هذيانات
عبدالمجيد التركي
أن تنام بداخل “كأس سبيل” ويخبرك فتحي أبو النصر أنك ستنجو..
كان القناص يرعشُ بندقيته ويطلق رصاصاً كثيراً.. أخبرته أن القنص لا يحتمل التبذير.. سألني أين أدرس، أجبته: في مصنع الغزل والنسيج..
أخذت منطاد فتحي، كان يعمل على قنينة بنزين وايرلس، ها هم قد جاءوا…. إشششش.. سآخذ سلاحي وأنطلق بالمنطاد وأنت ستحمي الأطفال.. لا تقلق، هم يجيدون القنص، لكنهم لا يستطيعون حماية رؤوسهم..
الفتى عمرو اخترقت قلبه رصاصة.. أدخل أصبعه بأكملها من ثقب في صدره، كأنه يشحن أصبعه بآخر أنفاسه، أو كأنه يهدهد الطلقة لتنام في قلبه دون عناء!!
نساءٌ يحملن جرار الماء بداخل رأسي، يتحدثن عن لياليهن المستعجلة وأزواجهن الذين يتعاملون معهن كما لو أنهن عابرات سبيل..
إحداهن تتعثّر فيندلق قليل من الماء إلى ظهري..
امرأة تشد شعر طفلها بقوة لإخراج العلكة، رغم أن المقص بجانبها..
أطفال يدحرجون إطارات السيارات وهي تحترق.. رجلٌ يمزح مع أمه فيصيبها بطلق ناري.. انهيارات صخرية.. عازفُ طبلةٍ مبتدئ.. إمام مرائي يبكي حتى عند آيات النكاح.. طفلٌ يبكي وهو يبحث عن إبهام يرضعه.. قطارٌ متهور دون مكابح.. خليط من معزوفة “أوجست روش” وأصابع “ياني” وصوت عبدالباسط عبدالصمد.. طابور طويل من الألعاب النارية.. كل هذا.. بداخل رأسي الآن.. لا أستطيع أن أغمض عينيَّ، كمية كبيرة من التراب الحار بداخلهما، ورأسي مسرح كبير.. تم إطفاء الأنوار، لم يرتفع الستار بعد، لذلك لا أحد يريد أن يصمت.
أحس بثراء فاحش، كفأرٍ حصل على طنٍّ من الجبنة.. لا أحب كلمة فاحش، لأن وزنها لا يعجبني..
في طفولتي كنت أعتقد أن “الخميرة” كلمة غير مؤدبة، وحين كبرتُ قليلاً اعتقدتُ أنها للمرضى فقد كانوا يسمونها “خميرة إسعاف”.
Magid711761445@gmil.com