> اتفاق السلم والشراكة..
رحب به مجلس الأمن وجامعة الدول العربية واعتبره مبعوث الأمم المتحدة في حينه جمال بنعمر وثيقة مهمة لإيقاف الصراع وتمهيد الطريق من اجل بناء يمن ديمقراطي، كما رحبت به دول مجلس التعاون ومجموعة الدول العشر مؤكدين ضرورة تنفيذ « كامل بنود الاتفاق « بينما قالت الإدارة الأمريكية ”أن نجاح توقيع الاتفاق جنب اليمن الانزلاق « إلى متاهات الحرب الأهلية « وأكدت أن هذا الاتفاق سيمثل الركيزة الأساسية التي بنيت على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
انه اتفاق السلم والشراكة الذي وقعته القوى السياسية اليمنية في تاريخ 21 سبتمبر 2014 م واعتبره اليمنيون والعالم مخرجا مناسبا للازمة قد يصل باليمن إلى بر الأمان.
إذا ما الذي حدث؟ لماذا انقلبت بعض القوى على اتفاق السلم والشراكة الذي حظي بكل هذا الترحيب والإشادة؟
انقلاب مبكر
هل كان الإصلاح والفار هادي مؤمنين بالاتفاق عند توقيعه؟
الأحداث المتتالية التي شهدتها اليمن تقول أنها كانت مجرد مناورة فقط رغم أن بنود الاتفاق حملت أسساً لبناء الثقة وطريقاً سليماً للخروج من الأزمة فقد بدأ اليَمَنيون يتطلعون لتنفيذ الاتفاق لإنهاء الصراعات التي شهدتها البلاد، غير أن بعض القوى السياسية على رأسها الإصلاح والرئيس الفار عبدربه منصور هادي لم تؤمن بالاتفاق رغم توقيعها عليه وظلت تتلقى التعليمات من الأمريكيين والسعوديين في محاولات متسمرة لإجهاض الاتفاق من أول يوم للاتفاق ولعل الخطوة الأولى كانت عندما قام هادي بتعيينِ مدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك رئيساً للحكومة، في خطوة فاجأت الجميعَ، بما فيهم مستشاريه، الذين لم يَعلموا بخطوتِه التي اتخذها بعد اجتماعه بالسفير الأمريكي وتم التعيين بناء على طلب وترشيح السفير ولم يستشر مستشاريه الذين جرى تعيينُهم بناءً على اتفاق السلم والشراكة للإسهام في مشاورات تشكيل الحكومة.
لقد كان ذلك وما تلاه من تصعيد إعلامي في وسائل إعلام الإصلاح والمساندة لها من الخارج مؤشراً واضحاً على تنصل هادي والإصلاح من تطبيق بنود الاتفاق, ورغم الزوبعة التي أثارها الإصلاح والناصري الذي رفض التوقيع على الاتفاق حينها بحجة عدم توقيع فصيل أنصار الله على الملحق الأمني إلا أن أنصار الله وقعوا في تاريخ 27 سبتمبر على الملحق ومع ذلك استمر هادي وحلفاؤه من الإصلاح وباقي القوى يبحثون كل يوم عن مبرر للتنصل من الاتفاق.
استقالة الفار
كان يعتقد الرئيس الفار هادي انه إذا لم ينجح في إحباط الاتفاق فان هناك إمكانية لتطبيق الاتفاق بطريقته، إي أن ينفذ ما يريد منه بالطريقة التي ترضي مديريه من خلف الحدود ، لكنه صدم عند أول قرار برفض شعبي وسياسي لبعض قراراته غير الوطنية والمخالفة لما تم الاتفاق عليه.
فما كان منه إلا أن قرر التنصل من الاتفاق بطريقته الخاصة عندما قدم استقالته.
ربما تحدث لأول مرة في التاريخ أن يقدم رئيس جمهورية استقالته عبر فضائية دولة أخرى ، هذه السابقة فعلها الفار هادي ساخرا من الشعب الذي توافق على اختياره رئيساً انتقالياً لكن هذه الطريقة بقدر ما كانت مهينة له ولمنصب رئيس الجمهورية بقدر ما كشفت حجم وأبعاد المؤامرة التي اشترك فيها مع عدد من دول الإقليم، ففي 22 يناير قدَّمَ الفار هادي استقالته من منصبه كرئيس للجمهورية،عبر قناة الجزيرة من خلال ورقة كتب فيها الاستقالة وأرسلها للقناة ؛ لتتضحَ الرؤية في ذلك الحين أن أمريكا والسعودية أوعزتا إليه بذلك بعد أن أفشلت القوى الوطنية المؤامرة التي كانت تهدفُ إلى تمرير مسودة الدستور التي صاغها هادي ومَن معه على غير ما تم الاتفاق عليه، فكانت استقالة هادي وحكومة بحاح بهدف خلق فراغ سياسي يعيقُ مسار ثورة 21 سبتمبر ويحمّلها العبءَ، وفي محاولة للضغط على قوى الثورة للرضوخ للمخططات الأمريكية بشأن الدستور ومسألة الأقاليم التي كانت مطروحةً في ذلك الوقت وسعي أمريكا لإقرارها دون دراسة بهدف خلقِ صيغةٍ تسهِّلُ تقسيمَ البلاد.
خلط الأوراق من جديد
أراد هادي بهذه الاستقالة إعادة خلط الأوراق من جديد وإحباط الحوار الذي كان يديره جمال بنعمر في موفمبيك والذي كان قد أوشك ألانتها باتفاق يرسم خارطة طريق صالحة لإخراج البلد من الأزمة كما صرح بنعمر.
هادي كان يدرك أن اتفاق القوى الوطنية ونجاح الحوار كان سيضعه حتما بعد فترة
بسيطة خارج اللعبة السياسية لأنه سيعيد الكرة إلى ملعب الشعب صاحب القرار ليختار من يحكمه، وبما أن هادي كان يدرك جيدا استحالة قبول الشعب به فكان لابد من هدم المعبد على الجميع باستثناء هادي والأحزاب المتآمرة معه، فنفذ الاستقالة ومع هذا كانت القوى الوطنية تدفع باتجاه انجاز حوار موفمبيك مقدمة بعض التنازلات وعندما أوشكت القوى على الاتفاق كان هادي قد أكمل تنسيقه مع مديريه من خارج الحدود لتنفذ دول العدوان غاراتها على صنعاء وتضع حدا للحوار وللسلم وتفتح أبواب الحرب على اليمن برا من خلال المرتزقة وجوا من خلال طائراتها وبحرا من خلال البارجات الأمريكية والإسرائيلية.