رسالة السياحة للعالم

عبدالوهاب محمد شمهان
■ إن الحشود المليونية إلى ميدان السبعين صباحا وشارع الستين في حي الروضة عصراً لا تمثل إلا اليمن ولا ترفع الصوت إلا من أجل اليمن ولا تحمل في ضميرها إلا الحب لليمن، وهكذا تجسد حب الزعيم في حب اليمن وتجسد شعاره بالروح بالدم نفديك يا يمن كما تجسد حب السيد عبدالملك وشعاره الله اكبر في حناجر الجموع المليونية وإعلانها الاستعداد للدفاع عن صنعاء وعن كل شبر من أرض اليمن، إنه الطوفان البشري الذي تحدى طائرات العدوان بثبات وشموخ وهي تحلق فوق السبعين وفوق الستين لتبعث الرعب في قلوب الجماهير.
– هذه الجموع المتوالية العدد قادمة من الحالمة الحزينة المجروحة المكللة بالعزاء على فلذات أكبادها وكما هو الجمع من تعز جاء من صعدة وعمران وحجة ومأرب والجوف وصنعاء وإب وذمار والبيضاء وكل محافظات الجمهورية برغم الآلام وبرغم أنف العدوان تواصل زحفها جنود مجندة من أجلك يا يمن حتى سدت الأفق و تواصل امتدادها على الطرق المتجهة إلى العاصمة ملبية نداء الشرفاء لتشكل لوحة نضالية ورسالة قوية تؤكد موقفها الحاسم ضد العدوان، إنها الأمة اليمانية التي لا تهاب الموت ولا تخشى الردى الأمة التي لا تفرط بشبر واحد من أراضيها ولا تقبل بغير النصر بديلاً.
– ومع هذا الحشد زينت اللافتات السياحية العملاقة عددا من أهم شوارع ومداخل العاصمة صنعاء مرحبة بهذا الحشد الجماهيري التاريخي الذي جمد الدم في شرايين كل خائن لوطنه وفاجأ الأعداء حتى أصابهم الذهول فصعق الملك والأمراء من هول المشهد وأدركوا أن الفارين قد شاركوا في الدفع بهم إلى مستنقع الهلاك وقدموا لهم معلومات كشفتها هذه الجماهير الصادقة المحتشدة في الساحات والميادين وفي القصر الجمهوري وفي كل مكان من العاصمة في أروع تلاحم تشهده اليمن والمنطقة العربية أنصار الله، في السبيعن والروضة جسد اليمنيون وكل الحب لليمن والروح والدم فداء لليمن، وفي غمرة هذا الحب تبرز السياحة بأجمل اللوحات العملاقة لترسل رسالتها للعالم أنها صامدة برغم العدوان وما أحدثه من دمار لا يمكن تخيل همجيته ورعونته وعنفه الاستعراضي المدمر والقاتل للحياة ضد المدن الآمنة مركزا قصفه على المنشآت السياحية، كما برزت في المشاركة المتواصلة عبر التويتر لتؤكد للعالم حب اليمانيين لليمن وإصرارهم على الاستمرار في مواجهة التحالف بصلابة وقوة وبأس شديد، رسالة تناشد العالم بوقف العدوان وتدعوا إلى حماية البنية السياحية التي قصف منها 149 منشأة سياحية مع تكرار القصف من المرات على كل ما سبق قصفه وبذلك أحدث كارثة إنسانية بعثت في النفوس حماسا منقطع النظير للدفاع والردع ، كارثة أفقدت ما يزيد عن خمسمائة ألف من العمالة السياحية مصادر أرزاقهم ومصادر الحياة لأسرهم، والعالم يشاهد فلم العدوان على اليمن الذي يعرض في صالات وممرات الأمم المتحدة ومكاتبها وفي قاعة مجلس الأمن واجتماعات المنظمة العالمية للسياحة ومنظمة حقوق الإنسان الدولية ولا نرى بعد كل عرض إلا دعما للعدو وتسويفا للأمة اليمانية وتماديا في القصف والتدمير ليكون ضمن أهداف الطغيان التراث المادي اليماني الذي يعبر عن مراحل التطور ورقي الحضارات اليمانية القديمة وقدرة الإنسان اليماني على النهوض والمشاركة في النهضة الإنسانية وفي دعم السلام العالمي.
