دونما مبالغة .. لقد التقى الاستعمار القديم والجديد على سايكس بيكو جديد يعمد إلى تقسيم العربي المقسم وتجزيء المجزأ بطريقة بدأت بتأكيد أن الشعب يريد ثم التفت على الشعوب وانتقلت بها من خط ” الفوضى ” الخلاقة إلى زمن ” التوحش ” الخلاق أيضا.
·    وفي نظرتهم إلى اليمن بدا كما لو أن البعيد والقريب يريدون الثأر من التاريخ بضرب التاريخ والجغرافيا معاً على النحو الذي نراه حين التفكير في سؤال ما الذي تبقى من اليمن الموحد؟ وكم من الأرواح صعدت ومن الدماء نزفت على مذابح إقليمية تلعب تحت السقف الأمريكي بسيناريوهات يفترض أن تكون طويلة الأجل فإذا بأحصنة طروادة المحلية تسارع في تنفيذها بسرعة ماراثونية على الحتف الكارثي .
·    وإلى ما قبل يوم على ذكرى مرور عام على العدوان كنت في حالة هي خليط من غسل اليد بالماء والصابون وشيء من صرخة ( مافيش فايدة غطيني ياصفية) غير أن الحشود الملايينية التي شاهدناها في ساحتي جنوب العاصمة وشمالها ” السبعين والروضة ” وامتداداتهما أكدت أن الوعي الشعبي هو أمضى من قيادات سياسية وجهوية أوردت اليمن موارد التهلكة .
·    لم تتفق القوتان على ساحة بخلفية الرغبة في اختبار الثقل في ميدان الاحتشاد كما هو حال المؤتمر الذي أراد أن تكون الحصيلة اثنين في واحد .. لكن المحصلة التي استدعت مقولة رشيد رضا ( لنتعاون في ما نتفق عليه وليعذر كل منا الآخر في ما اختلفنا فيه ) تجاوز الأبواق التي رأت في الساحتين نذر مواجهة فإذا بالنتيجة لا تصادر الحاجة لأن يكون الكل في واحد والواحد في الكل.
·    لم يحدث ما يعكر الصفو بل أن بعض من احتشدوا هنا تواجدوا هناك وأخفقت رسائل التحذير والتهديد من حدوث مالا تحمد عواقبه كدليل على استجابة القدر للشعب عندما يريد في اللحظات الأصيلة الفارقة.
·    ولم يكن المشهد في الساحتين غير تأكيد جديد على أن الروح الشعبية قادرة على أن تحقن الدماء من ذات الأمكنة التي انطلقت منها الصرخات ضد استمرار قتل اليمنيين وتدمير مقدراتهم .
·    ويا سبحان الله كيف للوعي الشعبي المثقل بالفقر والمعاناة أن يقفز فوق مخططات ورغبات الإفك السياسي بمن فشلوا في السلم ، وفشلوا في الحرب ، وفشلوا وهم في الحكم ، وفشلوا وهم في المعارضة .
·     ثم سبحان الله كيف تتواصل الدهشة من تعليم لم يرتق بأذهان وقلوب أصحابه فإذا بحملة أقلام وميكرفونات يصدمون بغير ما بشروا به وإذا بمفسبكين يجترون ثقافة اللطم .
·    أما ما يجب أن يؤخذ في اعتبار كل القيادات فهو الخوض الجدي في تبديد كل ما لدى الآخر من مخاوف ، حيث حان للوطنية اليمنية أن تقف في جبهة الحفاظ على ما تبقى من الدولة بعيداً عن ثقافة من يتوهم أن كرامته أو حتى جموحه السياسي يفرض التمسك بفكرة بائسة تفرق ولا تجمع .
·    بمنطق الواقع والتاريخ والمصلحة الوطنية  العليا الحالة اليمنية تقتضي لجم النفس الأمارة بالسوء وتجنب شتى صور الاستعجال والغرور بفواصل التبعية والهدم.
·    مهم وضروري جداً مراجعة الأخطاء وتذكر أن النار لا ترحم الفراشة الغبية، وأن البندقية لا تحترم العصفورة الساذجة، وأن الصياد لا يهتم بكون السمكة تعاني من الذاكرة الضعيفة .
·    حفظ الله اليمن .