الحديدة/ أحمد الحاج حرد
ثمة طريق واحدة فقط تفضي بك إلى النجاح – رغم ما يعتريها من عقبات – لكن الهمة العالية والتخطيط السليم – في حدود الممكن طبعا – هما جناحان للوصول ، في مختلف المجالات الحياتية والعملية .هذه الطريق هي صدق الشعور في سبيل سموِّ الغاية ونبل الهدف ،وهذا بالذات يكاد يكون محالا تلمُّسه في نواحي حياتنا الاجتماعية بمختلف مستوياتها الثقافية والعلمية، لأسباب كثيرة تحتاج إلى تمحيص وتفنيد .
إن غياب الصدق كعنصر رئيس في أي عمل أو مشروع في كثير من إداراتنا ومؤسساتنا الحكومية على مرّ عقود خلت أدى إلى تزعزع الثقة وغيابها كليا لدى الفرد ( المواطن) تجاه هذه الإدارات والمؤسسات، الأمر الذي انعكس تماما في سوء أدائها وتماهيها مع الفشل والفساد.
وليس بعيدا عن هذه المقدمة والنتيجة الحال التي كان عليها صندوق النظافة بالحديدة بُعيد العام 2011م إذ ترهلت إداراته وتعطلت جميع أنشطتها العملية الميدانية ، ما أدى إلى تكدس وتراكم النفايات في الشوارع العامة والفرعية،وانتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة، واختفاء كل مظاهر الرونق والجمال في المدينة ،وتدمير لكل المتنفسات العامة، واتخاذها مساكن للمتسولين والجائعين والهائمين بما في ذلك الكلاب.
حتى أعلنت الجهات المختصة ومنظمات المجتمع المدني الحديدة مدينة منكوبة .كل هذا تم وموارد الصندوق المالية لم تنضب بل ظلت متدفقة كسالف عهدها. لكن تيار الإنفلات الجارف حينها ومسايرته كان ديدن كثير من الإدارات ، مضافا إليه عدم الإحساس بالمسؤلية وصدق الإيمان بها .
وفي غضون قرابة العشرة أشهر بدأت بوادر عمل الصندوق تلوح في الأفق في ظل تبدل للإدارة طبعا. وبحركة ديناميكية اختفت أكوام القمامة من كل الشوارع، وبدأت نسائم الفرح تداعب الأرصفة من جديد، وبراعم الرونق والجمال تتفتح نافضة ما تكدس عليها من غبار الإهمال ونفايات الفساد.
وقد بدأ بدأ السعي الحثيث البنّاء على عدة مستويات منها
1/ ترميم العلاقة بين العمال الميدانيين والإدارة :- كبادرة حسنة ونية صادقة للعمل المثمر بدأت إدارة الصندوق أولى خطواته الصادقة بلفتة جادة نحو العمال الميدانيين الذين يمثلون العنصر الأساس في تحسين الأداء العملي ، وذلك من خلال تأمين معاشاتهم واستحقاقهم المالي ، وعدم المماطلة في إعطائهم حقوقهم ، الأمر الذي كان كثير التكرار في الإدارات السابقة ، وما كان يترتب عليه من إضراب يزيد من وطأة المخلفات وتراكمها ولم يتوقف الإهتمام عند الجانب المادي فقط بل قيادت صندوق النظافة بالحديدة إلى استحداث عيادة طبية تعنى بتقديم الرعاية الصحية للعاملين بصورة مجانية كحق من حقوقهم ، عرفانا منها بحضورهم وبمجهودهم وبضرورة تقديم الرعاية الكاملة لهم . وبحثهم على بذل مزيد من الجهد والمثابرة في سبيل التحسين الفعلي الذي تنشده وتسعى في تنفيذه الإدارة العامة, كما قامت بدفع المخلفات المتراكمة من الشوارع بعد أن كانت المخلفات المتراكمة تمثّل تحديا صعبا في ظل انعدام تام للمشتقات النفطية ، وانخفاض شديد في إيرادات الصندوق التي تعثرت بسبب الحرب والحصار المفروض على البلاد ، ولكن الإدارة الصادقة لا تعترف أبدا بالمستحيل ، وشيئا فشيئا بدأت الشوارع تنتشي ببهائها وجمالها ، وبدأ المواطنون يتنفسون ملء أرواحهم هواء خاليا من تلك الروائح النتنة التي كانت تزكم أنوفهم جراء التراكم المهول للقمامة ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فبعدما تم تنظيف الشوارع من تلك المخلفات ، أطلق صندوق النظافة والتحسين برنامج الجمع المباشر للمخلفات من الحارات والأحياء السكنية ، مسخرا في ذلك عددا كبيرا من العاملين والآليات ، بفترتين صباحية ومسائية ، آملا من المواطنين التعاون التام مع شاحنات النقل المباشر ، والعاملين المرافقين لها ، لتسهيل العملية وإنجاحها ، والهدف من ذلك الحد من القمامة في الشوارع والحارات ، وجعل المدينة تبدو خالية تماما من أي منظر يؤذي ناظر الزائر ، أو يقلق نفسية المقيم, وإلى جانب ذلك قام صندوق النظافة والتحسين تشجير الشوارع وتأهيل الحدائق العامة والمتنزهات بمدينة الحديدة وبعد أن تمت عملية إزالة تراكم المخلفات من كافة الشوارع . كان لابد من إضافة لمسة جمالية تسكن أنفس العابرين لها ، وقد قام قسم التشجير بصندوق النظافة والتحسين بالحديدة بتشجير الشوارع الرئيسية والفرعية بشتلات متنوعة ،وأشجار متفاوتة الأحجام بما يتناسب مع المكان ، ولصدق العزيمة في العمل فقد قاموا بتشجير شوارع لم يتم تشجيرها من قبل ، شوارع رئيسية لكنها كانت مطمورة بالنسيان والإهمال ، ولأن مايقومون به كان عملا رائعا فقد تفاعل كثير من المواطنين مع مسعاهم وأخذوا في تشجير بعض الشوارع والجولات القريبة منهم كما قاموا – قسم التشجير – بتهذيب الأشجار الموجودة من قبل بأشكال جمالية لافتة .بعدما كانت ترثي حالها الذي وصلت إليه .
بما أن المدن تحتفي دائما بمتنزهاتها ومتنفساتها السياحية من حدائق وكورنيشات ومعالم أثرية وسياحية ، وتتسابق أيضا في بنائها والعناية بها ، لما لها من أثر خالد وجميل في ذواكر أهلها وزائريها معا . فقد قام قسم التشجير بالصندوق بنقلة نوعية في إعادة تأهيل الحدائق العامة ، وبعض المتنزهات. فبعد أن مضى عليها ما يقارب العقد من الزمن يتنازعها التخريب والإهمال ، فقد كان مشروع إعادة تأهيلها من الأولويات الملحة أيضا ، والدافع في ذلك هو الوعي الحقيقي بضرورة إيجاد مثل هذه المتنفسات ، خاصة في ظل حرب لم تبقِ جميلا في هذا الوطن إلا دمرته .كما قام الصندوق بتمويل مشروع إنارة حديقة الشعب بالحديدة بخمسين لوحا شمسيا وبطاريات وإنارات ، لجعلها مأهولة بالزائرين ليلا ونهارا ، وهذا كمرحلة أولى ، وفي المرحلة الثانية سيتم إنارة حديقة المحافظة وبعض الشوارع الرئيسية بخمسين لوحا مع ملحقاتها . حسب تصريح مدير الصندوق عبدالإله الأهدل.