غُدَّار يابني سعود من الأب حتى الابن والحفيد ..

جميل أنعم

((كُلما تَمَسكنتْ السعودية كانت تُعد لي مؤامرة)) من أقوال الزعيم الخالد “جمال عبدالناصر” .. هذه المرّة يا بن سعود سلمان لن تسلم الجرّة السعودية بالمسكنة والتمكن لاحقاً لخلق واقع ما، تفرض فيها شروط المنتصر الغدار، وسنتناول هنا جزئية المسكنة والتمكن والغدر السعودي في إقليم عسير اليمني فقط من الحاضر والماضي .
اليوم العدو السعودي يتألم من الواقع العسكري الميداني في عسير الربوعة التي يسيطر عليها اليمن، ولأنه في وضع عسكري مهزوز يسعى إلى وقف المعارك العسكرية في عسير بعنوان (التهدئة)، والتي قد تؤدي إلى وقف العدوان حسب زعمه، وفي الحقيقة يخشى من تطور الأوضاع العسكرية الميدانية لغير صالحه بالكم والنوع تنتهي إلى هزيمة نكراء، لذلك لجأ إلى أسلوب المكر والخداع والغدر مسكنة وتقديم تنازلات ووعود بوقف العدوان، يشق صفوف الجيش واللجان الشعبية، والتحضير لعدوان عسكري واسع غادر يُمكِّنهُ من فرض شروطه العدوانية .
وقائد الثورة السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، قال في خطابه الأخير تهدئة تؤدي إلى وقف العدوان الشامل، أو نحن لها .. نعم نحن لها، والرئيس السابق علي عبدالله صالح قال في خطابه الأخير، تصالحنا مع أنصار الله صلح الرجال، وإن جنحوا للسلم نجنح للسلم .. واليوم الحاضر بن سعود يتمسكن بمفردات التهدئة .. إلخ، ليتمكن لاحقاً وبالغدر ..إلخ ..
تماماً كما فعل بن سعود عبدالعزيز في محادثات أبها فبراير/مارس 1934م، حيث تمسكن أمام الانتصارات اليمنية في نجران، قدم تنازلات وتسلّح بأسلحة حديثة وشنَّ هجوماً مباغتاً وغداراً على اليمن وعلى جبهتين، الأولى من الشمال والثانية باتجاه الساحل الغربي، انتهت باحتلال الحديدة، بينما كانت اليمن تحتفل بالانتصارات والتهدئة وتعيش على وقع المفاوضات، والتاريخ يقول: إن اليمن في إبريل 1933م شنَّ هجوماً واسعاً لاستعادة إقليم عسير فحرر نجران أولاً، وواصل الهجوم العسكري في أكتوبر 1933م وأمام الضغط العسكري اليمني والتقهقر السعودي لجأ بن سعود الأب عبدالعزيز إلى أسلوب المكر والخداع والتمسكن والغدر، وبطلب من بن سعود عقدت مفاوضات بين اليمن والسعودية في أبها فبراير/مارس 1934م، وعرض بن سعود بأن تكون نجران منطقة محايدة بين اليمن والسعودية، وفي نفس الوقت كان بن سعود الأب يُعد العدة لغزو الشمال وتهامة اليمن الساحل الغربي، فقدمت شركة النفط الأمريكية “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا” لاحقاً “شركة أرامكو” قرضاً مالياً لابن سعود لشراء أسلحة حديثة للجيش السعودي (المرجع/ تاريخ العربية السعودية لـ فاسيلييف صفحة 344 – 345) وصنعاء كانت تحتفل بالانتصار واستعادة نجران وتعيش على وقع التهدئة والمفاوضات في أبها .. غدرَ بن سعود وشن هجوماً مباغتاً وواسعاً وعلى جبهتين الأولى جبهة الشمال وبقيادة سعود بن عبدالعزيز فاستولى على نجران وبسرعة وتعثر بالتقدم نحو صعدة والثانية جبهة الساحل وبقيادة فيصل بن عبدالعزيز، وفي مايو 1934م احتلت الحديدة والساحل الغربي لتهامة اليمن ووصلت قوات بن سعود حتى قرب تعز.
