العلاقة المثيرة بين (القاهرة) و( الرياض)..؟؟!!
طه العامري
تأتي زيارة رأس النظام السعودي لمصر كزيارة جبر الخواطر وتعبيرا عن امتنان الرياض بدور مصر السيسي الذي أعطى نظام الرياض مكانة إقليمية ودولية لم تكن الرياض تحلم بها، هذه المكانة التي استحوذت عليها الرياض هي مكانة مصر التي قبلت بتسليم دورها الإقليمي مقابل تعويضات مادية قدمتها الرياض للقاهرة .
يعني أن الرياض التي حشدت قوات التحالف ضد اليمن ومنها مصر في عدوان همجي دخل عامه الثاني ،هذا التحالف ما كان له أن يرى النور لولا أموال آل سعود وحاجة الأنظمة التي هرولت خلفها للأموال الخليجية كنتيجة طبيعية لما شهدته وتعاني منه المنطقة العربية منذ العام 2011م من فوضى ألقت بظلالها على الواقع الاقتصادي العربي، حيث قدرت خسائر العرب فيما يسمى بـ ( الربيع العربي) بحوالي (800 مليار دولار ) ناهيكم عن أن عدد العاطلين عن العمل في الوطن العربي ارتفع من 22 مليوناً عام 2010م إلى 84 مليوناً بنهاية العام 2015م وهذا يعني أن كثيراً من دول المنطقة أضطرت إلى التسليم بمنطق السياسة السعودية ليس بدافع اقتناع بل رغبة في الحصول على الدعم المادي السعودي الذي حظيت به مصر منذ وصل السيسي الى السلطة بقرابة 64 مليار دولار، ناهيكم عن أن مصر انتظرت و?زلت تنتظر ما قيمته 160 مليار دولار تدخل إلى قوتها الاقتصادية بصورة مشاريع استثمارية ترعاها السعودية وفق مخرجات مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي كانت الرياض هي الحاضرة الأكبر والحاضن الأكبر له تجسيدا لتفاهم مصري – سعودي تم بين القاهرة والرياض مقابل اصطفاف القاهرة إلى جانب الرياض في تداعيات تصفية الحسابات الإقليمية المستعرة إعلاميا بين الرياض وطهران ..؟
بيد أن العلاقة الانتهازية التي شكلت مسار التفاهمات المصرية – السعودية وإن جلبت للقاهرة بعض العوائد الاقتصادية وساهمت في إخراج القاهرة من نفق أزمة كادت تؤدي باقتصادها ويظهرها كدولة فاشلة على خلفيات الكثير من الحسابات السياسية الإقليمية والدولية والتي برزت على إثر إطاحة السيسي بنظام الاخوان المسلمين في القاهرة وهو النظام الذي وإن بدأ للعيان وللمراقبين بأنه حصيلة انتخابات ديمقراطية، غير أن الحديث عن هذه الديمقراطية التي أوصلت نظام الأخوان للحكم في مصر هو حديث مبتور، فالديمقراطية لم تكن هي وراء صعود الاخوان للحكم بل ثمة حسابات إقليمية ودولية كانت وراء صعود نجم الاخوان ولم تكن أطرافاً سعودية نافذة في مفاصل الحكم السعودي وقريبة من واشنطن بعيدة عن هذا الفعل الذي كان من شأنه أن يغير طوبوغرافية العمل السياسي برمته في المنطقة لو لم يتحرك الجيش العربي في مصر واستيلائه على السلطة بتفويض شعبي ربما تجاوز شعبية تصعيد الاخوان للحكم .
هنا برزت الكثير من التباينات وتقاطعت مصالح بعض الفاعلين الاقليميين والدوليين مع قرار الجيش المصري، فيما هناك من تصادمت مصالحهم مع خطوة الجيش في مصر .. هنا سارعت الرياض ومن خلال الملك عبد الله أولا إلى التغطية على دور بعض النافذين في الحكم السعودي والذين وقفوا وراء مشروع الدولة الاخوانية قبل أن تجد الرياض نفسها تواجه ماراثونا خليجياً سافراً في السيطرة والتحكم على نظام الاخوان وكانت قطر أكثر الفاعلين حضورا وأكثر المنافسين للرياض حضورا تليها دولة الإمارات العربية التي بدورها برزت كند لكل من الدوحة والرياض واستعدادا لتقديم من المغريات المادية ما يفوق عروضات الدوحة والرياض .
وقد وجدت الرياض نفسها أمام معادلة صعبة وفي مأزق حقيقي من شأنه أن يطعنها في العمق لو هي تركت مصر مسرحا للمزايدات بينها وبين قطر والامارات، فقررت حسم أمرها والاصطفاف الى جانب جيش مصر تحت يافطة الانتصار لإرادة الشعب العربي في مصر ، لكن الحقيقة هي أن موقف الرياض من القاهرة دافعه هو حالة الصراع الذي ابتكرته الرياض مع طهران من ناحية وفتور العلاقة الأمريكية السعودية من جهة أخرى وشعور الأخيرة بأن حليفها الأمريكي قد خذلها وخذل طموحها في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بإيران والموقف في سورية، حيث شعرت الرياض بخذلان واشنطن لمشروعها في سورية والمتمثل بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد تحت مزاعم ديمقراطية، لكن الحقيقة هي أن الرياض التي ساهمت وبفعالية في إسقاط نظام الرئيس صدام حسين في العراق بالشراكة مع واشنطن وبقية المحاور الاستعمارية ثم أدركت أن العراق أصبح – كما تزعم – ساحة نفوذ إيرانية ، فسعت لإسقاط النظام العربي السوري فقط لكي تخلق معادلة جيوسياسية في المنطقة تجسيدا لوهم سعودي عن صراع شيعي – سني، تسعى الرياض للمتاجرة بتداعياته بحثا عن مكاسب يجعلها في مربع التأثير الإقليمي وجسرا يصلها بنادي الكبار.
بعد أن أدرك الكبار من حلفاء الرياض التاريخيين إستحالة الركون عليها في المساهمة بأمن واستقرار المنطقة والسيطرة على أحداثها بعد أن فشلت الرياض في تطويع حركة سياسية واحدة مثل حركة ( حماس)..؟!
للموضوع صلة.