> قصف عدواني ومجازر وحشية وتشريد لآلاف الأسر
الثورة /خالد مسعد
> عام كامل من الحزن والحرمان والموت البطيء انقضى..لكن أهواله لم ولن تنقضي ولن تسقط بالتقادم .
> عامٌ كامل من القتل والتشريد والتنكيل والحرمان والمآسي ارتكبها العدوان السعودي بحق شعب عربي مسلم .
>400 منشأة سياحية وحكومية وطبية ومدنية تم تدميرها بشكل كامل
> 60 مدرسة تم تدميرها بشكل كلي وجزئي
مئات المدن اليمنية اكتوت بنار هذا العدوان ؛لكن لاتزال الحياة تدب في أجزائها بعكس مديرية ” حرض ” الحدودية التابعة إدارياً لمحافظة حجة ؛التي توقفت الحياة فيها تماماً بعد أن طمرها العدوان السعودي الصهيو امريكي وحولها من مدينة كانت تلقب بالمدينة التي لاتنام إلى مدينة أشباح .
كانت تحتضن العدني والحضرمي والصنعاني والإبي والتعزي والحديدي والذماري واللحجي وجميع أبناء الوطن ومنذ بدأ العدوان ؛ قدمت نحو 500 شهيد وجريح فيما نزح عنها أكثر من 160 ألف نسمة .
” مجزرة المزرق ”
في صباح 31 من مارس من العام الماضي أفاق أهالي مديرية ” حرض ” بصفة خاصة والشعب اليمني بصفة عامة على أبشع مجزرة ارتكبها العدوان السعودي بحق المدنيين من الأطفال والنساء واستهدفت مخيماً للنازحين في منطقة المزرق بحرض وخلفت نحو 50 شهيداً وجريحا جلهم من الأطفال والنساء والمسنين.
يتحدث ل “الثورة “علي الإبي أحد ضحايا هذه المجزرة وأحد الشهود العيان قائلاً :
تركت زوجتي وأطفالها في بوابة مخيم المزرق للنازحين عند أحد أصدقائي وهو الشهيد مختار المرادي الذي استشهد في المجزرة نفسها… بعد أن وصلنا من الملاحيظ هروباً من جحيم الطائرات. ويضيف الإبي : توجهت إلى السوق بغرض اقتناء بعض الأغراض للانتقال إلى مديرية عبس.. وبينما كنت ابايع واشتري واتنقل في متاجر السوق، كانت طائرة العدوان السعودي قد شنت غارة جوية هستيرية على المخيم الذي كان أطفالي وأمهم متواجدين فيه ..كانوا في المخيم ينتظرون عودتي .. سمعت دوي الانفجار ..كنت أرى أعمدة الدخان المتصاعدة من جهة المخيم.
هرعت تاركاً خلفي السوق وأدواته ومقتنياته.. وصلت مسرح الجريمة وجدت أشلاء أطفالي منتشرة على بوابة المخيم، وبجانبها عشرات الجثث ..إنها أصعب لحظات بحياتي …فقدت ابني الأول ابراهيم وعمره 14 سنة والثاني يحيى وعمره 8 سنوات وطفلي الثالث عمره ستة أشهر ،،بينما عثرت على ابني الرابع في طرف المخيم مع أمه في وضع لا استطيع وصفه .
وتابع علي الإبي حديثه ل “الثورة ” نقلت زوجتي وطفلها الى المستشفى العام بحرض وبصعوبة تمت عملية النقل نظراً لعدم وجود إسعافات، وصلت المستشفى ،مع الظهر، الحمدلله أفاقت زوجتي ،كانت تعرضت لجروح ولصدمة نفسية ،وزادت صدمتها عندما أخبرها طفلي الرابع أن اخوانه ماتوا ..حينها فقدت النطق والسمع..
مجزرة سوق الربوع
عاشت مديرية حرض خلال الشهور الأولى أبشع أنواع الخوف والرعب والفزع واستمر هذا الإرهاب بين صفوف المواطنين حتى حدثت ” مجزرة الربوع ” هكذا يسميها أبناء حرض .. حيث خلفت المجزرة نحو 20 شهيداً و 41 جريحا ؛ في يوم لن تنساه المدينة نامت يومها خالية من السكان عقب نزوح جماعي للمواطنين وأصحاب المحلات التجارية لتتحول هذه المدينة التجارية إلي مدينة خاوية على عروشها .