والأمير أحمد حميد الدين، يمتص الضربة في الجبهة الشمالية ويستعيد زمام المبادرة ويستعيد نجران ويتقدم نحو خميس مشيط، ويطوق جيش بني سعود في الساحل الغربي، والإمام يحيى يصدر أوامره بإيقاف احمد وينتهي الأمر إلى معاهدة الطائف 15 مايو 1934م، ولمدة عشرين عاماً مع انسحاب السعودية من الحديدة والساحل الغربي وانسحاب اليمن من إقليم عسير وبعد العشرين سنة يتم الاستفتاء في عسير ونجران وجيزان بتقرير المصير.
والجدير ذكره هنا وبعد احتلال الحديدة أن الإعلام الغربي يواكب الحدث ويُسقط صنعاء إعلامياً، ويضم اليمن إلى إمبراطورية بن سعود !.. وفي عام 1936م تم ترسيم الحدود (المرجع / تاريخ العربية السعودية فاسيلييف صفحة 346), وفي عام 1935م وافق الإمام أحمد على تمديد الاتفاقية لعشرين عاماً إضافية، وفي مارس 1973م وقّع رئيس الوزراء اليمني الحجري في الرياض تنازلاً اعتبر فيه أن عسير ونجران وجيزان أصبحت أراضي سعودية، ولاحقاً وبسبب هذا التنازل عن الأراضي اليمنية يتم اغتيال الحجري في لبنان بيروت، وفي عام 2000م وباتفاقية جدة تنازل اليمن عن عسير وجيزان ونجران، وزعيم الإخوان المسلمين الشيخ “عبدالله الأحمر” يعتبرها حفنة من التراب، والناصري القومي “المخلافي عبدالملك” يعتبر السعودية واليمن دولاً عربية ولا خلاف في ذلك، وبارك اليسار والوسط واليمين ذلك، لينتهي الأمر برحيل الدولة والحكومة إلى الرياض مارس 2015م، والسعودية حامية الشرعية والتحرير المناطقي، وتأجير الجزر للإمارات .
تلك قراءة جزئية لجزء من تاريخ الصراع اليمني – السعودي على إقليم عسير اليمني، الذي انسحب الأتراك منه في 1914م وحاول أصحاب المشاريع الاستعمارية الصغيرة الوهمية إقامة إمارة عسير آل عايض إمارة تهامة الإدريسي وبالتعاون مع بريطانيا وبن سعود انتهت بابتلاع السعودية لعسير وبآل عايض والإدريسي إلى مزابل التاريخ, ولأن الدولة السعودية مصيرها إلى الزوال والأوطان باقية وعسير أراض يمنية, وحقاً على الجبهة الثقافية أو الإرادة الوطنية أو أي دولة وطنية قادمة أن تعيد القراءة الوطنية لهذا الإقليم المنسي من الذاكرة الوطنية اليمنية التاريخية .
وعسير وبالاستراتيجية العسكرية في زمن الحرب هي مفتاح السيطرة أولاً على الساحل الغربي للبحر الأحمر بالكامل من باب المندب حتى إيلات في فلسطين المحتلة، وثانياً السيطرة على شبه الجزيرة العربية بالكامل، هذا مايقوله التاريخ العسكري للإمبراطورية العثمانية ثم بريطانيا العظمى ثم إمبراطورية محمد علي باشا المصرية، وأخيراً أمريكا واسرائيل وبالوقائع والأحداث المعاشة .
فعسير هي نقطة ضعف السعودية خط الدفاع الأول لإسرائيل، وبزوال السعودية تهتز إسرائيل وتترنح أمريكا اقتصاديا، وحذار من مسكنة بن سعود الابن، وحذار من ملعنة بن سعود الحفيد وما بعدها التمكُّن والغدر، والمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، فقط وفقط العملاء والخونة والمرتزقة وأصحاب المشاريع الصغيرة يُلدغون من جحر بني سعود لمرات ومرات عديدة .

قد يعجبك ايضا