انطباعات من وحي خطاب ميركل
خالد حسين قيرمان
استفزني تعجب المستشارة الألمانية انجيلا ميركل من حال العرب وما آلت اليه أوضاع المنطقة من اقتتال وتناحر وإرهاب ليس له نهاية ففي كلمة لها قبل أيام بقمة دبي قالت مخاطبة العرب “الهند والصين لديهم أكثر من 150 رباً و800 عقيدة ومع ذلك يعيشون مع بعضهم بسلام بينما المسلمون لهم رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد لكن شوارعهم تلونت بالأحمر من دمائهم القاتل يصرخ الله أكبر والمقتول يصرخ الله اكبر إلى آخر الخطاب الذي قوبل بتصفيق امراء النفط والنفاق.
وهي بذلك إنما تشكك في حقيقة الدين الإسلامي وقيمه السمحة وتتناسى أن تغذية الصراعات المذهبية والطائفية وبث روح الشقاق بين أبناء الشعب الواحد في المنطقة العربية إنما هي من صنيعة الأمريكان والغرب فمنذ العدوان الثلاثيني على العراق الشقيق الذي ظل يستنزفه ويرهق قدراته الاقتصادية والعسكرية ويستهدف وحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي لأكثر من عشر سنوات إلى أن احتل عسكريا في 2003م من قبل الأمريكان يتقدمهم العملاء تحت شعار «انقاذ الشعب وتحريره من النظام» ! منذ ذلك التاريخ والانكسارات تتوالى على الدول العربية ذات الثقل البشري والإرث الحضاري من ضمنها بلادنا نتيجة الفوضى الخلاقة التي كانت قد دخلت من بوابة العراق قبل تونس ولا زالت تعيث في الأرض الفساد حتى هذه اللحظة.
فرغم مرور 5 سنوات على ما يسمى بثورات الربيع العربي ها هي الملايين في العراق وسوريا وليبيا وغيرها تنزح وتتشرد عن أوطانها التي انهكتها الصراعات المذهبية والطائفية والمناطقية والإرهاب هربا من الملاحقات والقتل بالهوية وبحثا عن المأوى والأمن المفقود الذي كان في متناول الجميع قبل 2011م كانت مؤشرات التنمية في تصاعد واضح في تلك الدول لكنها لم تعجب الغرب أو المستعمر القديم الذي رأى في ذلك خطراً داهماً على العدو الاسرائيلي المغروس كالخنجر في قلب هذه الأمة التي لو أتيحت لها فرصة الاستقرار وعدم التدخل في شؤونها الداخلية لأمكن لها النهوض في شتى المجالات لما تمتلكه من موقع جغرافي ومقومات أهمها الثروة البشرية الهائلة التي لا تمتلك أي موارد طبيعية سوى الإنسان والاستقرار في التقدم لما يميز الأرض العربية منبع الرسالات السماوية عن عقول وعوامل قد تمنحها حق الريادة والقيادة على مستوى العالم.
لكن هيهات أن يتحقق ذلك والعملاء الذين زرعتهم بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية على شكل دويلات في المنطقة العربية والخليج تحديدا بالتزامن مع إعلان قيام ما يسمى بإسرائيل يطعنوننا من الخلف ويهدرون ثرواتنا ويطردون علمائنا ويجهزون على كل بارقة امل قد تلوح في الأفق للتخلص مما نحن فيه من تخلف وتقوقع حضاري وإنساني يتعمد الاستعمار القديم بثوبه وأدواته الجديدة تكريس حالة الشتات والفرقة والاقتتال والفوضى إلى ما لا نهاية موظفين في ذلك مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية التي تثير النعرات في أوساط الشعوب العربية على مدار الساعة، فهل نعي حجم هذا التآمر وبعده الزمني الذي قد يمتد عشرات السنين حسب ما ورد في بروتوكولات حكماء صهيون؟ خصوصا وهناك الكثير من الدلائل والمؤشرات.
ولعل ما يسمى بالتحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي ولد على عجل وفي جنح الظلام بدعم مالي سعودي وإيعاز امريكي صهيو أوروبي الغرض منه حماية اسرائيل وقمع أي دولة عربية أو إسلامية قد تحاول أن تستقل بقرارها السياسي والسيادي وتخرج من دائرة التبعية والهيمنة والخنوع وتبحث لها عن مكانة تحت الشمس أكبر دليل.
ولنا في التحالف الثلاثيني الذي استهدف تدمير العراق وحلف النيتو الذي استهدف تدمير ليبيا والتحالف السعودي العربي الذي دمر اليمن عظة وعبرة والسلام.