المواطن يستغيث.. السلطة تبرر.. والخبراء يحذرون
تعز / سلطان مغلس –
سماسرة يقومون بفتح المياه لمناطق وإغلاقها عن أخرى مقابل رشاوى
تمثل أزمة المياه بمحافظة تعز المشكلة الرئيسية والمعقدة التي تواجه مواطني المحافظة منذ مطلع الثمانينيات ومع تعاقب الحكومات والإدارات إلا أن المشكلة لا زالت تراوح مكانها وتزداد يوما بعد آخر ولا جديد في الأمر سوى مزيد من الوعود المتكررة التي باتت تعرف جيدا طريقها نحو “مهب الرياح ومع الحكومة الجديدة وخطواتها الجادة لإصلاح مجمل الاختلالات التي رافقت المرحلة السابقة في مختلف المجالات والجهود الصادقة والمخلصة التي تبذلها قيادة محافظة تعز وعزمها النهوض بالعملية التنموية بالمحافظة وتوفير البنى التحتية وإقامة المشاريع الاستراتيجية ينظر المواطنون بعين التفاؤل والأمل لإيجاد حل جذري ” للأزمة المائية”.. »الثورة« استعرضت المعاناة مع عدد من مواطني المحافظة وناقشت رأي الجانب العلمي في جذور الأزمة ومسبباتها والحلول المناسبة للتغلب عليها ونقلتها لقيادتي المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي والسلطة المحلية بالمحافظة فإلى الحصيلة:
يقول بسام الصباري ـ حي الروضة زيد الموشكي ـ بأن مشروع المياه لم يأتهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر رغم اطلاعهم على الوسائل الإعلامية أنه من نصيب حيهم ويضيف : أصبحت هذه المشكلة تمثل هماٍ أساسياٍ لنا جميعا ومنذ سنوات ونسمع وعوداٍ لحلها إلا أننا لم نلمس أي جديد سوى مزيد من المعاناة.
ويردف بالحديث: هناك سماسرة يقومون بفتح المياه لمناطق وإغلاقها عن مناطق أخرى مقابل رشاوى تقدم إليهم دون حسيب أو رقيب ونطالب بالقضاء على هذه الظاهرة السيئة التي تزيد من المعاناة وتفاقمها بشكل أكبر ونحن نقدر جهود المحافظ شوقي أحمد هائل المخلصة لحل الأزمة ومحاسبة الفاسدين وتجفيف منابع الفساد.
في حين يرجع نشوان نعمان شمسان أساس المشكلة لمالكي الخزانات الكبيرة في المنازل وقال : يأتي المشروع وللأسف يبقى عند مالكي الخزانات الكبيرة لفترة طويلة حتى تنتهي الفترة المحددة للحي ويحرم بقية الأحياء والمنازل الأخرى وهذا ما يزيد من تفاقم المشكلة ويشير إلى أنهم في حي الروضة الشرقية تقدموا بشكوى لمحافظ تعز وبدوره أحالها الى مدير مؤسسة المياه ولم يتم تنفيذ الأوامر بفتح المياه ويضيف أصبح المواطن اليوم يعاني كثيرا في هذا الجانب ويتجه لشراء وايتات المياه التي تقدر تكلفة الواحد بـ 3000 ـ 4000 ريال وهناك أسر تقتات من بقايا الوايتات (المياه المسربة ) لعدم قدرتها على تحمل قيمة الوايت الماء وناشد المحافظ بعمل حل جذري لهذه المشكلة والعدالة في توزيع المياه حسب الجداول المحددة وتوزيعها أسبوعيا والتعامل بصدق مع المواطنين وبشفافية ووضوح.
أما زهير المخلافي ـ حي الشماسي ـ قال : أنا مغترب في المملكة العربية السعودية وعدت لوطني قبل 4 أشهر ولم أسمع أن مشروع المياه متوفر إلى اليوم ولا أدرى أين تكمن المشكلة بالضبط واعتمادنا بدرجة أساسية على وايتات المياه وقبل سفري لخارج الوطن قبل 7 سنوات سمعت أن هناك وعوداٍ لحل هذه المشكلة لكني عدت ولا زالت كما هي بل ازدادت سوءاٍ.
وأردف : نأمل خيرا بتحسن الوضع وخاصة بعد الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي قام بها أبناء الوطن الشرفاء والقضاء على منابع الفساد الذي ظل جاثما على صدورنا وننطلق الى الأمام بفضل الله ثم القيادة الجديدة.
عز الدين الصبري- حارة النسيرية العلياء ـ وقال: الحقيقة هناك تحسن طفيف في خدمة المياه ولكن تظل المشكلة قائمة والإصلاحات بطيئة ونأمل تواصل الجهود من قيادة المؤسسة المحلية للمياه والمحافظ لإصلاح الاختلالات التي لا تزال قائمة ومتمثلة بسوء توزيع المياه ويستدرك : لكن ما واجهناه للأسف وصول مشروع المياه برائحة كريهة ولا ندري ماهو السبب لكن في الآونة الأخيرة انتهت هذه الظاهرة وهناك تحسينات جيدة وجهود طيبة ونأمل أن تستمر وهذا كله بفضل القيادة الجديدة للمحافظة.
