بعيداً عن السياسة.. قريباً من الكلاب
عباس السيد
استغرب سكان العمارة وهم يشاهدون خلال الأيام الأخيرة أكياس قمامة ” مبعثرة ومُهزورة ” في حوش ومدخل العمارة على غير العادة .
دخلت نسوان العمارة أكثر من مرة في لوم وعتاب ، واتهامات متبادلة ، على افتراض أن هناك من قد تعتمد على أطفالها في مهمة التخلص من القمامة.
وقبل أن يدخلن في ملاسنات وعراك ، صلين على محمد وآله ، تعوذن من الشيطان ، وتجمعن في الحوش .. احتلقن حول مسرح الجريمة ، للوقوف على حالة تلك الأكياس ومحتوياتها .
وحين شرعن النبش بعصي صغيرة وهن يتأففن من محتويات الأكياس ، صرخت سعيدة : الحمدلله ، أني ما معيش أطفال رضع ولا أستخدم حفاظات.
وترد حسناء : وأني ما اشتريش حفاظات تركي ، ولا إماراتي ، كودنا نلاحق الإيجار والطحين .
ينتقلن إلى الكيس الثاني ، فتجد ” صباح ” دليل براءتها وتعلن في الحاضرات:
ما بش في شقتنا من يشقر ماربورو.. ولا حتى ريوس.. أبو علي الله يحفظه يفعل له ذرّة ، وللمبزق .
وتتبعها مريم: واحنا عمرنا ما قد شربنا حليب الربيع ، أو حليب السعودية.
ومن أمام الكيس الثالث تعلن نجاة : في بيتنا نأكل حامي من المدرة ، ما نعرف الملفوف بالقصطير ، ولا البروست ، وما نعرف من ” كنتكي ” إلا الجولة اللي ساروا فيها شباب مثل الورد في 2011 .
يتوقفن عن النبش ، يتأملن في بعض، ثم يقيدن الجريمة ضد مجهول ، وتتطوع أم محمد بنقل الأكياس إلى المقلب المجاور للعمارة.
بعد أيام ، شوهدت الكلبة ، التي لا تفارق جوار العمارة منذ ولادتها ، وهي تجر كيس قمامة من المقلب نحو باب العمارة . هذا السلوك الغريب لم يلاحظ عليها من قبل .
يبدو أن تفاني عمال النظافة في رفع المخلفات وعدم تكدسها لأيام ، كما كانت في الأشهر الأولى للعدوان . قد انعكس سلبا على حياة الكلبة ، ولذلك ، تلجأ لتخزين مؤنة احتياطية لها من القمامة في حوش العمارة.
الآن ، يمكن فهم سلوك الكلبة وحركتها النشطة وهي تحوم حول عمال النظافة في كل مرة يأتون فيها لرفع القمامة .. وعندما ينهون مهمتهم وينطلقون بشاحنتهم ، تركض خلفها عشرات الأمتار وهي تنبح .. ثم تعود مُطأطئة رأسها وذيلها كالمنسحب من معركة خاسرة .
aassayed@gmail.com