مباحثات الفرصة الأخيرة في الكويت

عباس غالب

* يعلق اليمنيون في الداخل والخارج آمالا عراضا على  مداولات الكويت اليوم بين أطراف السياسة وذلك من منطلق أنها بمثابة الفرصة الأخيرة أمام الجميع لإيقاف هذا  التدهور المريع.. وبالتالي نزع فتيل استكمال حلقات التآمر والإجهـاز على واحـدة من التجارب الناشئة ديمقراطياً والتي تحيط بها الألغام من كل جانب.
وإذا كانت هذه المؤامرة قد نجحت في جـر قيادات هذه الأطراف إلى مربع الاحتراب فإن الفرصة لا تزال متاحة أمامهم لاستحضار الحكمة اليمانية لوقف التصدع الداخلي ومجابهة العدوان الخارجي على حد سواء وذلك بتغليب هذه القوى للمصلحة العامة لليمنيين الذين  صمدوا لأكثر من عام تحت نيران العدوان وعولمة الحصار الجائر.
وحسناً أن تتحدث الأطراف عن تقديم التنازلات لبعضها البعض ولما فيه مصلحة وطنهم لكن  سيكون من المناسب أيضاً أن تترجم هذه التصريحات إلى وقائع عملية على الأرض وردم الهوة بينها والانطلاق صوب تصحيح مسار العملية السياسية التي شابها الكثير من اللغط والعراقيل التي هيأت المناخ الملائم للخارج بأن يشن عدوانه الظالم على هذا البلد الذي شاءت الجغرافيا والتاريخ أن يكون حاضراً ومؤثراً في المشهد الراهن والمستقبلي خاصة وأن أطراف الجوار الجغرافي تحاول دوماً بأن يبقى اليمن معزولاً عن هذه المتغيرات تارة  باستخدام  القفازات الحريرية  وأخرى بالتدخل المباشر.
ومن الطبيعي أن أي انتكاسة في هذه الجولة من المباحثات لن تقتصر  على مجرد  انسداد الأفق السياسي وإنما سينعكس ذلك على الأرض في مزيد من الدم والدمار، الأمر الذي ينبغي أن يكون حاضرا في مداولات الكويت وذلك من خلال تقديم التنازلات عن  مواقف التشدد التي شابت  المباحثات السابقة في جنيف.. ولعل ما يدعو إلى التفاؤل في هذا الاتجاه مؤشرات ذهاب “المؤتمر” و”أنصار الله” إلى هذه المباحثات  برؤية واحدة بعد أن أسقطا رهانات البعض في القول بذهابهما برؤيتين وموقفين مختلفين، فضلاً عن مؤشر آخر يتبلور في تصدع شرعية الرياض، خاصة بعد أن فشلت قوة  الردع العسكري طيلة عام على كسر إرادة الداخل اليمني ويمكن إضافة التفاهمات بين الحوثيين والسلطات السعودية على التهدئة في الحدود باعتباره مؤشرا آخر على إمكانية تجاوز حوارات الكويت مطبات جنيف!
وإذا كنا نقر بأهمية تنازل الأطراف اليمنية لبعضها البعض فإننا نحث تلك القوى الإقليمية الضالعة في استباحت الدم اليمني بأن تستشعر هذا المنعطف من زاوية  أن أي خطر يتهدد أمن واستقرار ووحدة اليمن إنما يتهدد منظومة تماسك دول المنطقة برمتها، إذ تقع على دول العدوان تحديداً مسئولية تاريخية إضافية في ضرورة عدم التدخل في التأثير على الملفات والقضايا المطروحة أمام اليمنيين في الكويت، بل والمطلوب منها مساعدة المتحاورين وتذليل العقبات أمامهم وبذل المساعي الحميدة والجادة لتقريب وجهات نظرهم وعلى نحو يحقق تطلعات اليمنيين في بناء بلدهم دون وصاية أو تدخل باعتبار أن مباحثات الكويت هي بمثابة الفرصة الأخيرة لليمنيين وللآخرين أيضاً!

قد يعجبك ايضا