يتحدث ل ” الثورة ” حمود حيدر الأمين العام للمجلس المحلي بحرض قائلاً : صحونا يوم الأربعاء على صوت قصف الطائرات في وسط السوق المكتظ بالمواطنين ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين شهديد وجريح ناهيك عن النزوح الجماعي للأهالي وللباعة وأصحاب المحلات وأصحاب المشاريع الصغيرة والكبيرة الذين فقدوا كل مايملكون في لحظة بسبب هذه الحرب.
الربوع” بحرض تحدثت تقول الحاجة مريم التي فقدت أسرتها ودكانها وأصبحت
مكلومة مشردة بسب المجزرة :
خالد ابني خرج يوم الربوع ولم يعد وابنتي المتزوجة ماتت في قصف الربوع وزوج ابنتي مثل خالد خرج ولم يعد وقالوا مات، زوجي ايضاً مات بين من ماتوا.
كانت دموعها تنهمر دون توقف ولا تتوقف، فقلبها يحترق كمداً.. على ابنها الوحيد (خالد 22 عاماً) كل المعلومات تفيد بأنه استشهد في مجزرة يوم الاربعاء الموافق السادس من ابريل الماضي.
يحكي ل ” الثورة” أحد أبناء حرض كان بجانب الحاجة مريم في مخيم المنجورة بعبس قائلاً :إن جسد (خالد ) ابن الحاجة مريم تطاير في السماء مع أشلاء عشرات المواطنين ولم يستطع أحد التعرف عليه واستشهد زوج ابنتها وزوجها مع نحو 40 نازحاً ، إلى جانب ابنتها التي ودعت الحياة متأثرة بجروح تعرضت لها في القصف نفسه تواصل
الحاجة مريم حديثها قائلة :
كان ابني خالد معه دباب ”دراجة نارية“ شاقي علينا وكان زوجي يشتغل في المقوات وأنا معي في الحارة ”بقالة“ فيها من كل شيء ..كنا نأكل ونشرب ولم نمد أيدينا لأحد وحالنا مستور ، إلى يوم ”الربوع“ ،هذا اليوم الذي حرمني فيه العدوان السعودي من خالد ابني ،،خالد الذي أراه يساوي الدنيا ،ما معي غيره أحد ،والله عادني كنت أشتي أزوجه …..
وتضيف: ما بقي لنا ولا شيء، بيوتنا دمروها ..شردونا …خرجت من حرض أنا وهذه الطفلة ”تقصد حفيدتها سوسن ابنة ابنتها الشهيدة“ هاربين ما معي غير الستار أي شيء.. مشيت من حرض مترجلة حتى وصلت لبني حسن في مخيم المنجورة مع آلاف الأسر النازحة من حرض .
مجزرة سوق المثلث
بعد أن تحولت مدينة حرض الحدودية إلى مدينة أشباح خالية من السكان جراء الغارات العدوانية التي خلفت مجازر بشعة راح ضحيتها المئات ، اتجه مواطنوها إلى مناطق ريفية من أجل النجاة بأرواحهم تاركين خلفهم كل قدراتهم المعيشية وأمتعتهم تحت أنقاض مساكنهم. ليجدوا أنفسهم في لحظة من الزمن في العراء يلتحفون السماء ويبحثون عن قطعة خبز أو قنينة ماء، لا مأوى ولا مسكن وتحت حر الشمس وبين شتاء قارس يعيشون مع آلامهم وآمالهم !
وفي منتصف رمضان الماضي ، نفذ العدوان السعودي مجزرة أخرى بذخائر عنقودية استهدفت سوقاً للقات كان داخله المئات من المدنيين بمثلث عاهم بمديرية حرض خلفت أكثر من مائتي شهيد وجريح، وتعتبر أكبر مجزرة يرتكبها آل سعود منذ بدء عدوانهم على اليمن بحسب مراقبين، ظلت الجثث على قارعة الطريق حتى ظهر اليوم الثاني ناهيك عن الأشلاء التي لم تنتشل نهائياً بسبب تحويل هذه المنطقة إلى منطقة عسكرية.