إن رسالة السياحة الموجهة للعالم تواصلت من خلال فعالية (عام من الصمود رغم العدوان) المكون برنامجها على كلمات تستعرض جرائم العدوان على السياحة داعية العالم والمجتمع الدولي إلى وقف العدوان ومطالبة المنظمة العالمية للسياحة استمرار مواقفها الإيجابية المعهودة منها قبل العدوان نحو اليمن والسعي بحيادية لتقييم الكارثة السياحية ومساعدة وزارة السياحة في حصر ورصد أضرار القطاع السياحي واقتراح استراتيجية إعادة الأعمار للبنية السياحية المدمرة وعرضها على المجتمع الدولي .
– وفي إطار الفعالية عرض فلم وثائقي عن بعض ما حدث من أضرار بالغة للمنشآت والمواقع السياحية والمدن والمعالم التاريخية والمناطق والمواقع والمدن الأثرية والمتاحف وتوزيع عدد خاص من مجلة السياحة يكشف ويفضح جرائم العدوان الذي ارتكبها بحق السياحة، وكل ما يتصل بالنشاط السياحي من خدمات وانتاج وكل ماله صلة بالثقافة والتراث والتاريخ والحضارات اليمانية القديمة وكل شيء جميل بمساعدة مجموعات صنعت ودربت وجهزت تجهيزا قد يفوق تجهيزات الجيش اليماني واللجان بالمعدات العسكرية الحديثة جمع لها العدد الكبير من المرتزقة الأجانب والجيوش المأجورة لتعبث بالمدن اليمنية وسكانها وهذا هو الواقع المعلوم للعالم والمشاهد في الأراضي اليمانية يومياً مما يؤكد أن الإرهاب المنظم يعتمد على مصادر تمويل إقليمية ودولية مكنته من تطوير قدراته وإمكاناته وسرعة انتشاره في شبكات مجهولة وشبكات ظاهرة برعاية استخبارات الدول الممولة والمشرفة على عملياتها الإجرامية في الوقت الذي تدعي محاربة الإرهاب وشبكاته باختلاف أسمائها أو مسمياتها وتنوع أهدافها وتوحد أسلوبها العدواني كونها خرجت من مدرسة واحدة وتعلمت من منهج واحد ، فلم نشاهد منذ ظهور هذه الشبكات في اليمن إلا الأعمال المخلة بالنظام والأمن بدءا بمهاجمة السياح واختطافهم إلى أن وصل الأمر حد القتل الجماعي للسياح الأسبان والبلجيك والكوريين الجنوبيين وفي هذا العدوان على بلادنا برز صانعوها وممولوها ورعاتها.
– إن عدوان الأشقاء أشد فتكا وأقسى من العدو البعيد في استخدامه لكل وسائل الدمار بدون تحفظ وبعشوائية متعمدة يقصد منها المزيد والمزيد من سفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل، الأمر الذي وحد الصفوف وجمع الأمة على قلب رجل واحد ضد العدوان وعملائه والمنتفعين من عطائهم خارج الوطن وداخله والذين بتصرفاتهم وعملهم المكرس لإثارة البلبلة والتشكيك بوحدة الأمة وبحشودها المليونية فلا يرون الحق لأن التعصب يعمي البصر والبصيرة.
ومن هذا المنطلق كانت رسالة السياحة للعالم بعد عام من الصمود والصبر والتحدي والردع مهما كانت التضحيات ومهما كان الجمع فمن يكن يقينه بالله ومساره على درب الحق والطريق المستقيم، وستبقى الأمة اليمنية وحدة واحدة تدفن في أرضها كل المؤامرات وكل عدو مغتصب، إنها اليمن مقبرة الغزاة.

قد يعجبك ايضا