كنت هناك !!
عبد الرحمن بجاش
إلى الجامعة اللبنانية ذهبت، لالتقي فيها شباب أولاد وبنات مثل الورد، لا أقصد وجوههم، بل رؤوسهم، خرجت من هناك بعد أن أدركت الفرق، بين جامعة وجامعة، بين طالب وطالب، بين إدارة وإدارة، بين من يدري كيف يتكلم وطالب آخر لا يدري ما يقول !!! .
جلست إلى تلك الطالبة النابهة حوالي النصف ساعة منتظرا دوري للدخول إلى موعد حدد مسبقا بالعاشرة والنصف من قبل شباب الـ tedx، تعمدت أنا أن أكون في الصالة أمام الغرفة التي موعدي فيها عند العاشرة احتراما للموعد، وعلى كل حال فاحترام المواعيد سمة حضارية تعطي صورة عن احترامك للوقت ونفسك وللآخرين، بعضهم يعتبر الحضور في الموعد انتقاصاً من الهيبة !!! .
تحدثنا وتلك الفتاة الجامعية التي تدرس (( جرافيك )) عن كل ما يتعلق بشأن الجامعة، والفرق بينها وبقية الجامعات، قالت: هناك فرق، هنا مدير الجامعة تستطيع أن تصل إليه وبأسرع من الصوت، لأن بابه مفتوح طوال الوقت، وعقله منفتح علينا، إذ يسمع، أزيد أنا هنا أن د. رضا مدير الجامعة لا يرافقه طالعين نازلين مرافقين بملابس مموهة كمدراء الجامعات الأخرى !!!، ولا يشخط وينخط ولا يهدد .
قالت: الطالب لا يظلم هنا أحد، وإذا شعرت بأنك مظلوم فتأخذ حقك !!، ومن حقك أن تتكلم، غريب أن يحدث هذا في اليمن، لكنه يحصل في الجامعة اللبنانية التي هي في اليمن !!!، بمعنى أن الإدارة كلما توافرت بروح الابتكار وديمقراطية في الإدارة و التعليم فيمكن لنا أن نكون مثل الآخرين !!، أين الديمقراطية ؟ هنا السؤال !!! أين الإدارة ؟ لا جواب !! .
تحدثت هي عن المناهج اليمنية وكيف أنها عقيمة، ذكرتني بذلك المدرس الجامعي في جامعة صنعاء تحديدا وفي قسم الاجتماع من فاجأني وهو يقول لطلبته أول العام وقد دخلت مستمعا: هذه الملزمة اشتروها واقرأوها، ومن يزيد حرفا أو يُنقص حرفا فهو (( راسب ))، رفعت يومها يدي وقلت: عن أذنك أنا أول راسب وخرجت، سمعته يودعني بالعبارة الأكثر أدبا: (( في ستين داهية )) !!. أنا متأكد أن كل طلبته راحوا في ستين داهية بعد أن تخرجوا على يديه !! . الإدارة الإدارة ..الابتكار الابتكار، مفردتين تؤديان إذا ما استخدمتا كرافعة للنمو إلى المستقبل الأكثر أمانا، المستقبل التي تتخوف منه تلك الطالبة الرائعة : (( سأتخرج ..إلى أين أذهب ))، قلت: فكري بمشروعك الخاص، ولا تستسلمي للخدمة المدنية، ابتكري لتوجدي، فكري بتلقائية كما أنتي عليه الآن، وستجدين نفسك، للأمانة فطوال ساعة كان كل شيء بالأمس يقول بأنني خارج البلد، لكنني أدركت أنني لم أخرج منها حين وجدت حارس البوابة يتصايح مع صاحب التاكسي الذي أصر على أن يعكس الشارع ويلخبط كل حركة المرور، قلت في سري محدثا نفسي: اطمئن أنت في البلد ولم تخرج . لله الأمر من قبل ومن بعد .