ذلك ولا حراما،فأن أحب مدينتي،أين الخطأ ؟؟،صنعاء التاريخية أقولها بالفم المليان وللمنظمات التي يستلم أعضاؤها باسمها بالدولار: أتقوا الله فيها،قفوا في وجه العبث،أما ما تسمى بالمحافظة على المدن اللي ما هلهاش ،فلا حول ولا قوة إلا بالله .
صنعاء بحاجة إلى فنان يضعها في عينيه ويا ياسين غالب لا غيبك . أقولها من جديد والألم يصل إلى حد الوجع : لله الأمر من قبل ومن بعد .

قد يعجبك ايضا