عمر عبد السلام القاضي ـ حي المقوات عصيفرة ـ قال بأن المشروع له أكثر من ستة أشهر ويأتي للأحياء المجاورة والمحابس مغلقة في حارتنا لا ندري لماذا وهناك تهاون في توزيع المياه وإذا تم التوزيع بشكل عادل أعتقد بأن المشكلة ستخفف وسيشعر المواطن بنوع من الارتياح.
الجانب العلمي
> وعن حجم المشكلة في جانبها العلمي وأسباب ندرة المياه وجفاف مصادرها تحدث أستاذ المياه والبيئة المشارك بجامعة تعز الدكتور عبد اللطيف المنيفي حيث أشار إلى أن معدل ما تحتاجه مدينة تعز من المياه في الوقت الحالي يتجاوز 50 ألف متر مكعب يوميا بينما ما يتم إنتاجه لا يزيد عن 15 ألف لتر مكعب مستعرضا الزيادة العمرانية والكثافة السكانية المتزايدة في المدينة والتي تؤثر سلبا على حاجة الناس من المياه منوها بضرورة مواكبة تلك الزيادة ارتفاع في معدل المصادر المائية وإيجاد بدائل مناسبة لكون المتوفر حاليا لا يفي ولو بـ10 ٪ من الحاجة الأساسية للمواطنين محذراٍ من الاستنزاف العشوائي التي تتعرض له المصادر المائية بالمحافظة من حفر عشوائي يدوي من المواطنين وما يقابل ذلك من تساهل وتسيب من الجهات الحكومية وعدم إدراك حقيقي لحجم الكارثة التي يسببها الاستنزاف العشوائي ودعا أستاذ المياه والبيئة بجامعة تعز للاستفادة من حصاد مياه الأمطار وتكوين أحواض مائية وسدود وخزانات للاستفادة منها محذرا من كارثة حقيقية وأزمة مائية حادة ستتعرض لها مدينة تعز في الفترة القليلة المقبلة إن لم يتم الإسراع والتعجيل في توفير البدائل المناسبة وأهمها الإسراع بإنجاز مشروع تحلية مياه البحر.
الأزمة متراكمة
> مدير عام المؤسسة للمياه والصرف الصحي بمحافظة تعز المهندس عبد السلام الحكيمي أرجع جذور الأزمة إلى ثمانينيات القرن الماضي وأن المشكلة تكمن في شحة الموارد المائية وأيضا إدارية متراكمة نتيجة الفساد القائم منذ الفترات الماضية وأشار إلى أن المصادر المائية بالمحافظة تعاني من شحة وندرة أيضا ويبقى الحل في الوقت الحالي الحصول على مياه من مصادر دائمة ومستدامة وآمنة وكان مشروع تحلية مياه البحر أحد هذه الوسائل منوها بأن نسبة المياه المنتجة من كافة حقول المياه على مدى السنوات الماضية لم تكن تكفي لعدد المشتركين التي ظلت تتزايد دون زيادة تذكر في موارد المياه بل هناك نقص وتدن لما كان ينتج.
كارثة حقيقية
> وكيل محافظة تعز للشئون الفنية والبيئية المهندس عبد القادر حاتم قال بأن السلطة المحلية بالمحافظة تولي قطاع المياه أولوية قصوى بين أولوياتها مشيرا إلى أن أساس مشكلة المياه تكمن بنضوب مصادر المياه كالآبار والغيول وعدم توفير بدائل أخرى مناسبة مؤكدا ضرورة الإسراع في إنجاز مشروع محطة التحلية لمياه البحر وإنقاذ سكان مدينة تعز من كارثة حقيقية مضيفاٍ أن الدراسات الخاصة بالمشروع تم استكمالها فيما يخص الخط الناقل لمياه التحلية وهناك تصور لإطار قانوني مع القطاع الخاص في كيفية مساهمة كل طرف بالعمل وقد شْرع العمل بمشروع الكهرباء الخاص بالتحلية وهناك خطوات جدية من الجهات الحكومية ممثلة بوزارة المياه والبيئة وقيادة السلطة المحلية بمحافظة تعز ونأمل أن تنجح المباحثات بين الجانب اليمني والسعودي سريعا وينجز المشروع ويخرج إلى النور.
وأشار إلى أن السلطة المحلية بالمحافظة شرعت بتكوين لجنة إشرافية لخطة الإدارة المتكاملة للموارد المائية بالمحافظة وأقرت مصفوفة الإجراءات والتوصيات التي تمخض عنها مؤتمر التنمية المستدامة الذي انعقد منتصف الشهر الماضي بالمحافظة والمتعلقة بقطاع المياه. مشيرا إلى أن اللجنة أكدت في اجتماعها الأخير تحديث دراسات مشاريع مياه وادي رسيان وتنفيذ دراسة متكاملة للحوض المائي لــوادي ورزان واستكمال الدراسات النهائية لحصاد مياه الأمطار ومتابعة تنفيذ مشروع التحلية وتأهيل وتشغيل سد العامرة وتفعيل التشريعات الخاصة بمنع الحفر العشوائي.