يتحدث ل ”الثورة“ الشيخ دهل الطيب، الأمين العام لمديرية عبس الذي شارك في عملية انتشال ودفن الجثث وإسعاف الجرحى قائلاً : السابعة مساء من منتصف رمضان الماضي ،وصلتنا معلومات عن قصف عنيف لسوق شعبي بالقرب من حرض ،تحركت ومعي المرافقون وأشخاص من منظمة أطباء بلا حدود ،وصلنا مسرح المجزرة، الجثث بالعشرات والجرحى لا نستطيع حصرهم أكثر من عشر سيارات تنقل المصابين إلى ”عبس“ ولا يزال هناك مصابون آخرون واستمرت عملية انتشال الجثث حتى ظهر اليوم الثاني وأغلب الجثث كانت أشلاء وتم دفنها جماعياً.
واختتم الطيب حديثه ل “الثورة” : مجزرة سوق المثلث بحرض تعتبر أبشع مجزرة لكنها لم تحظ بتغطية إعلامية واسعة.
بعد هذه المجازر شهدت مديرية حرض مجزرتي قريتي الحجاورة و بني الحداد التي خلفت عشرات الشهداء والجرحى ولاتزال صداها في كل بيت .
عامٌ كامل من العدوان
بعد عام كامل من بداية العدوان السعودي تحولت مدينة حرض إلى مدينة اشباح ؛أول ما تضع قدمك على مدخلها كأنما تدخل في عصر مختلف جداً.
عالمٌ متغير تماما ليس ذلك العالم الذي نعيش فيه.. ينتابك شعور غريب وجديد وتشعر بأشياء غريبة تجري في عروقك كل شيء متغير ومخيف.
آثار القصف والدمار في المباني وعلى الأرض.. و عيون الموتى ملتصقة في الجدران ..ورائحة كريهة وغريبة نبعث من كل مكان.. المباني محطمة ورايات الموت والحزن ترفرف حولك.وآثار المجزرة في الأرصفة .
تعجز الكلمات عن وصف حال المدنية لم تعد ذلك الثغر الباسم، ولا ذلك الاسم الأخضر الذي كان يحسد عليه ولا ذلك العلم الذي كان يرفرف عاليا في أطراف الوطن.
إنها جرح ينزف في خاصرة الزمان والمكان…وصوت مبحوح خارج المجرة، يسافر في الغيب مع دخان المباني والبيوت وحزن الناس.
أكثر من ” 15 ألف“ أسرة نزحت قادمة من حرض إلى مديرية عبس ومدينة حجة ومدينة الزهرة التابعة إداريا لمحافظة الحديدة وكذلك المحويت، أغلبهم في العراء تحت البرد والمطر والرياح والحر والموت والجوع والضياع. بسبب عدوان همجي جبان تقوده دولة تقول إنها مناصرة للإسلام والإسلام بريء منها.
60 مدرسة دمرت كلياً وجزئياً
يتحدث ل “الثورة” عبده طارش ،مديرإدارة التربية والتعليم بحرض قائلا: تعرضت كثير من مدن الجمهورية لآلة هذه الحرب اللعينة، وهذا أمر مفروغ منه ، لكن تبقى الحياة تدب في أجزاء هذه المدن.
غير أن ”حرض“ صارت مدينة من حطام وأكواما من دمار وأشباح لم يعد للحياة نبض فيها صارت أطلالا نبكيها..لم يعد هناك شيء معنا 60 مدرسة تم تدميرها بشكل كلي وجزئي.
أكثر من ثلاثين ألف طالب وطالبة لاندري أين مصيرهم ومامستقبلهم بسبب هذا العدوان ، كل شيء تدمر في حرض..الإنسان والحيوان والمباني والمنازل..الجسور والمزارع.
ويضيف طارش: حرض مظلوميتها كبيرة وكبيرة جداً ، ما خلفه العدوان فيها خلال عام فقط من دمار وسفك دماء وتشريد وتهجير ،أكبر مما ما خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة خلال السنوات الماضية.
ويؤكد طارش أن أكثر من 400 منشأة سياحية وحكومية وطبية ومدنية تم تدميرها بشكل كامل طيلة عام كامل منذ بداية العدوان.